توقع مكتب “التميمي ومشاركوه” فى تقرير حديث، أن يشهد عام 2025 دفعة تشريعية وتنظيمية قوية في مصر، في ظل سعي الحكومة إلى جذب استثمارات جديدة، وتحسين تنافسية السوق المصرية.
وتعد مصر واحدة من أكثر الأسواق نشاطًا على مستوى التحديثات القانونية في المنطقة، عبر حزمة قوانين تغطي سوق العمل، والتأمين، والإعلام، والتعليم، والتكنولوجيا المالية.
أكد التقرير أن مصر تتجه خلال عام 2025 نحو بيئة قانونية أكثر انضباطًا وانفتاحًا، عبر توازن دقيق بين الإصلاحات الاقتصادية وتحديث البنية التشريعية.
ويمثل هذا التوجه فرصة كبيرة أمام المستثمرين المحليين والأجانب، لا سيما في ظل التحديات الإقليمية، وسعي القاهرة إلى تصدر خريطة الاستثمارات النوعية في المنطقة.
قانون العمل الجديد.. نحو توازن أكبر بين الحقوق والمرونة
دخل قانون العمل رقم 14 لسنة 2025 حيز التنفيذ حاملاً معه حزمة تعديلات من شأنها إعادة تشكيل العلاقة بين أصحاب الأعمال والعاملين.
ينص القانون على قواعد أكثر وضوحًا فيما يتعلق بالتعاقدات، وتنظيم العمل المؤقت، ووضع ضوابط للفصل وإنهاء الخدمة، كما يمنح مرونة أكبر لترتيبات العمل عن بعد، بما يتوافق مع التغيرات في سوق العمل ما بعد الجائحة.
وبحسب التقرير، فإن التشريع الجديد يسعى إلى تقليل النزاعات العمالية وتحسين مناخ الأعمال، كما يُنتظر صدور لوائح تنفيذية خلال الأشهر المقبلة لتوضيح الجوانب الإجرائية.
تنظيم الإعلانات الإعلامية والصحية: تقنين المحتوى ورفع الكفاءة
وتحت مظلة المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، أُقر القرار رقم 9 لسنة 2025، الهادف إلى ضبط سوق الإعلانات الطبية والصحية، لا سيما على المنصات الإعلامية.
ووضع القرار ضوابط جديدة للجهات المعلنة، وفرض التزامات تتعلق بالموافقة المسبقة، وتقديم إثباتات علمية للمحتوى الإعلاني.
وأشار التقرير إلى أن هذه الإجراءات ستسهم في رفع جودة المحتوى المعروض للجمهور، والحد من ظاهرة الإعلانات المضللة، خصوصًا مع اتساع رقعة الإعلام الرقمي. وتُعد هذه الخطوة بمثابة أول تنظيم رسمي شامل في هذا المجال منذ سنوات.
متطلبات رأس المال في التأمين: ضبط مالي لتعزيز الاستقرار
ضمن إجراءات أوسع لتعزيز الاستقرار المالي، أصدرت الهيئة العامة للرقابة المالية قرارًا برفع الحد الأدنى لرأس المال المطلوب من شركات التأمين، وذلك بموجب القرار رقم 196 لسنة 2024، والذي دخل حيز التنفيذ مع بداية العام الحالي.
التعديلات تستهدف تحسين قدرة الشركات على الوفاء بالتزاماتها، وتعزيز تصنيفها الائتماني، لا سيما في ظل التوسع في تغطيات التأمين المرتبطة بالمشروعات القومية والبنية التحتية. ووفقًا للتقرير، فإن المتطلبات الجديدة قد تدفع بعض الشركات الصغيرة إلى الاندماج أو إعادة الهيكلة خلال الأشهر المقبلة.
قطاع التعليم الخاص: فرص للنمو وسط إصلاحات تنظيمية
ولفت التقرير إلى توجه متزايد نحو تمكين القطاع الخاص في التعليم، من خلال تسهيلات تشريعية تتعلق بتأسيس المدارس والجامعات، وتمويل التوسعات، لا سيما للفروع الجامعية الدولية. كما يجري العمل على تعديل بعض القيود التي تعيق الحصول على التمويل العقاري التعليمي، بما يتيح للمستثمرين فرصًا أوسع لدخول هذا القطاع الحيوي.
وبحسب التقرير، تحتضن مصر قاعدة طلابية ضخمة، وتواجه فجوة في جودة وكفاءة الخدمات التعليمية، مما يجعل من الإصلاحات التنظيمية المرتقبة أداة رئيسية لجذب الاستثمارات طويلة الأجل.
التكنولوجيا المالية: تقنين تدريجي وسط تسارع النمو
ويرى التميمى ومشاركوه، أنه مع بروز مصر كسوق ناشئة للتكنولوجيا المالية، تعمل الجهات التنظيمية على وضع إطار تشريعي متدرج لتنظيم القطاع.
ويبرز التقرير اعتماد البنك المركزي المصري على آلية sandbox التنظيمية، التي تتيح اختبار منتجات جديدة في بيئة خاضعة للرقابة، ما يوفر توازنًا بين الابتكار وحماية المستخدمين.
وتشمل أبرز الاتجاهات في هذا الصدد تنظيم مزودي خدمات الدفع، وتعزيز أطر مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، إلى جانب احتمالات إصدار تراخيص للبنوك الرقمية خلال النصف الثاني من 2025.
تسهيل تأسيس الشركات وتحديث الإطار الإداري
في إطار تحسين بيئة ممارسة الأعمال، بدأت الحكومة في تبسيط إجراءات تأسيس الشركات المحلية والأجنبية، من خلال التوسع في الخدمات الرقمية للهيئة العامة للاستثمار، وتطوير البوابة الموحدة لتراخيص الأنشطة الاقتصادية.
كما أُدخلت تعديلات على نظام عمل المكاتب التمثيلية للشركات الدولية، بما يتيح تواجدًا قانونيًا أكثر مرونة في السوق، دون الحاجة إلى تأسيس كيانات مستقلة. ويرى التقرير أن هذه الإجراءات من شأنها تسريع الدورة الاستثمارية، وتدعيم ثقة المستثمر الأجنبي.








