تضغط إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على البنك الدولي لتمويل مزيد من مشروعات الوقود الأحفوري، بما فيها التنقيب عن الغاز، في إطار رد فعل أوسع ضد الجهود الرامية لمكافحة تغير المناخ.
الرئيس الأمريكي، الذي تعهد بإطلاق العنان للوقود الأحفوري الأمريكي وهاجم الطاقة الخضراء، ألغى العديد من سياسات الطاقة الخضراء والمناخ التي أقرها سلفه السابق جو بايدن منذ عودته إلى البيت الأبيض.
وتركز إدارته الآن على تمويل الطاقة في الدول النامية، بحسب ما ذكره خمسة مسؤولين تنمويين.
وقال مسؤول رفيع من إحدى الدول الأعضاء في مجلس إدارة البنك الدولي: “الأمريكيون يتحدثون عن الغاز في كل مكان”.
ذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية أن زيادة القروض لمشروعات التنقيب عن الغاز من قبل البنك الدولي ومؤسسات التنمية المتعددة الأطراف الأخرى ستشكل تحولاً لافتاً في اتجاه المقرضين، الذين واجهوا ضغوطاً متزايدة في السنوات الأخيرة لمكافحة تغير المناخ.
وسيؤدي ارتفاع تمويل الوقود الأحفوري في الدول الصناعية إلى تقويض الجهود المبذولة للحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض.
فبينما تتحمل الدول الصناعية المسؤولية الكبرى عن الانبعاثات التاريخية لغازات الاحتباس الحراري، إلا أن مستوياتها ترتفع بأسرع وتيرة في الأسواق النامية، وقد كان العام الماضي الأكثر حرارة على الإطلاق.
فرضت بعض البنوك التنموية قيوداً على الإقراض لمشروعات الوقود الأحفوري خلال السنوات الأخيرة، بما فيها مجموعة البنك الدولي، التي توقفت عن تمويل مشروعات النفط والغاز الجديدة في مراحلها الأولية عام 2019، مع بعض الاستثناءات المحدودة للغاز.
وفي عام 2023، قالت المجموعة إنها تهدف لتخصيص 45% من تمويلها السنوي للمناخ بحلول عام 2025.
لكن في اجتماع لمجلس إدارة البنك الدولي في يونيو الماضي، دعم المسؤولون الأمريكيون بقوة تمويل البنك لمشروعات تستهدف استخراج احتياطيات جديدة من الغاز الطبيعي، وفقاً لثلاثة أشخاص مطلعين على الأمر.
وبعد الاجتماع، كتب أجاي بانغا، رئيس البنك الدولي، في رسالة عبر البريد الإلكتروني للموظفين، أن مجلس الإدارة لم يتفق بشأن مشاركة البنك في مشروعات الغاز الأولية، مضيفاً أن “هذا سيتطلب المزيد من النقاش”.
وقال متحدث باسم وزارة الخزانة الأمريكية إن الولايات المتحدة تستخدم “صوتها وتصويتها للاستجابة لأولويات واحتياجات الطاقة لدى الدول”.
وأضاف المتحدث أن “استراتيجية شاملة للطاقة تشمل تمويل مشروعات الغاز الأولية ستكون خطوة إيجابية نحو إعادة ربط البنك الدولي وجميع بنوك التنمية متعددة الأطراف بمهمتها الأساسية المتمثلة في النمو الاقتصادي والحد من الفقر”.
وأشار أشخاص مطلعون إلى أن أمريكا تزيد الضغط أيضاً على بنوك تنموية أخرى، علناً وسراً، للتراجع عن جهودها الخضراء مع توسيع الإقراض للوقود الأحفوري، بما فيها تمويل خطوط أنابيب الغاز.
وتعد الولايات المتحدة مساهماً رئيسياً في العديد من البنوك التنموية، ما يمنحها نفوذاً كبيراً على سياسات وأولويات هذه المؤسسات.
وقال مسؤول في أحد البنوك التنموية: “الولايات المتحدة تقول إن كل طاقة هي طاقة جيدة. ويقولون إنه ينبغي لنا قبول مصادر الطاقة الأخرى أيضاً، وليس فقط المتجددة”.
يقدر اقتصاديون أن الاقتصادات النامية ستحتاج إلى 1.3 تريليون دولار سنوياً بحلول 2035 كتمويل مناخي، على أن تلعب بنوك التنمية متعددة الأطراف دوراً محورياً في توفير هذه الأموال وتوزيعها.
وفي وقت سابق من هذا العام، دعا سكوت بيسنت، وزير الخزانة الأمريكي، علناً البنك الدولي إلى تمويل المزيد من الغاز.
وقال: “يجب أن يكون البنك الدولي محايداً تكنولوجياً وأن يعطي الأولوية لجدوى الاستثمار في الطاقة. وفي معظم الحالات، يعني ذلك الاستثمار في الغاز ومصادر الطاقة الأخرى القائمة على الوقود الأحفوري”.
وفي العام الماضي، قدرت بنوك التنمية متعددة الأطراف، بما فيها مجموعة البنك الدولي، أن تمويلها المناخي الجماعي السنوي المخصص للدول منخفضة ومتوسطة الدخل سيصل إلى 120 مليار دولار بحلول 2030.
وفي سبتمبر، ذكر تقرير أعده بنك الاستثمار الأوروبي أن تمويل المناخ من البنوك التنموية تضاعف أكثر من مرتين خلال السنوات الخمس الماضية ليصل إلى 85 مليار دولار في 2024.








