يرى الرئيس التنفيذي لشركة “توتال إنرجيز” باتريك بويان أن الطلب المتنامي على النفط سيساعد في دعم أسعار الخام، على الرغم من تراجعها هذا الأسبوع وسط مخاوف متزايدة من وجود تخمة في الإمدادات العالمية.
يتجه النفط إلى تسجيل خسارة سنوية، إذ من المتوقع أن يتجاوز المعروض الطلب خلال العامين الحالي والمقبل بفضل زيادة إنتاج منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ومجموعة من الدول غير الأعضاء بالمنظمة في الأميركتين. وهبط مزيج برنت، خام القياس العالمي، لما دون 60 دولاراً للبرميل يوم الثلاثاء لأول مرة منذ مايو الماضي. ويجري تداول خام “غرب تكساس الوسيط” قرب مستويات لم يسجلها منذ 2021.
لكن بويان يتوقع أن تستقر السوق في ظل مساعي المنتجين في الولايات المتحدة ومنظمة “أوبك” لتفادي تفاقم التخمة بالأسواق ومع تزايد الاستهلاك.
“الطلب مستمر في النمو” على حد قول بويان خلال مقابلة مع “تلفزيون بلومبرغ” في باريس يوم الثلاثاء، مضيفاً: “أثق أيضاً في قدرة دول أوبك على إدارة الموقف” من جانب الإنتاج.
وأوضح أن منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة سيقلصون الإنتاج إذا كانت الأسعار “شديدة الانخفاض”.
نقص الاستثمار عامل تحفيز لأسعار النفط
تتعارض رؤية بويان مع المؤشرات المتزايدة على الضعف التي تنتشر حالياً في سوق النفط. فقد دخلت أسعار الخام في الشرق الأوسط نمطاً هبوطياً يُعرف باسم “كونتانغو” في وقت مبكر من يوم الثلاثاء، حيث تصبح أسعار الشحنات القريبة الأجل أقل من عقود التسليم في الآجال الأبعد، وهي ظاهرة تُعد عادة إشارة إلى فائض في المعروض. وكان هيكل التسعير نفسه قد ظهر بالفعل لبعض الشحنات المبيعة على ساحل خليج الولايات المتحدة.
ويبدو الطلب هشاً، إذ تشير تراجع العلاوات السعرية لأنواع من الوقود مثل البنزين والديزل إلى تباطؤ الاستهلاك.
ومع ذلك، أشار بويان إلى أفق أطول يفسر من خلاله سبب عودة السوق إلى التحسن. فقد أعرب الرئيس التنفيذي لعملاق الطاقة الفرنسي، الذي قرر في وقت سابق من هذا العام خفض الإنفاق للتكيف مع انخفاض الأسعار، عن ثقته في أن أسعار الخام ستتعافى، مع عدم قيام القطاع بالاستثمار بما يكفي في مشروعات جديدة.
نظرة على الغاز الطبيعي المسال
في المقابل، كان بويان أكثر تشاؤماً حيال آفاق سوق الغاز الطبيعي. وقال إن الأسعار من المرجح أن تنخفض في عام 2027 مع دخول موجة من مشروعات الغاز الطبيعي المسال الجديدة في كل من قطر والولايات المتحدة حيز التشغيل.
حومت أسعار الغاز في أوروبا مؤخراً قرب أدنى مستوياتها منذ ربيع 2024، مدعومة باعتدال درجات الحرارة، ووفرة الإمدادات، وتجدد الجهود الأميركية للتوسط من أجل إحلال السلام في أوكرانيا. ويأتي ذلك رغم أن الاتحاد الأوروبي يستعد لفرض حظر على جميع واردات الغاز الطبيعي المسال الروسي اعتباراً من يناير 2027. ومع وفرة المعروض عالمياً، تتوقع “بلومبرغ إن إي إف” (BloombergNEF) أن تشهد السوق فائضاً عالمياً من الغاز الطبيعي المسال بحلول موعد تنفيذ الحظر الأوروبي على الإمدادات الروسية.
وقال بويان إن شركته ينبغي أن تكون قادرة على التخفيف من أثر تراجع أسعار الغاز، بعد تقليص انكشافها على السوق الفورية وزيادة العقود طويلة الأجل مع المشترين الآسيويين.
“توتال” والأنشطة الروسية
وتعمل “توتال إنرجيز” على حشد العمال والمقاولين في مشروعها للغاز الطبيعي المسال في موزمبيق، بعد تعليق أعمال البناء لمدة أربع سنوات بسبب الهجمات في المنطقة. وقال إن الشركة تستهدف بدء الإنتاج بحلول نهاية 2028 أو بداية 2029. كما تواصل السعي للاستحواذ على أصول إنتاج غاز في الولايات المتحدة لتعزيز موقعها باعتبارها أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال الأميركي إلى أوروبا.
وعززت الشركة الفرنسية حضورها في الولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة، بالتوازي مع تقليص أنشطها في روسيا. ولا تزال “توتال إنرجيز” تحتفظ بعلاقات مع روسيا عبر حصصها في شركة إنتاج الغاز “نوفاتك” ومنشأتين للغاز الطبيعي المسال داخل البلاد. وفي عام 2022، سجلت الشركة مخصصات وخسائر انخفاض قيمة بقيمة 14.8 مليار دولار مرتبطة بهذه الأصول في أعقاب الحرب في أوكرانيا.
كما تتعرض “توتال إنرجيز” لانكشاف في روسيا عبر مصفاة زيلاند في هولندا، التي تمتلكها بالشراكة مع “لوك أويل” (Lukoil PJSC). وتخضع شركة النفط الروسية لعقوبات أميركية، فيما تجري وزارة الخزانة الأميركية محادثات مع حلفاء من أوروبا إلى الشرق الأوسط أثناء التعامل مع التعقيدات المرتبطة بتفكيك عمليات “لوك أويل” الخارجية.
وقال بويان لـ”بلومبرج” إن “توتال إنرجيز توصلت إلى اتفاق مع “لوك أويل” يسمح للشركة الفرنسية بتشغيل مصفاة زيلاند بالكامل. وأضاف أنه في حال قررت “لوك أويل” بيع جميع عملياتها الدولية، ستدرس “توتال” ممارسة حقها في شراء حصة “لوك أويل” البالغة 45% في المصفاة الهولندية.
وأوضح بويان أنه حتى في حال التوصل إلى سلام بين روسيا وأوكرانيا، فإن الأمر سيستغرق وقتاً لمعرفة ما إذا كان الاستقرار سيستمر، ما يعني أن الشركة لن تندفع فوراً للعودة إلى الاستثمار في المنطقة.
كما قال بويان إن الشركة وافقت على مشروع طاقة شمسية بقيمة مليار دولار في ولاية تكساس لتزويد إحدى شركات التكنولوجيا الكبرى بالكهرباء، من دون أن يسميها.
وأضاف: “العالم واسع —واليوم انتقلنا من روسيا إلى الولايات المتحدة، وسيستمر هذا التوجه”.
