تترقب صناديق الاستثمار دخولًا محتملًا من شركات التأمين عقب قرار الهيئة العامة للرقابة المالية بالسماح لشركات تأمينات الأشخاص وتكوين الأموال بالاستثمار المباشر في المعادن النفيسة، وعلى رأسها الذهب.
ويفتح القرار الباب أمام القطاع لتنويع أدواته الاستثمارية وتعظيم العوائد، فيما يركز المستثمرون على كيفية إدارة هذه الأموال وآليات حماية حقوق حملة الوثائق فى ظل التقلبات الحادة لأسعار الذهب عالميًا.
ويأتي القرار الجديد بعد دراسة تجارب دولية، أبرزها التجربة الإندونيسية التى سمحت باستثمار شركات التأمين فى صناديق الذهب، مع وضع ضوابط لضمان حماية العملاء.
وتشمل الضوابط إلزام الشركات بالتعاقد مع شركات إدارة مرخصة لتقييم الاستثمارات دوريًا، وإرسال تقارير منتظمة للهيئة تتضمن نسب الذهب داخل المحافظ والعوائد والتكاليف ذات الصلة، مع منح العميل حرية اختيار النسب وفقًا لوثيقته التأمينية ورغبته الاستثمارية.
وقال خبراء فى قطاع التأمين لـ “البورصة”، إن القرار يمثل خطوة إيجابية لتنويع المحافظ الاستثمارية، لكنه يتطلب قدرًا من الحيطة نظرًا لانخفاض السيولة وطبيعة استثمارات المعادن النفيسة.
وأكدوا أن الخبرات الإدارية داخل القطاع ما زالت فى طور التطور، وأن أفضل الممارسات تقتضى البدء بنسب استثمار محدودة قبل التوسع التدريجى.
الزهيري: الاستثمار في الذهب يحقق توازنًا بين الابتكار وإدارة المخاطر لشركات التأمين
قال علاء الزهيري، رئيس الاتحاد المصري للتأمين، إن السماح بالاستثمار فى الذهب يمثل خطوة مهمة لتعظيم عوائد حملة الوثائق وتنويع الأدوات الاستثمارية، مشيرًا إلى أن الاستثمار المباشر فى المعادن يوفر توازنًا بين الابتكار وإدارة المخاطر وحماية العملاء.
وأوضح الزهيري أن الشركات التي تفتقر إلى خبرات داخلية ستلجأ إلى متخصصين لاتخاذ القرار، فيما تعتمد معظم شركات التأمين على بنوك وشركات أوراق مالية لإدارة المحافظ الاستثمارية، مع منح العميل حرية اختيار الوعاء الاستثماري المناسب.
وشهد السوق المصرية تدشين 5 صناديق استثمارية فى المعادن النفيسة هي صندوق AZ‑Gold الذي أطلقته شركة أزيموت بالتعاون مع “إيفولف القابضة”، ويتيح للمستثمرين تتبع أسعار الذهب مباشرة دون الحاجة لشراء المعدن نفسه، والثاني هو صندوق سبائك الذي تديره شركة “بلتون” بالاشتراك مع Evolve، ويعرف بمرونته في إدارة الأصول المرتبطة بالذهب.
أما الثالث فهو صندوق دهب التابع للبنك الأهلي لإدارة الاستثمارات المالية، والذي يمنح المستثمرين إمكانية الاستفادة من التحركات السعرية للذهب بأسلوب استثماري منظم وآمن.
ودخل السوق مؤخرًا صندوق دهب مباشر الذي تقدمه مباشر كابيتال هولدنجويتميز بإمكانية الاكتتاب والاسترداد يوميًا دون حد أدنى، مع ارتباط قيمته بسعر الذهب في البورصة المصرية، إلى جانب صندوق جديد من شركة سي آى كابيتال لإدراة الأصول.
حسانين: استقرار المعدن النفيس خلال الأزمات يجعله عنصر حماية للمحافظ طويلة الأجل
ويرى حازم حسانين، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي، أن الاستثمار فى الذهب يعد «وعاءً آمنًا ولكن بحدود»، موضحًا أنه لا يتفوق عادة على سوق الأسهم في العائد السنوي، لكنه يحقق استقرارًا ويقلل الخسائر فى أوقات الأزمات.
وأضاف حسانين لـ«البورصة» أن الذهب لم يتفوق على سوق رأس المال في نمو العائد السنوي، لكنه برز من حيث الاستقرار وتقليل الخسائر خلال الأزمات، إذ لم يشهد أي انخفاض حاد بين 2015 و2024 بعكس الأسهم.
وأكد أن الذهب لا يوزّع أرباحًا ولا يخلق قيمة اقتصادية مباشرة، لكنه يحافظ على القوة الشرائية، ما يجعله مناسبًا للمحافظ طويلة الأجل ولأموال شركات التأمين التي تتطلب حماية رأس المال.
واعتبر أن قرار السماح بالاستثمار في الذهب والمعادن النفيسة “يبدو منطقيًا”، معتبراً أن طبيعة الأموال الاستثمارية الطويلة الأجل للشركات تستلزم مزيجًا من الأصول عالية العائد مثل الأسهم وأدوات الدين، ومنخفضة المخاطر مثل الودائع والذهب.
اشار إلى أن الذهب يخفّض مستوى المخاطر الإجمالية للمحفظة، خصوصًا في فترات التضخم وتقلبات العملة، ويعزز الأمان المالي ويزيد العوائد بمرور الوقت.
شحاتة: تنويع الأدوات الاستثمارية خطوة ضرورية لتعزيز عوائد شركات تأمينات الأشخاص
فى السياق ذاته، قال جمال شحاتة، نائب العضو المنتدب السابق لشركة «إسكان» للتأمين، إن السماح بالاستثمار فى الذهب يهدف إلى ابتكار أدوات جديدة تعزز عوائد الشركات وتطور المنظومة المالية.
وأضاف شحاتة لـ«البورصة» أن شركات التأمين تعمل وفق قواعد منظمة تربط ودائع مخصصة لتغطية مطالبات العملاء، وأن اتفاقيات إعادة التأمين تضمن سداد حصص المعيدين، ما يجعل خطر التعويضات محدودًا.
وأضاف أن غالبية الشركات تستعين ببنوك استثمار أو شركات إدارة أصول لتعويض نقص الخبرات الداخلية فى أدوات الاستثمار غير التقليدية.
إبراهيم: الخبرة في إدارة استثمارات الذهب ما زالت في مرحلة مبكرة.. وتجربة «أكسا» مثال
وقال أحمد إبراهيم، خبير التأمين الاستشاري، إن القرار يعكس رغبة الهيئة فى تنويع الأدوات المتاحة وتقليل الاعتماد على الأصول التقليدية، معتبرًا أن الذهب أداة فعالة للتحوط ضد التضخم وتقلبات العملة، وجاذبة للعملاء الباحثين عن استثمار طويل الأجل وملموس بطبيعته.
وأوضح أن الاستثمار في الذهب يتماشى جزئيًا مع طبيعة التزامات تأمينات الأشخاص، لكنه يتسم بسيولة محدودة ولا يحقق عائدًا ثابتًا، ما يتطلب تحديد نسبة قصوى للاستثمار والاحتفاظ بأصول سائلة كافية لتغطية المطالبات، إلى جانب وضع خطط للتسييل والتعاقد مع جهات تخزين مرخصة.
وأشار إلى أن النسبة الآمنة لاستثمارات الذهب تتراوح بين 5 و10% من المحفظة، وترتفع إلى 15% فقط حال توافر خبرات عالية وسيولة كافية.
ولفت إلى أن تجربة «أكسا مصر للتأمين» مع صناديق المعادن أظهرت أن إدارة الذهب تختلف عن أدوات الاستثمار التقليدية بسبب متطلبات التخزين والتقييم والتصفية، مؤكدًا أن القطاع يحتاج وقتًا لاكتساب الخبرة عبر اختبار دورة كاملة قبل التوسع.
