نجحت تركيا في تضييق عجز الحساب الجاري خلال العام الماضي، بعدما آتى التحول الكبير في سياساتها النقدية بثماره، ونجح في تهدئة الطلب المحلي في الاقتصاد البالغ حجمه تريليون دولار تقريباً من خلال الزيادات الحادة في أسعار الفائدة.
أظهرت بيانات ميزان المدفوعات، التي نشرت اليوم الثلاثاء، أن الفجوة في الحساب الجاري، الذي يعد أوسع مقياس للتجارة والاستثمار، تقلصت إلى 45.2 مليار دولار للعام الماضي بأكمله، مقارنة بـ49.1 مليار دولار في 2022.
وعلى الرغم من تحسنه منذ شهر مايو، حيث حققت البلاد أربعة أشهر من الفوائض أو العجز القريب من الصفر، فقد تدهور الحساب الجاري في نهاية عام 2023 إلى حد كبير نتيجة لارتفاع فاتورة الطاقة.
وبلغ العجز في ديسمبر 2.1 مليار دولار، وفقاً لبيانات البنك المركزي، وهو رقم دون توقعات الاقتصاديين الذين استطلعت بلومبرج آراءهم.
يعكس هذا العجز الكبير التحديات التي لا تزال تواجه صناع السياسات النقدية في تركيا، ممن يحاولون انتشال الاقتصاد الذي تعثر لفترة طويلة بسبب الاختلالات التجارية.
ورفع البنك المركزي سعر الفائدة الرئيسي بأكثر من خمسة أضعاف إلى 45%، وأشار في يناير الماضي إلى أنه أنهى دورة طويلة من التشديد النقدي، والتي دامت 8 أشهر بدأت بعد الانتخابات الرئاسية في مايو الماضي.
تركيا تشهد تحولاً مستمراً
يبدو أن التحول الكامل بالسياسة النقدية في تركيا لا يزال يسير على قدم وساق، رغم الاستقالة المفاجئة لمحافظة البنك المركزي السابقة حفيظة غايا أركان. وتم تعيين فاتح كاراهان، عضو لجنة تحديد أسعار الفائدة والذي يتمتع بخبرة تزيد عن 10 سنوات كخبير اقتصادي محترف في الولايات المتحدة، كخلف لها في المنصب، حيث حافظ على بقاء الفريق الاقتصادي الذي يناصر اتباع سياسات نقدية أكثر تقليدية.
في حديثه الأسبوع الماضي، عزا كاراهان الفضل في تحسن الحساب الجاري إلى تشديد السياسة النقدية.
كما توقع المحافظ الجديد -الذي أبقى الباب مفتوحاً أمام احتمال تطبيق مزيد من زيادات أسعار الفائدة إذا لزم الأمر- انخفاض عجز الحساب الجاري إلى 4% من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية عام 2023 مقارنة بـ5.3% في 2022. وتهدف تركيا إلى خفض النسبة إلى 3.1%. في 2024، وفق برنامج الحكومة متوسط الأجل الذي نُشر في سبتمبر الماضي.








