سجلت الصفقات المرتبطة بالشركات اليابانية عامًا قياسيًا، مع اقتراب قيمة التعاملات من 350 مليار دولار مع اقتراب نهاية ديسمبر الجاري، فيما تشير التوقعات إلى أن العام المقبل سيكون أكثر نشاطًا.
وتسهم إصلاحات حوكمة الشركات الهادفة إلى تحسين عوائد المساهمين في تحويل اليابان إلى مركز نشط لعمليات الاندماج والاستحواذ، في تحول واضح عن الصورة التقليدية للسوق اليابانية باعتبارها سوقًا بطيئة لا تشهد سوى صفقات عملاقة متفرقة، بحسب ما نقلته صحيفة “جابان تايمز” المحلية.
وقال كريس لاسكوفسكي، رئيس الخدمات المصرفية الاستثمارية لآسيا في «جيفريز فاينانشيال جروب» لتحليل الأسواق: «إبرام الصفقات في اليابان نشط للغاية.. أقضي وقتًا أطول بكثير في الحديث مع زملائنا هناك مقارنة بأي وقت سابق».
وتبدو الساحة مهيأة لمزيد من الصفقات في اليابان، مع اتجاه التكتلات الكبرى إلى بيع الأصول غير الأساسية، في وقت تسعى فيه شركات الاستثمار المباشر إلى توظيف رؤوس أموال ضخمة، كما يلعب النشاط الاستثماري الضاغط دورًا أكبر، وهو ما يتجلى في معركة شركة «إليوت إنفستمنت مانجمنت» مع «تويوتا موتور» بشأن خطة ضخمة لخصخصة «تويوتا إندستريز».
وقال مايووران إلالينجام، رئيس الخدمات المصرفية الاستثمارية وأسواق رأس المال لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في «دويتشه بنك»: «اليابان تمر بموجة من الاندماجات والاستحواذات لم نشهدها منذ وقت طويل».
وفي أحدث الصفقات، أكدت مجموعة «ميتسوبيشي المالية»، الجمعة الماضية، استحواذها على حصة 20% في شركة «شريرام فاينانس» الهندية مقابل نحو 4.4 مليار دولار.
وتُعد اليابان من أكثر الأسواق نضجًا في آسيا، وتضم بعضًا من أكبر الصفقات في المنطقة، ما يترجم إلى رسوم أعلى لشركات الوساطة المالية، وليس من المستغرب، بحسب مراقبين، أن تعمل مؤسسات عالمية مثل «سيتي جروب» و«جولدمان ساكس» و«جيفريز» على تعزيز فرقها هناك.
وشهد العام صراع استحواذ بين شركتي «كيه كيه آر» و«بين كابيتال» على شركة البرمجيات «فوجي سوفت»، قبل أن تطلق «كارلايل جروب» عرض استحواذ على «هوجي ميديكال».
وقال روهيت تشاتيرجي، رئيس الاندماجات والاستحواذات لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في «جيه بي مورجان تشيس»: «من المرجح أن نشهد المزيد من عمليات الشطب من البورصة في اليابان»، مشيرًا إلى أنها ستشمل شركات تابعة مدرجة تُعد أساسية للشركات الأم، أو شركات مستقلة لا تعكس تقييماتها السوقية قيمتها الحقيقية.
ومن بين أكبر الصفقات هذا العام استحواذ «نيبون تلجراف آند تليفون» على «إن تي تي داتا جروب» بأكثر من 16 مليار دولار، إلى جانب إتمام «نيبون ستيل» استحواذها على «يونايتد ستيل» الأمريكية.
ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات تواجه الصفقات في اليابان، بحسب إيان هو، الشريك في مكتب «سيمبسون ثاتشر آند بارتليت» في هونج كونج، الذي قال إن «بناء علاقات أعمال عميقة وتوافر الكفاءات المحلية عنصران أساسيان، ورغم أن الاهتمام والفرص حقيقية، فإن بعض الداخلين الجدد قد يحتاجون وقتًا لتحقيق اختراق ملموس».
وشهد العام أيضًا تعثر صفقة بارزة تمثلت في تخلي شركة «أليمانتاسيون كوش-تار» الكندية عن عرض بقيمة 46 مليار دولار للاستحواذ على «سيفن آند آي هولدينجز»، المالكة لسلسلة «7-إليفن»، بعد حملة استمرت نحو عام، متهمة الشركة اليابانية بعدم الانخراط الجاد، وهو ما نفته الأخيرة.
وبوجه عام، يُعد عام 2025 قصة نجاح كبيرة لصفقات الاستحواذ المرتبطة باليابان، ومن بين الصفقات الأخرى بقيمة عدة مليارات استحواذ «سوفت بنك جروب» على «أمبير كومبيوتنج» مقابل 6.5 مليار دولار، إضافة إلى صفقة استحواذ «سوميتومو كورب» على «إس سي إس كيه» بقيمة 5.8 مليار دولار، كما شاركت «سوفت بنك» في جولات تمويل ضخمة لشركة «أوبن إيه آي»، وتدرس مزيدًا من الصفقات في مجال مراكز البيانات.
ونشطت أيضًا الجهات المالية التي تركز على صفقات الاستحواذ الصغيرة والمتوسطة، مع توجيه المستثمرين مزيدًا من رؤوس الأموال إلى اليابان، إلى جانب أسواق مثل الهند وكوريا الجنوبية، وقال آدم فوربر، الشريك في «سيمبسون ثاتشر» ورئيسها المشارك لآسيا: «حتى وإن كانت الصفقات أصغر من حيث القيمة، فإنها تحقق عوائد قوية».
وعلى صعيد قنوات إبرام الصفقات، يبرز ممر نشط بين اليابان والهند، كما يظهر في صفقة «ميتسوبيشي المالية – شريرام فاينانس»، كما أعلنت «ميزوهو فاينانشيال جروب» استحواذها على حصة مسيطرة في بنك الاستثمار «أفيندوس كابيتال» المدعوم من «كيه كيه آر».
ومع دخول عام 2026، تتزايد الصفقات المحتملة، إذ أصبحت شركة «تايو هولدينجز» هدفًا للاستحواذ، مع تصدر «كيه كيه آر» قائمة شركات الاستثمار المباشر المتنافسة على شراء الشركة الكيماوية، بحسب مصادر مطلعة للصحيفة.








