دفع ارتفاع أسعار العقارات ، أرباح الشركات العقارية الكبرى المدرجة فى البورصة المصرية، للنمو الإجمالي بنسبة 12% خلال النصف الاول من العام الحالي.
ووفقًا لمسح أجرته “البورصة”، شمل 9 شركات عقارية هي “بالم هيلز” و”سوديك”، و” أوراسكوم للتنمية- مصر”، و”زهراء المعادي”، و”مصر الجديدة”، و”طلعت مصطفى”، و”إعمار مصر”، و”عامر جروب”، و”المطورون العرب القابضة”، فقد بلغ إجمالى الأرباح نحو 21.2 مليار جنيه يناير ـ يونيو، مقابل 18.8 مليار جنيه النصف الأول 2024.
جنينة: انخفاض الفائدة ينهي تباطؤ الطلب مع تحسن شروط التمويل
توقع هاني جنينة، رئيس قسم البحوث بشركة الأهلي فاروس والخبير الاقتصادي، أن يشهد القطاع العقاري تعافيًا تدريجيًا خلال عام 2025، مدفوعًا ببدء دورة خفض أسعار الفائدة وتحسن أوضاع التمويل العقاري، بعد فترة من تباطؤ الطلب وضعف المبيعات نتيجة ارتفاع تكاليف التمويل وتراجع القدرة الشرائية للمستهلكين.
أضاف جنينة، أن تراجع أسعار الفائدة سيؤدي إلى خفض تكلفة الاقتراض على الشركات والأفراد، ما سيحفز الطلب على شراء الوحدات السكنية والتجارية، خاصة مع تحسن الدخول وزيادة الإنفاق الاستهلاكي، مؤكدًا أن القطاع العقاري سيكون من أبرز المستفيدين من دورة التعافي الاقتصادي المقبلة.
وأشار إلى أن البيئة التمويلية المواتية ستدعم أيضًا نشاط شركات التطوير العقاري والتمويل العقاري التي واجهت صعوبات خلال السنوات الماضية بسبب ارتفاع الفائدة، موضحًا أن استقرار الاقتصاد الكلي وتحسن السيولة في السوق سيسهمان في زيادة حجم المعروض والمشروعات الجديدة.
وأوضح جنينة، أن السوق العقاري من القطاعات التي تتفاعل سريعًا مع المتغيرات النقدية، إذ يؤدي انخفاض الفائدة إلى إعادة تنشيط حركة البيع والتطوير، لا سيما في ظل وجود طلب حقيقي مدفوع بالنمو السكاني واحتياجات الإسكان المستمرة.
وأشار إلى أن 2025 قد يشهد موجة انتعاش جديدة في العقار، مع تحسن البيئة الاقتصادية العامة وتراجع تكلفة التمويل، ما يعيد الزخم إلى أحد أهم القطاعات المحركة للنشاط الاقتصادي في مصر.
وجاء أداء الشركات العقارية متفاوتًا بشكل لافت، إذ ظهرت فروق واضحة في نتائج الأعمال بين الشركات الكبرى والمتوسطة، ما يعكس تفاوت ظروف التنفيذ وتكاليف التشغيل في كل شركة على حدة، إلى جانب تغيّرات في ديناميكيات السوق العقاري.
وارتفعت أرباح شركة بالم هيلز بنحو 45% لتسجل 2.6 مليار جنيه خلال النصف الأول من العام الحالي، مقارنة بحوالى 1.8 مليار جنيه النصف الأول 2024.
وزادت أرباح “طلعت مصطفى” بمقدار 69% لتسجل 8.1 مليار جنيه، مقابل 4.8 مليار جنيه ، فيما زادت أرباح أوراسكوم للتنمية مسجلةً 3 مليارات جنيه، مقارنة بنحو 943 مليون جنيه صافي أرباح النصف الأول 2024، بينما تراجعت أرباح شركتي إعمار مصر ومدينة مصر بنحو 49% و12% على الترتيب.
فهمي: التوسع في المشروعات الفندقية الخيار الأفضل أمام المطورين
وقال هيثم فهمي، خبير أسواق المال، إن نمو الإيرادات أو تراجعها لا يُعبر بالضرورة عن تحسن أو تراجع الأرباح في شركات التطوير العقاري أو غيرها، موضحًا أن معيار المحاسبة المصري رقم 47 الخاص بالاعتراف بالإيرادات من العقود مع العملاء ينص على أن مقدمات الحجز التي يدفعها العملاء قبل تسليم الوحدات لا تُعد إيرادًا بعد، بل تُسجل كالتزام تعاقدي، كونها تمثل التزام الشركة بتسليم وحدة عقارية في المستقبل.
أضاف أن بعض الشركات الكبرى تعترف بجزء من هذه المقدمات كإيرادات وفقًا لنسبة الإنجاز الفعلية في المشروع، وذلك في ضوء ضوابط وشروط محددة. وأوضح أن تفاوت مساهمة الأرباح التشغيلية وغير التشغيلية في أرباح الشركات لا يُعد مؤشرًا على نمو أو تراجع الأرباح بقدر ما يُعبر عن جودة الأرباح، فكلما ارتفعت نسبة الأرباح التشغيلية من صافي الأرباح دل ذلك على متانة الأداء التشغيلي للشركة.
أشار فهمي إلى أن نمو أرباح بعض شركات التطوير العقاري مؤخرًا جاء مدعومًا بعدة عوامل، أبرزها تراجع التكاليف التمويلية نتيجة انخفاض أسعار الفائدة، وارتفاع أسعار البيع في العقود السابقة تحوطًا من تقلبات الأسعار، إلى جانب استقرار أسعار مواد البناء في ظل تحسن سعر الصرف.
ولفت إلى أن بعض الشركات الكبرى، مثل “بالم هيلز”، كانت قد سعّرت وحداتها على أساس توقع سعر صرف يقترب من 100 جنيه للدولار، ما منحها ميزة نسبية مع استقرار العملة.
وأوضح أن تباطؤ الطلب في الفترة الأخيرة جاء نتيجة تراجع الإقبال على العقار كأداة للتحوط ضد التضخم، واقتصار الطلب على الأغراض السكنية من القادرين ماليًا، مؤكدًا أن تراجع التضخم وخفض الفائدة مستقبلاً سيدعمان تنشيط الطلب العقاري تدريجيًا على المدى المتوسط، سواء عبر خفض تكلفة البناء أو تسهيلات التمويل.
وأكد فهمي أن التوسع في المشروعات الفندقية يعد من أفضل الخيارات أمام شركات التطوير العقاري لتجاوز أي تباطؤ محتمل في مبيعات الوحدات السكنية، نظرًا لتنامي الحاجة إلى زيادة الطاقة الفندقية في مصر خلال المرحلة المقبلة.
ميخائيل: استقرار سعر الصرف “عامل سلبي” يضغط على أداء بعض الشركات
ورجحت سالي ميخائيل، رئيس قسم البحوث بشركة تايكون لتداول الأوراق المالية، تحسن أداء قطاع العقارات خلال العام الحالي بدعم من توسعات إقليمية وصفقات ساحلية وتراجع أسعار الفائدة، لكنها أشارت إلى أن استقرار سعر الصرف يمثل تحديًا للطلب الاستثماري.
وأكدت ميخائيل أن القطاعات الأكثر جاذبية استثماريًا خلال 2025 تشمل مواد البناء والمقاولات والعقارات، خاصة فى ظل عوامل داعمة منها إعادة الإعمار الإقليمية فى مناطق ودول الجوار وعلى رأسها غزة والسودان وسوريا، بما يدعم الطلب على الأسمنت والحديد، ويفتح الباب لتوسع الشركات المصرية خارجيًا.
بالإضافة إلى توسع كبار المطورين، على رأسهم طلعت مصطفى وبالم هيلز فى مشروعات كبرى خارج مصر، منها مشروع “بالم هيلز” فى أبو ظبى، وتعاقدات مرتقبة لـ”طلعت مصطفى” فى السعودية والعراق، والصفقات العقارية والسياحية، مثل “رأس الحكمة” و”رأس الشقير”، التى تعكس توجه المستثمرين الخليجيين نحو المشروعات الساحلية.
وتابعت أن استمرار تعافى السياحة، والذى دعم الطلب على المشروعات السياحية والساحلية، إلى جانب خفض الفائدة 3.25% سيدعم تلك التوجهات.
وأشارت ميخائيل، إلى أن سهم “بالم هيلز” هو المرشح الأبرز للاستفادة من زخم القطاع خلال 2025، فى ظل تحوله إلى نموذج شركة قابضة تتوسع فى التعليم والسياحة إلى جانب العقارات، مؤكدة أن الشركة تملك مشروعات استراتيجية مثل “جريان” فى مصر والذى قد يضيف 17 جنيهًا سنويًا للسهم، ومشروع أبو ظبى الذى قد يحقق 7 جنيهات سنويًا.
أضافت أن أداء “طلعت مصطفى” خلال 2024 شهد طفرة سعرية قوية بدعم من التعاقدات الجديدة، لكنها استُوعبت فى سعر السهم، ما يقلل من فرص تحقيق نفس الزخم خلال العام الحالى، رغم استمرار الأخبار الإيجابية.
ولفتت إلى أن استقرار سعر الصرف يمثل العامل السلبي الوحيد الذى يضغط على أداء بعض الشركات، إذ تراجع الإقبال على شراء العقارات كمخزن للقيمة بعد انحسار توقعات انخفاض الجنيه، رغم استفادة الاقتصاد الكلى من استقرار العملة.
واعتبرت أن تأثير هذا العامل يبدو أكثر وضوحًا لدى الشركات التى تركز على الإسكان المحلى دون توسعات خارجية أو مشروعات ساحلية.
ويشير محللون إلى أن بعض العوامل غير التقليدية، مثل تغير طبيعة المشترين خلال العام الماضي، كان لها أثر كبير على حركة المبيعات في 2025، إذ أسهمت موجة الشراء بهدف المضاربة في دفع أرباح سابقة، ما أدى لتراجع نسبي في الأداء عند عودة السوق إلى طبيعته.
ووفقًا للمسح بلغ إجمالى إيرادات الشركات التسع خلال النصف الأول من العام الحالي نحو 62 مليار جنيه، مقابل 47.2 مليار جنيه خلال النصف المقابل 2024، بنسبة نمو سنوى تصل إلى 32%.
وأوضح أن أكثر من 60% من مشتري العقارات خلال 2024 كانوا مستثمرين لا يسعون للسكن أو الاستثمار طويل الأجل، وإنما لتحقيق مكاسب سريعة تجاوزت في بعض الحالات 100% خلال شهور، مدفوعة بتسعير الشركات للدولار عند مستويات وصلت إلى 90 جنيهًا، ما تسبب في قفزات كبيرة بأسعار العقارات.
