يشهد السوق العقاري ، تصاعد شكاوى العملاء، على خلفية لجوء بعض شركات التطوير العقاري إلى تمديد مواعيد تسليم الوحدات لفترات قد تصل إلى عدة سنوات، بما يخالف البنود المنصوص عليها في العقود.
ومؤخرا ، قررت إحدى الشركات، تأجيل تسليم الوحدات من يناير 2026 إلى يناير 2029 دون تقديم أسباب واضحة أو سند قانوني، ما يلفت الأنظار إلى عمق المشكلة.
قال رضا المنشاوي، المحامي والمستشار القانوني، إن معظم عقود التطوير العقاري الحالية أصبحت تصب في مصلحة الشركات، بينما يجد العميل نفسه بلا حلول سوى اللجوء للقضاء، في ظل غياب جهة حكومية تراقب التزامات المطورين من حيث مواعيد التسليم والجودة ومواصفات التشطيب والخدمات.
أضاف أن المطور قد يتأخر عامًا أو عامين أو حتى ثلاثة دون توقيع عقوبات عليه، بينما يتحمل العميل غرامات قد تصل لفسخ التعاقد عند التأخر عن سداد قسط واحد، فضلًا عن تحمله الزيادات التي تطرأ على تكلفة التشطيب نتيجة تأخر التسليم.
وشدد المنشاوي على ضرورة توفير رقابة حكومية تفرض عقودًا موحدة تلتزم بها الشركات عند الحصول على التراخيص، بحيث تحوز جهة محايدة، نسخة رسمية من العقود تضمن حماية العملاء ومتابعة مواعيد التسليم.
أضاف أن الفترة المقبلة تستوجب خطوات تشريعية جادة من الدولة لإصدار قوانين تضمن حقوق العملاء، خاصة أن جانبًا كبيرًا من المشكلات الحالية ناتج عن غياب آليات رقابية فاعلة.
نظير: تأخير التسليم يمنح العميل الحق في التعويض أو فسخ العقد
وقال عمرو نظير، المحامي، إن القانون المصري وضع آليات واضحة للتعامل مع مخالفة بنود العقود، مشيرًا إلى أن تأخير التسليم يُعد مخالفة صريحة، ويمنح العميل الحق في التعويض أو فسخ العقد.
أضاف أن على العملاء المتضررين إرسال إنذارات رسمية للشركات، وتحرير محضر استلام .. وحال عدم الاستجابة يمكنهم رفع دعاوى قضائية لاسترداد الأموال والحصول على التعويض المناسب، بما يضمن إعادة التوازن للسوق.
سعد الدين: تأخير التسليم لأكثر من عام يفقد الشركات مصداقيتها
وقال أسامة سعد الدين، المدير التنفيذي لغرفة التطوير العقاري، إن التأخير عن موعد التسليم لا يجب أن يتجاوز ستة أشهر أو سنة على الأكثر، مراعاة للظروف الإنشائية، معتبرًا أن تجاوز هذه المدة يشير إلى ضعف التزام الشركة ومصداقيتها.
أضاف أن الفترة المقبلة ستشهد صياغة عقود شبه موحدة، إلى جانب وجود جهة مختصة لفض النزاعات بين المطورين والعملاء لحماية حقوق الطرفين.
وأكد فتح الله فوزي، رئيس لجنة التشييد والبناء بجمعية رجال الأعمال المصريين، أن العقود المبرمة بين العملاء وشركات التطوير العقاري تمثل الأساس الذي يُبنى عليه تحديد حقوق الطرفين، وهي التي تحدد مصير العميل وتمكنه من الحصول على حقوقه كاملة.
وأوضح أن العقود تتضمن العديد من البنود التي تكون بين الجانبين منها الشروط الجزائية والتي تنص بوضوح على الإجراءات المتبعة في حال تأخر العميل أو تأخر الشركة عن الالتزامات المتفق عليها و بموجب هذه البنود يستطيع الطرف المتضرر اللجوء إلى القضاء لاسترداد حقوقه كاملة وفقًا لما ورد في العقد.
العسال: التمديد لسنوات غير مبرر ويتعارض مع أخلاقيات المهنة
وقال هاني العسال، وكيل غرفة التطوير العقاري، إن تمديد مواعيد التسليم قد يكون مقبولًا فقط عند وجود أسباب منطقية، وبحد أقصى 6 أشهر أو سنة، بشرط أن تكون هذه الزيادة منصوصًا عليها داخل العقد.
أضاف أن التأخير يصل إلى ثلاث سنوات، ما يعد مخالفة صريحة لأخلاقيات المهنة، داعيًا المتضررين إلى اللجوء للجهات المختصة لضمان حقوقهم.
الشيخ: تفعيل “حسابات الضمان” الحل الأمثل للحد من الأزمات
وقال علاء الشيخ، خبير التسويق العقاري، إن على العملاء قبل الشراء مراجعة السجل التاريخي للمطور وسابقة أعماله، خاصة مدى التزامه بمواعيد التسليم، إلى جانب التواصل مع العملاء السابقين لمعرفة مستوى تنفيذ الشركة بالتزاماتها.
أضاف أن الدولة أصدرت سابقًا قرارات للحد من المشاكل في القطاع ، منها عدم طرح الأراضي إلا بعد تنفيذ 30% من المشروع فعليًا .. لكن تنفيذ القرار لم يكن واضحًا.
ولفت إلى ضرورة تفعيل حساب الضمان الذي يربط سداد أقساط العملاء بمعدلات التنفيذ الفعلية تحت إشراف الدولة، بما يمنع تسلم الشركات أموالًا دون تقدم ملموس في الإنشاءات.
كما شدد على ضرورة تضمين بنود صريحة في العقود تتيح للعميل وقف سداد الأقساط حال عدم وجود أعمال إنشائية، ما يعزز ثقة العملاء ويعيد الانضباط للسوق.
وأكد أن تفعيل هذه الآليات سيقلل الأزمات الراهنة، ويعزز ثقة العملاء، ويسهم في دعم استقرار ونمو القطاع العقاري.
