أصبح الذكاء الاصطناعي كلمة السر في أغلب التحولات الرقمية، في ظل الطفرة التكنولوجية التى يشهدها العالم بشكل غير مسبوق، لكن ثمة فجوة كبيرة بين ما يُقدّمه الغرب من تقنيات متقدمة وبين ما تحتاجه منطقتنا العربية فعلًا.
فالنماذج العالمية التي تُبنى بلغات أجنبية غالبًا ما تفشل في فهم اللهجات العربية وثقافتنا المحلية، وهو ما يُعرقل استفادة المؤسسات والشركات العربية من هذه التقنيات بالصورة الكاملة.
من هنا جاءت “انتيلا”، الشركة العربية الناشئة التي قررت خوض غمار التحدي من الباب الصعب: تطوير نماذج ذكاء اصطناعي قادرة على فهم اللهجات العربية والتحدث بلسانها.
انطلقت “انتيلا” برؤية واضحة مفادها أن التكنولوجيا ينبغي أن تتكيف مع الإنسان، لا أن يُجبر الإنسان على التكيف معها.
وبفضل هذه الرؤية، استطاعت أن تتحول خلال فترة وجيزة من مجرد فكرة طموحة إلى منصة رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي العميق، تقدم حلولًا متكاملة تلبي الاحتياجات الفعلية للأسواق المحلية، وتُسهم في تحسين تجربة العملاء لملايين الأفراد عبر مختلف القطاعات.
قال عمر منصور، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لقطاع التكنولوجيا بشركة “انتيلا” في حوار لـ “البورصة”، إن شركته نشأت بهدف أن تكون الجسر الذي يصل بين أحدث ابتكارات الذكاء الاصطناعي في العالم واحتياجات أسواق المنطقة.
أضاف:” لاحظنا أن الشركات العالمية تطور نماذج ذكاء اصطناعي لا تستوعب لهجاتنا العربية، مما خلق فجوة كبيرة بين الشركات والعملاء في منطقتنا، ومن هنا قررنا بناء تقنيات عربية خالصة تفهم ثقافتنا وتتحدث بلساننا”.
وعن خطط “انتيلا” في السوق المصري، أكد منصور أن مصر تُعد ركيزة محورية في استراتيجية الشركة، موضحًا أنها ليست مجرد سوق ضخم وواعد، بل مركز غني بالمواهب والكفاءات.
أشار منصور، إلى أن خطة الشركة ترتكز على تعميق الشراكات مع كبرى المؤسسات المصرية في مجالات متعددة مثل التجارة الإلكترونية، والبنوك، والاتصالات.
وتجسد الشراكة الأخيرة مع منصة جوميا لإطلاق المساعد الذكي Ziila باللهجة المصرية، التزام الشركة بتمكين المؤسسات المصرية من فهم عملائها على نحو أعمق وتقديم تجربة خدمة متميزة تفوق التوقعات.
وكشف منصور أن حجم الاستثمارات التي حصلت عليها الشركة حتى الآن تجاوز 16.9 مليون دولار، كان آخرها جولة تمويل كبرى بقيمة 12.5 مليون دولار، وهي الأضخم في مسيرة “انتيلا”.
وأوضح أن الشركة نجحت عام 2024 في إيراداتها، وتسير بخطى ثابتة نحو تحقيق نمو يقارب سبعة أضعاف خلال عام 2025، وهو ما اعتبره انعكاسًا مباشرًا للطلب الكبير على حلول الشركة في المنطقة.
وأشار إلى أن “انتيلا” تمتلك حزمة من المنتجات التي تعمل معًا في منظومة واحدة متكاملة، أبرزها: IntellaVX: محرك أساسي لتحويل الكلام إلى نص، ويُعد الركيزة التي تُبنى عليها بقية الخدمات.
و IntellaMX: وهو حل متخصص لقطاع الإعلام، يتيح الترجمة النصية الفورية للفيديوهات والمحتوى الصوتي، وIntellaCX: منصة تحليلية لمراكز الاتصال تُحوّل 100% من المكالمات إلى رؤى استراتيجية قابلة للتنفيذ، بالاضافة إلى Ziila: شخصية رقمية ذكية قادرة على التفاعل مع العملاء باللهجات العربية بطلاقة.
وبيّن منصور أن هذا التكامل يُتيح للشركات الاستفادة من حلول متعددة في الوقت ذاته، حيث يقوم IntellaCX بدور “المراقب الذكي” الذي يُحلل أداء Ziila ويضمن جودة التجربة المقدمة للعملاء.
أكد منصور أن السوق المصري يمثل فرصة هائلة لنمو الشركة، خاصة مع التوجه الحكومي القوي نحو التحول الرقمي.
وأوضح أن كل مكالمة هاتفية بين شركة وعميل تحتوي على “كنز من البيانات”، وأن الفرصة الحقيقية تكمن في تحويل هذه البيانات الصوتية إلى قرارات استراتيجية تعزز الأرباح وتحسن جودة الخدمة.
أشار منصور إلى أن خدمات “انتيلا” مُوجهة للشركات والمؤسسات الكبرى، وليست للأفراد، وأن الشركة تخدم اليوم أكثر من 30 مؤسسة رائدة في قطاعات متنوعة مثل البنوك، والاتصالات، والتأمين، والعقارات والتجارة الإلكترونية، وهو ما ينعكس في النهاية على تحسين تجربة ملايين العملاء الذين يتعاملون مع هذه المؤسسات بشكل يومي.
وحول خطط التوسع خارج مصر، أوضح منصور أن استراتيجية “انتيلا” ترتكز أولًا على “تأمين الريادة في الأسواق العربية الرئيسية” مثل مصر والمملكة العربية السعودية، قبل التوسع عالميًا لخدمة الجاليات العربية في أوروبا وأمريكا.
أضاف أن التقنية التي طورتها الشركة قادرة على الوصول إلى أي مكان يتحدث فيه الناس باللهجات العربية.
وتحدث منصور عن التحديات التي واجهت الشركة في بداياتها، مُشيرًا إلى أن أبرزها كان ندرة البيانات المنظمة للهجات العربية المحكية.
وأوضح أن النماذج العالمية فشلت لعدم توافر هذه البيانات، لكن “انتيلا” اختارت الطريق الأصعب والأكثر استدامة، إذ أمضت 18 شهرًا في بناء واحدة من أكبر قواعد البيانات للهجات العربية في العالم، مؤكداً أن هذا التحدي تحول اليوم إلى “حصن تكنولوجي” يصعب على أي منافس تجاوزه.
وعن رؤيته لمشهد ريادة الأعمال في مصر، أوضح منصور أنه متفائل للغاية، مشيدًا بمرونة رواد الأعمال المصريين وقدرتهم الفريدة على التكيف مع الظروف الصعبة.
وأضاف أن التحديات الاقتصادية العالمية والمحلية تضع ضغوطًا على الجميع، لكنها في الوقت ذاته تُجبر الشركات على التركيز على القيمة الحقيقية والربحية بدلًا من السعي وراء النمو بأي ثمن.
وأكد أن ذلك سيُسهم في ظهور جيل جديد من الشركات الناشئة المصرية أكثر قوة وصلابة وقدرة على المنافسة عالميًا.








