وجه حريق سنترال رمسيس، الشهر الماضي، إلى أهمية تغطية المنشآت تأمينيا، خصوصا مؤسسات الاتصالات، إضافة إلى تغطيات الأفراد.
وآثار الحريق ضجة واسعة، لا سيما بعد انقطاع الاتصالات وخدمات الإنترنت ببعض مناطق القاهرة والمحافظات، إضافة إلى تعطل النظم الإلكترونية بالبنوك والشهر العقاري والضرائب وغيرها.
و”مصر للتأمين” هي صاحبة وثيقة تأمين سنترال رمسيس بما يزيد على 2.3 مليار جنيه، فضلًا عن أنها تملك بوليصة تأمين كل منشآت “المصرية للاتصالات” إضافة إلى محطات تقوية “وي” بجميع المحافظات، بقيمة 7 مليارات تقريبًا.
قال مصدر تأميني مطلع لـ”البورصة”، إن سنترال رمسيس لا يملك تأمينًا ضد الأعطال الهندسية أو الأخطاء المهنية، وإنما التغطية لديه لا تشمل سوى مخاطر الحريق فقط ، مستبعدًا كذلك امتلاكه وثيقة المسئولية المدنية ضد الغير.
وأشار إلى أن “مصر للتأمين” أجرت معاينة مبدئية للأضرار ولم تقدّر قيمتها بعد، ولكن أعمال الترميم الجزئي بدأت بالفعل بواجهة المنشأة.
أضاف أن شركات الاتصالات، عامة، تحرص على شراء وثيقة أخطار التركيب والتوريد، لتغطية مخاطر فترة الإنشاءات التي تسبق تدشين المشروعات الكبرى، كمحطات التقوية ومد الكابلات ونقل المعدات وغيرها، و”لكنها تنتهي بالفروغ من مدة الإنشاء”.
الغطريفي: لابد من إعادة تقييم الممتلكات في ظل التضخم المتنامي حاليًا
وقال محمد الغطريفي، وسيط التأمين، إن شركة التأمين المسئولة عن تغطية سنترال رمسيس ستدفع التعويضات فور انتهاء النيابة العامة من التحقيق في الحريق وصدور التقرير النهائي للخبير. بعدها تقدم شركة المصرية للاتصالات المستندات إلى “مصر للتأمين” ويتم تسليم التعويضات خلال شهر، بعد مقارنة الخسائر بشروط الوثيقة ومعرفة مدى تغطيتها للحادث، ويتم بعدها طلب المستندات القانونية واتخاذ إجراءات المعاينة.
أضاف أن إصدار وثيقة تأمين لكيان ضخم مثل سنترال رمسيس، لم يتم إلا بعد استيفاء جميع التوصيات التي حددها خبراء المعاينة، موضحا أن شركات التأمين تخصص خبراء معتمدين من هيئة الرقابة المالية لمعاينة الأخطار وفحص وسائل الوقاية، لتحديد نواقص إجراءات الحماية، ومتابعة إجراءات سد ثغراتها في مدة محددة، ومن ثم قبول شركات التأمين تغطية تلك المنشآت.
وحول أسعار التأمين، أوضح الغطريفي أنها تتوقف على جودة وسائل الوقاية، كأدوات الإطفاء وفرق مواجهة الحريق والأمن الصناعي والفحص الدوري للأنظمة الحمائية. فمتى توافرت تلك الوسائل بصور جيدة يتم احتساب السعر التأميني بصورة عادلة لا ضرر ولا ضرار فيها.
ولكن إذا تهاونت بعض المنشآت في استدراك سبل الوقاية بها، فإن شركات التأمين قد ترفض التغطيات لما تمثله من مخاطر على ملاءتها.
وكشف وسيط التأمين أن حساب قيمة الممتلكات الحقيقية شرط أساسي لصرف التعويضات في الوقت الحالي وفق بنود وثائق مختلف شركات القطاع (المعروف بشرط النسبية)، إذ إن إعادة تقييم الممتلكات أمر لا بد منه في ظل التضخم المتنامي حاليًا، ولهذا تدعو شركات التأمين عملائها دائمًا لإعادة تقييم المؤمن عليه.
وذكر أن هناك العديد من المنشآت الحكومية غير مؤمنة، داعيًا مختلف الجهات إلى ضرورة تغطية مخاطرها بالتأمين.
مصطفى: مؤسسات الاتصالات العملاقة يمكنها استحداث وثيقة للأعطال
وكشف وليد سيد مصطفى، خبير التأمين الاستشاري والعضو المنتدب لشركة مدى للتأمين، أن منشآت الاتصالات العملاقة يمكنها التأمين ضد مخاطرها “مجمّعة” في وثيقة واحدة، تغطي الحريق والأخطار الإضافية والشغب والأعطال الفنية والمسئولية المدنية وغير ذلك من الحوادث المتعددة، ولكنها لا تشمل المخاطر الشخصية، إذ إن المختص بالأخيرة شركات تأمينات الحياة.
وأضاف أن مؤسسات الاتصالات العملاقة يمكنها استحداث وثيقة للأعطال الهندسية والأجهزة الإلكترونية، ويمكن كذلك أن تكون تلك المخاطر مُلحقة ببوليصة التأمين الهندسي، حسب اختيار الكيانات الكبرى.
أشار الخبير التأميني إلى أن تلك الإجراءات تحمي كيانات الاتصالات الكبرى من تكبد خسائر أعطالها التي قد تتكرر، إذ تتولى شركات التأمين التعويضات وإصلاح التالف أو استبداله.
الحملي: الشركات تعتمد على خبراء البيانات والذكاء الاصطناعي لتقدير المخاطر
وقال إبراهيم الحملي، مهندس السلامة والصحة المهنية بإحدى شركات البترول الوطنية، إن شركات التأمين تعتمد على مصادر بيانات متنوعة لتغطية مخاطر الحرائق بمنشآت الاتصالات وغيرها، مثل معلومات خصائص البناء (نوع السقف، عمر المبنى، وجود الرشاشات) وقيم الإشغال والمحتويات، وجودة الحماية من الحرائق.
أضاف أن خدمات منظمة ” ISO” التي تقدمها شركة” Verisk” على سبيل المثال، إذ تجمع المنظمة بيانات حول قدرات مكافحة الحرائق في مختلف المنشآت ومنها الاتصالات وتمنحها درجة ( (PPCعلى مقياس (1 : 10) وتدمج شركات التأمين تصنيفات ISO في تغطيتها التأمينية.
قائلًا: “المنشآت الحاصلة على تصنيف 1 تعد ذات خدمة إطفاء نموذجية، وتحصل على أسعار أقساط تأمينية أقل من تصنيف 9 أو 10 ذات خدمة الإطفاء المحدودة”.
وحسب الحملي، فإن خبراء البيانات يوفرون تفاصيل حول المباني من خلال قواعد سجلات العقارات أو أجهزة الاستشعار أو الأقمار الصناعية، التي تشير إلى قرب المنشآت من المخاطر أو بعدها عنها، إذ ظهرت تحليلات تعتمد على الذكاء الاصطناعي لفحص صور العقارات، لبحث قابليتها للدفاع ضد الحرائق أو المواد قابلة للاشتعال، ما يساعد شركات التأمين.
أضاف أن شركات السلامة المهنية تدعم منشآت الاتصالات المؤمنة وقطاع التأمين، موضحًا أن تركيب أنظمة الإنذار والرش والطلاءات المقاومة للحريق تُركز على منع الخسائر، إذ يمكن أن يُخفّض تركيب نظام إنذار أو نظام إخماد حرائق معتمد، قسط تأمين الحريق للمنشأة المؤمنة ويكفي شركة التأمين الخطر بنسبة كبيرة.








