أكد مصنعون أن إطلاق «السجل البيئي الصناعي» في ديسمبر المقبل، يشكل منعطفًا اقتصاديًا لمصر، إذ لم يعد مجرد أداة رقابية لحصر الانبعاثات وخفض الكربون، بل وثيقة استراتيجية تؤثر مباشرة على قدرة الشركات المصرية على التصدير، وجذب رؤوس الأموال الأجنبية، وتحقيق التكامل مع متطلبات الاستدامة التي تفرضها أسواق أوروبا ودول الخليج.
وأعلن كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصناعة والنقل، الأحد الماضي، أنه سيتم إطلاق السجل البيئي الصناعي، لقياس الانبعاثات القطاعية ووضع مستهدفات كمية لها.
وأوضح الوزير، أن هذا الإجراء جاء في سياق الاستعداد لتطبيق آلية CBAM تعديل حدود الكربون الأوروبية، التي ستبدأ مطلع 2026 وتفرض رسوماً على صادرات بعض المنتجات كثيفة الانبعاثات مثل الحديد والصلب والأسمنت والألومنيوم.
بشر: التحول نحو التصنيع الأخضر يفتح أسواقاً جديدة في أوروبا
من جانبه، قال حازم بشر عضو المجلس التصديري للصناعات الكيماوية والأسمدة، إن بدء تطبيق السجل البيئي الصناعي في ديسمبر المقبل، يمثل خطوة فارقة للصناعة المصرية، إذ لم يعد الملف البيئي مجرد التزام رقابي، بل أصبح شرطًا اقتصاديًا يحدد قدرة المنتج المصري على دخول الأسواق العالمية دون غرامات أو قيود.
وأوضح لـ”البورصة”، أن تبني مصر منظومة واضحة لقياس الانبعاثات وخفض الكربون، يضعها في موقع تنافسي أمام أوروبا ودول الخليج، التى بدأت في ربط الاستيراد بمستويات الانبعاثات الكربونية.
ومن المتوقع أن تفرض هذة الدول رسومًا إضافية على الوحدات التي لا تلتزم بالمعايير البيئية، وهو ما يجعل الالتزام بالسجل البيئي مكسبًا اقتصاديًا وليس مجرد “التزام بيئي”.
أكد بشر، أن تطبيق السجل يعزز قدرة مصر على جذب الاستثمارات الصناعية الأجنبية، خصوصًا الأوروبية، موضحًا أن المستثمر يبحث اليوم عن بيئة استثمار توفر بنية تحتية جاهزة، وقوانين محفزة، ومنظومة واضحة للرقابة البيئية، وهو ما يقلل المخاطر التشريعية أمامه ويشجع على ضخ الاستثمارات.
وأضاف أن ارتباط عدد كبير من المصانع الملوِّثة بشبكة الرصد القومية خطوة مهمة في ضبط الانبعاثات، إذ أصبحت أي مخالفة بيئية تكتشف فورًا عبر إشعارات إلكترونية، ما يسرّع الإجراءات ويحسن جودة الإنتاج، ويمنح المنتج المصري ميزة تصديرية متوافقة مع المواصفات العالمية.
وشدد بشر، على ضرورة أن تمتد الرقابة البيئية إلى المواد الخام المستوردة نفسها، إذ بدأت بعض الدول تسأل الشركات ليس فقط عن الانبعاثات الناتجة عن الصناعة، بل عن البصمة الكربونية للخامات الداخلة في الإنتاج، موضحاً أن المصنع قد لا يلوث، لكن إذا كانت الخامات نفسها ذات انبعاثات مرتفعة، فسنتحمل غرامات أيضًا.
عبدالهادي: غياب أدوات القياس يهدد فرص المشروعات الصغيرة
وقال نادر عبدالهادي، رئيس جمعية تحديث الصناعات الصغيرة، إن إطلاق السجل البيئي خطوة ضرورية لارتباطها بمعايير التصدير العالمية، خاصة للأسواق الأوروبية، لكنه حذر من أن المشروعات الصغيرة ستواجه صعوبات كبيرة في التطبيق بسبب تعقيد عملية القياس، التي لا تقتصر على الإنتاج فقط، بل تشمل النقل والشحن واستهلاك الطاقة في كل مراحل التشغيل.
أضاف لـ«البورصة»، أن غياب أدوات قياس جاهزة ونماذج واضحة يمثل أبرز التحديات، داعيًا إلى توفير أدلة إرشادية حكومية، ونماذج مبسطة، ومنصة إلكترونية تساعد المصانع على إدخال بياناتها واستخراج تقارير رسمية دون أعباء إضافية.
وأوضح عبدالهادي، أن نجاح السجل يعتمد على رفع الوعي وتقديم دعم فني مباشر للمشروعات الصغيرة، من خلال تدريبهم على حساب الانبعاثات وفهم أهمية البصمة الكربونية في الحفاظ على التنافسية وزيادة فرص التصدير.
وأشار إلى أن أكثر القطاعات تأثرًا ستكون الشركات الكبيرة التى تصدر للاتحاد الأوروبي.
حنفي: أغلب المصانع المصرية المصدرة تعمل بتكنولوجيا حديثة
وقال محمد حنفي، المدير التنفيذى لغرفة الصناعات المعدنية، إن ضريبة الكربون الأوروبية ستُطبق على صادرات الحديد والألومنيوم المصرية إلى أوروبا.
وأشار إلى أن أغلب المصانع المصرية المصدرة حديثة الإنشاء وتعمل بتكنولوجيا حديثة تسهم فى خفض نسب الانبعاثات الكربونية مقارنة بالمصانع القديمة فى دول أخرى.
أضاف أن عملية توثيق الانبعاثات جارية بالفعل داخل المصانع المصرية لتسجيل بيانات الإنتاج والكربون المنبعث بشكل شهري، مؤكداً أن هذه الخطوة ستساعد المصانع على الالتزام بالمتطلبات الأوروبية وتفادى أى رسوم إضافية.
وأوضح حنفي، أن الاتحاد الأوروبي نفسه لايزال فى مرحلة استكمال التوثيق داخل مصانعه، ومع ذلك يصر على فرض الضريبة على جميع الواردات دون استثناء، مشيراً إلى وجود منح وتمويلات فنية مقدَّمة من الاتحاد وبعض الجهات الدولية لدعم المصانع فى تقليل الانبعاثات.
وتابع: “صادرات الحديد والألومنيوم المصرية إلى أوروبا تتراوح بين 10 و15% من إجمالى صادرات القطاع، وخضوعها للضريبة سيعتمد على كفاءة المصانع فى إدارة الانبعاثات وتقديم شهادات الكربون المعتمدة من الجهات الأوروبية”.








