أكد خبراء التكنولوجيا المشاركون في جلسة نقاشية بعنوان «نداء القاهرة: خريطة مصر للريادة الرقمية الإقليمية»، والتي عُقدت ضمن فعاليات الدورة الثانية من مؤتمر ومعرض AIDC، أن مصر تقترب بقوة من مكانة ريادية إقليمية في مجالي الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات، بشرط الإسراع في توحيد استراتيجية وطنية واضحة وتطوير منظومة تشريعية تواكب التحول الرقمي العالمي، إلى جانب تحديد جهة حكومية معنية بقيادة الجهود ومتابعة التنفيذ بالتنسيق بين القطاعين العام والخاص.
وشهدت الجلسة، التي أدارها محمد العجيزي، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في WB Engineers MEA، نقاشًا موسعًا حول فرص مصر في سباق السيادة الرقمية.
واستهل العجيزي الجلسة بالتأكيد على أن رأس المال البشري يمثل الركيزة الأساسية التي تميز مصر، مشيرًا إلى وجود كوادر مصرية تعمل بكفاءة عالية داخل كبريات الشركات الأمريكية والأوروبية.
ودعا إلى إطلاق مسابقات ومبادرات موجهة لاكتشاف المواهب الشابة ودعمها، مستشهدًا بتجارب أفريقية رائدة مثل جنوب أفريقيا.
وفي إطار الحديث عن الأمن القومي الرقمي، قال أحمد مكي، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمجموعة «بنية»، إن التحول الرقمي لم يعد ترفًا، بل أصبح قضية أمن قومي واقتصادي، معتبرًا أن أي تأخر في هذا الملف سينعكس سلبًا على مختلف قطاعات الدولة.
وأكد أن مصر تمتلك خبرات كبيرة تؤهلها لقيادة المنطقة في المجال الرقمي، داعيًا إلى بلورة رؤية متكاملة لإزالة العقبات أمام ضخ الاستثمارات وتعظيم العائد الاقتصادي والتقني.
وفي السياق ذاته، شدد أحمد البحيري، الرئيس التنفيذي للعمليات والرئيس التنفيذي للمجموعة في «كاسافا تكنولوجيز»، على ضرورة وجود جهة محددة تقود استراتيجية الذكاء الاصطناعي على مستوى الدولة، موضحًا أن الأمر لا يتعلق بالبنية التحتية فقط، بل بتحديد أهداف واضحة لهذه التكنولوجيا، سواء في التعليم أو الصحة أو التنمية.
ولفت إلى أهمية بناء بنية تحتية وطنية قوية تضمن استقلالية مصر في إدارة بياناتها السيادية، في ظل اتجاه دول كثيرة لتوطين بياناتها داخل حدودها.
من جانبه، أكد محمود أحمد، الرئيس التنفيذي لشركة «تريفورس سيستمز»، أن مصر لديها قدرة حقيقية على التميز في قطاع تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات، شريطة تسريع منظومة التشريعات اللازمة.
وأشار إلى أن سرعة التنفيذ ووضوح التشريعات كانا من أبرز عوامل تقدم الإمارات والسعودية في هذا المجال.
وأوضح أن مرور نحو 17% من كابلات الإنترنت العالمية عبر الأراضي المصرية يمنح البلاد ميزة استراتيجية نادرة، مشيرًا إلى أن المهندسين المصريين يمثلون عنصرًا محوريًا في تشغيل مراكز بيانات عالمية في عدة دول.
كما استعرض محمد حسن عاطف، المدير التنفيذي لقطاع التكنولوجيا في «السويدي ديجيتال»، تجارب دولية ناجحة مثل المغرب وإندونيسيا، مؤكدًا أن مصر قادرة على بناء نموذج أكثر تنافسية إذا تم الاستثمار في التعليم الفني وتطوير مهارات العاملين.
وكشف عن قرب الإعلان عن استثمارات ضخمة في مجال مراكز البيانات، مشيرًا إلى أن الاتجاه الوطني نحو الاعتماد على الطاقة الخضراء يمنح مصر ميزة إضافية على المستوى العالمي.
من جانبه، تناول تامر عطية، رئيس استراتيجية وتطوير المشروعات في «مراكز بيانات راية»، أهمية توفير مناطق مهيئة بالكامل لاستضافة مراكز البيانات، موضحًا أن مصر تمتلك بالفعل مناخًا استثماريًا جاذبًا للبنية السحابية الدولية، لكنه يحتاج إلى جهة مركزية تتولى التنسيق بين الأطراف المختلفة لضمان تكامل الجهود وتحقيق أفضل نتائج ممكنة.
واختُتمت الجلسة بكلمة مصطفى قنديل، رئيس «مركز البيانات إنوفو تك»، الذي أكد أن النموذج الأنسب لإدارة هذا الملف الحيوي لا يقوم على «قائد واحد»، بل على جهة حكومية مسؤولة تتولى وضع السياسات العامة والتواصل مع الشركات العالمية.








