من المرجح أن تختتم الأسواق الناشئة عام 2023 بتحقيق أفضل عوائد منذ سنوات، إذ قادت الرهانات على تخفيضات أكبر وأسرع لأسعار الفائدة الأمريكية إلى صعود كبير في أواخر السنة الحالية عبر كافة أنحاء دول العالم النامية.
يتجه مؤشر الأسهم الرئيسي “إم إس سي آي” للأسواق الناشئة إلى النمو 6.7% العام الجاري، ما يقطع سلسلة خسائر دامت سنتين، ويتجه المؤشر بقيمة العملة المكافئة إلى الارتفاع 4.7%، في أكبر صعود سنوي منذ 2017.
في أسواق الديون، تتطلع عائدات السندات المقومة بعملات الأسواق الناشئة إلى الارتفاع 6.3%، ما تعد أفضل سنة منذ 2020، في حين جنت الديون المقومة بالدولار عائدات بنسبة 11%، كأكبر عائد خلال 4 سنوات.
وهبطت تكلفة تأمين التعرض لأصول الأسواق الناشئة، إذ انخفضت عقود مقايضات مخاطر الائتمان عبر 22 جهة إصدار سيادية بمتوسط 72 نقطة أساس لتسجل مستويات شوهدت آخر مرة سبتمبر 2021.
موضوعات أساسية
قال ريكاردو أدروج، رئيس مجموعة الديون السيادية والعملات العالمية “بارينجز”، إن خفض معدلات التضخم وتحقيق النمو والسياسة النقدية الأمريكية ستبقى الموضوعات الأساسية بالنسبة للأسواق الناشئة خلال 2024.
أضاف: “ما زالت الأسواق الناشئة بصفة عامة قادرة على تحقيق قيمة، خاصة وسط عالم من المحتمل أن يكون فيه الدولار قد بلغ هو وأسعار الفائدة الأمريكية الذروة”.
تراجع الدولار 3% العام الحالي، في أكبر هبوط سنوي منذ 2020، وسط رهانات على أن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سيقلص أسعار الفائدة بما لا يقل عن 150 نقطة أساس، بداية من مارس المقبل.
ويرجح المضاربون أن يُضعف ذلك العملة الأمريكية بدرجة أكبر خلال الأشهر المقبلة.
رغم ذلك، حذر “أدروج” من المخاطر الجيوسياسية التي ربما قد تُحدث تقلبات بالأسواق الناشئة.
يعد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب هو المرشح الأوفر حظاً للترشح عن الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية بالولايات المتحدة الأمريكية السنة المقبلة.
“سيثير بلا شك فوز ترمب بالرئاسة حالة من الاضطراب عالمياً، ويكمن السؤال في مدى هذا الاضطراب”، بحسب “أدروج”.
فيما يلي نستعرض بعضاً من وجهات النظر حول ما قد تخبئه السنة المقبلة للأسواق الناشئة:
أسواق العملات
كانت عملات أمريكا اللاتينية هي الفائزة العام الجاري، بقيادة البيزو الكولومبي الذي ارتفع 25% أمام الدولار.
يتوقع جيسون ديفيتو، كبير مديري المحفظة في “فيديريتد هيرمس”، استمرار تفوق الأداء على المستوى الإقليمي.
أضاف: “نتوقع عموماً سنة قوية لأميركا اللاتينية بفضل أسعار السلع العالية، ربما بسبب المزيد من برامج تحفيز الاقتصاد في الصين، واستمرار نجاح جهود كبح التضخم في الأنظمة النقدية لأمريكا اللاتينية”.
أشار ديفيتو، إلى أن مصداقية البنوك المركزية عموماً تبقى قوية عبر كافة أنحاء بلدان العالم النامية، ما يساعد على تخفيض فارق علاوة المخاطر.
في حين أن أسعار الفائدة الأمريكية ينبغي أن تعزز المكاسب على المدى القريب، فإنه يتوقع أن الأنظمة النقدية والمالية المتطورة على مستوى العالم ينبغي لها تحقيق عوائد مرتفعة لعملات الأسواق الناشئة.
أسواق السندات
يتوقع مانيك نارين، رئيس وحدة استراتيجية الأسواق الناشئة في مصرف “يو بي إس”، أن يشهد العام المقبل مكاسباً وفيرة تبلغ 10% لعوائد سندات الأسواق الناشئة بالعملة المحلية.
توقع نارين، أن تقع الأسواق الناشئة في نطاق إيجابي لدورة تخفيض معدل التضخم”، في حين أن التضخم الأساسي -الذي يستبعد أسعار الطاقة والغذاء- لم يهبط بنفس وتيرة الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أنه يتوقع حدوث ذلك خلال الفترتين الربع سنوية المقبلتين.
أسواق الأسهم
ظهرت بعض الأسماء غير المتوقعة في قائمة أفضل أسواق الأسهم العالمية أداء خلال 2023، بما فيها سريلانكا ولبنان.
وينصح جيسون زيفير، رئيس وحدة أسواق رأس المال لصناديق المؤشرات المتداول بمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في شركة “فرانكلين تيمبلتون” العملاء بالتركيز السنة المقبلة على الأسواق البعيدة عن الأنظار والتي تعد مرشحة لتحقيق أداء قوي”.
يشعر زيفير، بالتفاؤل أيضاً تجاه الأسواق المال في الدول الناشئة التي يغلب على اقتصادها وجود شركات تكنولوجيا كبيرة مثل تايوان وكوريا الجنوبية، إذ يرى تمتعها بوضع مناسب يسمح لها بالاستفادة من الهوس العالمي تجاهالذكاء الاصطناعي.
ويتوقع أن يتفوق أداء الهند أيضاً، مشيراً إلى “تمتعها بميزات من حيث طبيعة التركيبة السكانية”.