ازداد اللجوء إلى الوسائل الرقمية بأنواعها: من خدمات إلكترونية، تجارة، تعليم، وترفيه، في خضم التحولات الاقتصادية والرقمية التي تشهدها مصر في السنوات الأخيرة.
وهذا التحول هو واحد من أهم اتجاهات الدولة نحو تمكين التحول الرقمي في حياة المواطنين والذين بدورهم أبدوا تجاوب كبير وواسع النطاق لهذا التحول.
جهود الدولة في التحول الرقمي ظهرت بشكل كبير من خلال قطاعين.
الأول هو قطاع المعاملات المالية الرقمية حيث تشير الأرقام إلى أن عدد مستخدمي تطبيق انستا باي للمدفوعات الفورية وصل 16 مليون مستخدم في نهاية 2025.
يزداد اهتمام الشباب أيضًا بالألعاب الإلكترونية عبر الإنترنت والتي ظهرت بشكل واضح من خلال انجذابهم إلى العاب قمار بمال حقيقي بغرض الترفيه التي توفرت بشكل كبير على الإنترنت وسهولة الوصول إليها بفضل جهود الدولة لتوفير الإنترنت لمختلف المناطق بأسعار وسرعات جيدة.
إلا أن هذا التداخل، بين مفهوم اللعب الترفيهي والترفيه المدفوع، يرمز إلى تحول أعمق: الألعاب لم تعد مجرد ترفيه، بل أصبحت جزءًا من اقتصاد رقمي حقيقي.
في هذا المقال، سنستعرض حقائق وأرقام تسلط الضوء على هذا التحول في مصر: كيف نما سوق الألعاب، كم هو عدد اللاعبين، ولماذا يعتبر سوق الألعاب الإلكترونية رافعة مالية واقتصادية لمصر.
ما هو الاقتصاد الرقمي ولماذا مصر مؤهلة له؟
الـ «اقتصاد الرقمي» يشمل كل النشاطات الاقتصادية التي تعتمد على الإنترنت والتقنيات الرقمية: خدمات، تجارة، محتوى، ترفيه، بيع وشراء، وغير ذلك.
تمتاز مصر بكافة المزايا التي تساعدها على تحقيق تحول رقمي في هذه المجال لعدة أسباب منها انتشار الإنترنت والهواتف الذكية بين فئات واسعة، ما يوسّع قاعدة مستخدمي الخدمات الرقمية، وجود شريحة شبابية كبيرة — ما يعني جمهورًا واسعًا مهتمًا بالترفيه الرقمي، وتحوّل ثقافي واقتصادي بحثا عن وسائل ترفيه ودخل إضافي في ظل ضغوط اقتصادية.
في هذا الإطار، الألعاب الإلكترونية، سواء على الموبايل أو الكمبيوتر، تمثل نقطة التقاء بين الترفيه، الاقتصاد، والابتكار.
حقائق وأرقام: حجم سوق الألعاب في مصر 2024–2025
بحسب تقرير IMARC Group، سوق الألعاب في مصر بلغ ≈ 843.29 مليون دولار في عام 2024، مع توقع أن ينمو إلى ≈ 1,722.62 مليون دولار بحلول 2033، بمعدل نمو سنوي مركب (CAGR) حوالي 8.26٪.
هناك تقرير آخر يُشير إلى أن السوق المصري يُتوقع أن يُحقق إيرادات يُقَدّر أنها تصل إلى حوالي 2.13 مليار دولار في 2025 (استنادًا إلى النمو المتوقع وعدد المستخدمين).
أما من حيث بنية الاستخدام: الألعاب عبر الموبايل تُعد الأكثر شعبية، في ظل انتشار الهواتف الذكية وسهولة استخدام الإنترنت.
على مستوى المشاركة: وفق تقرير نشر في 2025 لـ Niko Partners، اللاعبين في مصر يقضون حوالي 11.8 ساعة أسبوعيًا في اللعب (موبايل، كمبيوتر، أو كونسل)، ما يجعل مصر في قمة الأسواق من حيث وقت المشاركة مقارنة بمتوسط منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENA) الذي حوالي 10.8 ساعات/أسبوع.
أيضًا حسب تقرير مصادر إعلامية: من بين اللاعبين المصريين هناك تنوع في الجنس والعمر، ما يشير إلى انتشار واسع للثقافة الرقمية واللعب.
الألعاب الإلكترونية: لماذا تُعد رافعة للاقتصاد الرقمي في مصر؟
مع سوق كبير يدر مئات الملايين دولار، الألعاب تمثّل فرصة استثمارية مع وجود شركات تطوير ألعاب، محتوى رقمي، خدمات مدفوعة، Esports، بث مباشر، كلها أجزاء من سلسلة القيمة. انتشار الهواتف الذكية وسهولة الوصول تجعل الكثير من الشباب يدخل عالم الألعاب بدون حاجة لمعدات باهظة الثمن (كونسل أو PC قوي)، ما يوسع قاعدة المستخدمين بشكل كبير.
المشاركة العالية (ساعات اللعب، عدد اللاعبين) تعني وجود جمهور مستمر، شغوف، وربما مستعد للإنفاق، ما يجعل هذا الجمهور مهمًا للمطورين والمعلنين والخدمات المدفوعة. الألعاب تصبح مصدر دخل ليس فقط من شراء الألعاب نفسها، بل من مشتريات داخل اللعبة، محتوى إضافي، إعلانات، بطولات Esports، موارد بشرية (مطورين، مبدعين، مسوقين)، وغيرها.
نظرة مستقبلية: إلى أين يتجه سوق الألعاب في مصر؟
من المتوقع أن يستمر سوق الألعاب في مصر في النمو، كما أظهر تقرير IMARC، السوق المصري يتجه نحو ≈ 1.72 مليار دولار بحلول 2033، ومع توسع الثقافة الرقمية، انتشار الإنترنت الأفضل، وربما دعم مؤسساتي للاستثمار في هذا المجال، قد تشهد مصر ظهور شركات ألعاب محلية، محتوى عربي موجه، وربما منصات Esports رسمية.
إلى جانب ذلك، قد تصبح الألعاب الإلكترونية جزءًا من الاقتصاد الرقمي الأكبر: ليس فقط ترفيه، بل صناعات برمجة، محتوى، تسويق، خدمات — ما يساهم في خلق وظائف ودخل إضافي.
قد تدخل الألعاب ضمن عادات مستدامةللترفيه، بدلاً من كونها نشاطًا عرضيًا مع تطور الدخل، النمو السكاني الشاب، والتغير في سلوك الاستهلاك.
في النهاية، نؤكد على أن التحول نحو الاقتصاد الرقمي في مصر ليس مجرد شعار — إنه واقع يتبلور بسرعة، وسوق الألعاب الإلكترونية يظهر كأحد أبرز عناصر هذا التحول.
الأرقام الأخيرة تبين أن السوق يعيش ازدهارًا فعليًا: ملايين لاعبين، مئات الملايين دولار في الإيرادات، ساعات لعب مرتفعة، جمهور واسع ومتنوّع.
إذا تمت إدارة هذا النمو بحكمة، من ناحية الاستثمار، البنية التحتية، التطوير المحلي، والتنظيم، يمكن للألعاب أن تتحول من ترفيه شبابي إلى رافعة اقتصادية حقيقية: فرص عمل، تنوع دخل، صناعة محتوى، ابتكار.








