ذكرت صحيفة (فاينانشيال تايمز) البريطانية، أن رواد الأعمال وجماعات الأثرياء في فرنسا بدأوا، نقل رؤوس أموالهم إلى ملاذات مالية أكثر استقرارا في لوكسمبورج وكذلك إلى وجهات تقليدية للثروات مثل سويسرا؛ في ظل استمرار حالة عدم الاستقرار السياسي في البلاد.
وكشفت الصحيفة – في تقرير لها اليوم الأحد – أن هذه التحركات بدأت بشكل ملحوظ منذ إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن إجراء انتخابات تشريعية مبكرة في يونيو 2024، والتي أسفرت عن برلمان منقسم وتشكيل حكومات ضعيفة متعاقبة.
ومع تصاعد حالة عدم الاستقرار، لجأت حكومة رئيس الوزراء الحالي سيباستيان لوكورنو، المقرّب من ماكرون، إلى فرض ضرائب إضافية على كبار الأثرياء في محاولة لمعالجة عجز مالي متفاقم.
بدوره، قال جيوم لوكشيني، مؤسس شركة “سكالا باتريموين” لإدارة الثروات ومقرها باريس، “أغلب الأصول التي نديرها لم تعد داخل فرنسا، بل تنتقل بشكل متزايد إلى عقود تأمين على الحياة في لوكسمبورج هذا الاتجاه يتسارع بشكل لافت”.
ويؤكد محامون ومصرفيون أن لوكسمبورج وسويسرا تشهدان تدفقات غير مسبوقة من رؤوس الأموال الفرنسية، في ظل القلق المتزايد بشأن استقرار البيئة السياسية والضريبية في فرنسا.
وأظهرت بيانات هيئة الرقابة المالية في لوكسمبورج أن الاستثمارات الفرنسية في عقود التأمين على الحياة، والتي تُعتبر وسيلة ادخارية طويلة الأجل مفضلة وتحظى بمزايا ضريبية بعد مرور 8 سنوات، سجلت ارتفاعًا بنسبة 58% في عام 2024 لتصل إلى 13.8 مليار يورو – وهو أعلى مستوى مسجّل على الإطلاق.
وأشار المستشارون الماليون إلى أن الطلب على هذه المنتجات مستمر في الارتفاع خلال 2025، بالتزامن مع كل موجة جديدة من التقلبات السياسية داخل فرنسا.
ولفت تقرير الصحيفة البريطانية إلى أنه بالإضافة إلى لوكسمبورج، تسجّل سويسرا أيضًا اهتمامًا متزايدًا من الأثرياء الفرنسيين الباحثين عن استقرار اقتصادي ونظام ضريبي واضح.
وأوضح المحامي السويسري فيليب كينيل أن “العديد من الفرنسيين انتقلوا إلى سويسرا بين عامي 1980 و2010، لكن هذا التوجه تباطأ عند انتخاب ماكرون عام 2017، اليوم، ومع تزايد المخاوف، عاد هذا المسار إلى الواجهة”.
كما بدأت مدن مثل ميلانو تستقطب الأثرياء الفرنسيين بفضل سياساتها الضريبية الجذابة، رغم إعلان إيطاليا مؤخرًا عن زيادة ضريبة الدخل السنوية الثابتة للمقيمين الأثرياء إلى 300 ألف يورو.
وكانت فرنسا قد ألغت ضريبة الثروة في بداية ولاية ماكرون وقلّص حدة الضريبة على الأملاك لكن إعلان الانتخابات المبكرة وانعدام غالبية برلمانية ثابتة قلّصت قدرة الرئيس الفرنسي على مواصلة إصلاحات صديقة للأعمال، بينما الحكومة الحالية بدأت في فرض ضرائب إضافية على الشركات القابضة وعلى 20 ألفا من أصحاب الدخول الأعلى بغية جمع نحو 2.5 مليار يورو إضافية العام المقبل.
ورغم أن وجود الأموال في لوكسمبورج لا يعفي الفرنسيين من الالتزامات الضريبية داخل فرنسا، إلا أن الخبراء يرون أن نقل الثروة إلى الخارج يمثل خطوة استباقية قد تسهّل انتقالًا لاحقًا في حال تدهورت الأوضاع.








