رغم أن الشركات المصنعة الصينية لا تشكل سوى جزء صغير من سوق طاقة الرياح في أوروبا البالغ حجمه 57.2 مليار يورو، فقد أطلقت بروكسل تحقيقًا لمعرفة ما إذا كانت المجموعات الصينية تستفيد من دعم حكومي غير عادل لخفض الأسعار والحصول على ميزة تنافسية.
في أبريل الماضي، اتهمت مفوضة المنافسة في الاتحاد الأوروبي، مارجريت فيستاجر، الصين بتكرار “السيناريو” نفسه الذي استخدمته للسيطرة على صناعة الألواح الشمسية عبر تقديم دعم حكومي ضخم في قطاع التكنولوجيا النظيفة.
يخشى بيير تارديو، رئيس السياسات في مجموعة التجارة “ويند يوروب”، التي تمثل 550 مجموعة تعمل في مجال الطاقة المتجددة في المنطقة، من “نقطة تحول” قد تبدأ فيها الشركات الصينية بالهيمنة على سوق توربينات الرياح الأوروبي، الذي تتصدره حاليًا شركتا
“فيستاس” الدنماركية و”سيمنز جاميسا” الألمانية.
وقال تارديو: “نعتقد بشدة أن هذا سيكون خبراً سيئاً للغاية لسوق الرياح الأوروبي وللاقتصاد الأوروبي بشكل عام”.
وتدعي “ويند يوروب”، التي تضم في عضويتها كبار مصنعي التوربينات في المنطقة، أن الشركات الصينية تقدم أسعاراً تقل بنسبة 40% إلى 50% عن نظيراتها الأوروبية، وتتيح للمطورين تأجيل الدفعات، وترى أن هذه الأسعار غير ممكنة دون الدعم الحكومي غير العادل.
الشهر الماضي، اختارت شركة “لوكسكارا” الألمانية لإدارة الأصول، شركة “مينج يانج”، رابع أكبر صانع لتوربينات الرياح في الصين من حيث الحصة السوقية لعام 2023، كمورد مفضل للتوربينات في مشروعها لطاقة الرياح البحرية.
وقال هولجر ماثييسن، مدير مشروع “لوكسكارا”، إن هذه النماذج هي “الأكثر قوة في العالم”، وأن الصفقة ستساعد الشركة في “تسريع تحول الطاقة في ألمانيا”.
وفي المملكة المتحدة، اختارت مجموعة التكنولوجيا النظيفة السويدية “هيكسيكون” أيضًا “مينج يانج” كمورد مفضل لمشروعها المخطط لطاقة الرياح البحرية العائمة.
ويقر رؤساء شركات آخرون بأن الأسعار الأرخص قد تدفعهم للانتقال إلى الموردين الصينيين.
وقال ميجيل ستيلويل دأندريد، الرئيس التنفيذي لشركة “إي.دي.بي” البرتغالية لتطوير طاقة الرياح: “لا نملك أي توربينات صينية، لكن إذا استمرت الأسعار على هذا المستوى، أعتقد أنك ستبدأ في رؤية المزيد من الشركات تستخدمها. سننظر أيضًا في هذه التوربينات إذا كانت أكثر تنافسية”.
وأضاف إجناسيو جالان، الرئيس التنفيذي لشركة “إيبردرولا” الإسبانية، أن الشركة تميل إلى التركيز على الموردين المحليين، لكن إذا كان المصنعون الصينيون “يصنعون توربينات موثوقة وتنافسية، فسنكون مستعدين للنظر إليهم كموردين محتملين”.
مع ذلك، فإن الشركات الصينية أمامها طريق طويل للحاق بنظيراتها الأوروبية، حيث استحوذت شركتا “جولد ويند” و”ويندي” الصينيتين على 1% فقط من حصة السوق في أوروبا العام الماضي، وفقًا لمجلس طاقة الرياح العالمي.
وأكدت غرفة التجارة الصينية في الاتحاد الأوروبي أن “التنافس التكنولوجي والمنافسة الشديدة، ليس الدعم الحكومي، هما ما يدفعان تنافسية الشركات الصينية”، مضيفة أن تحقيق الاتحاد الأوروبي في دعم الشركات الصينية أثار “استياء وقلقاً عميقين”.
واتفق مجلس طاقة الرياح العالمي، الذي يضم في عضويته شركات صينية مثل “تشجيانغ ويندي” و”مينج يانج”، على أن الحفاظ على “ممارسات تجارية عادلة وشفافة” أمر مهم في مواجهة التدابير التي أطلقها الاتحاد الأوروبي لحماية وظائف التكنولوجيا النظيفة ضد الواردات من بكين.
وأثارت هذه التدابير، التي تشمل تحقيقات الاتحاد الأوروبي في دعم الشركات الصينية، مخاوف من أنه بدون التكنولوجيا الصينية قد تفشل المنطقة في تحقيق أهدافها المتعلقة بخفض انبعاثات الكربون، إذ حدد الاتحاد الأوروبي أهدافاً مناخية صارمة يقدر أنها قد تتطلب استثمارات تصل إلى 1.5 تريليون يورو سنويًا.








