جنى المغرب عوائد استثماره في اللاعبين الصغار والمدربين، بتحقيق إنجازات كبيرة على أرض الملعب، آخرها التتويج بكأس العرب في الدوحة، لكن التحدي في كأس الأمم الأفريقية 2025 يبدو مختلفاً، فهو لن يقتصر على طموح تحقيق اللقب الغائب منذ 1976، لكن لجني العوائد من الاستثمارات الضخمة في استضافة البطولة.
تنطلق مساء اليوم الأحد، منافسات كأس الأمم الأفريقية 2025 بنسختها الخامسة والثلاثين، في تسعة ملاعب في ست مدن، حيث تجمع المباراة الافتتاحية، المغرب بجزر القمر على ملعب الأمير مولاي عبد الله بالرباط، وتستمر المنافسات حتى 18 يناير المقبل. وأعلن الاتحاد الأفريقي لكرة القدم “الكاف”، أمس السبت، أن كأس الأمم الأفريقية ستُقام في المستقبل كل أربعة أعوام بدلاً من كل عامين.
بجانب المغرب وجزر القمر تشارك أربعة منتخبات عربية أخرى في البطولة هي، مصر وتونس والجزائر والسودان، ضمن 24 منتخباً تم تقسيمهم إلى ست مجموعات، حيث يتأهل الفريقان الأول والثاني من كل مجموعة، بالإضافة إلى أفضل أربعة فرق احتلت المركز الثالث، إلى مرحلة خروج المغلوب، والتي تبدأ بدور الـ16.
استثمارات ضخمة
خصص المغرب نحو 150 مليار درهم (16.3 مليار دولار) لدعم البنى التحتية المرتبطة بالنقل والملاعب والمطارات والطرق، في إطار استعدادات المملكة لكأس أمم أفريقيا ولتنظيم كأس العالم 2030، بحسب ما ذكر الوزير المكلف بالميزانية في الحكومة المغربية فوزي لقجع، خلال ندوة وزارية نُظمت بالمدرسة الوطنية العليا للإدارة تحت عنوان “كأس العالم 2030.. رهانات مالية ومؤسساتية واستراتيجية” في يوليو الماضي.
لقجع قال إن مشاريع البنية التحتية للبلاد لكأس الأمم الأفريقية 2025 ستدعم بشكل مباشر استعدادات البلاد لكأس العالم لكرة القدم 2030، موضحاً أن الحكومة صممت استثمارات كأس الأمم الأفريقية كجزء من استراتيجية مستمرة للاستعداد لاستضافة كأس العالم بعد خمس سنوات، مع التأكيد على عدم تحميل الميزانية العامة أعباء إضافية، من خلال اعتماد “آليات تمويل مبتكرة ومقاربة قائمة على الشراكات متعددة المستويات”.
وأكد لقجع -الذي يشغل كذلك منصب رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم- خلال استضافته في برنامج “ضيف الجواز”، الذي تنظمه وزارة الشباب والثقافة والتواصل في المغرب، أن كرة القدم في المملكة تجاوزت كونها مجرد مباريات أو بطولات قصيرة، لتصبح رافعة تنموية واجتماعية حقيقية، خاصة للشباب، مشدداً على أن العمل الجاري في هذا المجال يُسهم في بناء منظومة متكاملة ترتبط بكافة أوجه التطوير الرياضي والاقتصادي والاجتماعي.
عوائد مرتقبة
تنظيم كأس الأمم الأفريقية يتيح فرص عمل مباشرة لعشرات الآلاف من الشباب، إذ يتجاوز عدد المشاركين في التنظيم 20 ألف إلى 25 ألف شاب، وهو ما يعزز كفاءاتهم ويطور قدراتهم، معتبراً أن الإرث الحقيقي لهذه التظاهرة يكمن في تنمية الرأسمال البشري، وفتح آفاق جديدة للشباب للاستثمار وتطوير مهاراتهم الفردية، وفقاً لما ذكره فوزي لقجع.
تشير التقديرات إلى أن استضافة المغرب لكأس الأمم الأفريقية 2025، سيكون له تأثيره على السياحة والعائدات المالية المباشرة. إذ يُتوقع أن تستقبل المملكة ما بين 500 ألف ومليون زائر أجنبي إضافي خلال فترة البطولة، وهو ما قد ينعكس بإنفاق يتراوح بين 450 مليون دولار و1.2 مليار دولار على الاقتصاد المحلي، خصوصاً في قطاعات الإيواء، والمطاعم، والنقل والخدمات، بحسب “راديو مونت كارلو”.
يُضاف إلى ذلك حصة متوقعة من عوائد الاتحاد الأفريقي من البطولة، تصل إلى 22.5 مليون دولار هي قيمة 20% من عائدات البث والرعاية التي يستهدف “كاف” تحقيقها من البطولة.
أرباح قياسية
تؤكد توقعات موازنة الاتحاد الأفريقي لكرة القدم “كاف” للعام المالي 2025-2026 على مكانة بطولة كأس الأمم الأفريقية 2025 كأكثر الأحداث الكروية ربحية في القارة السمراء.
فمن المتوقع أن تدرّ البطولة إيرادات إجمالية قدرها 192.6 مليون دولار، مدفوعة بشكل أساسي بالرعايات (126.2 مليون دولار) وحقوق البث التلفزيوني والإعلامي (46.5 مليون دولار)، بالإضافة إلى 19 مليون دولار من مبيعات التذاكر والضيافة. ويُتوقع أن يصل صافي الربح إلى 113.8 مليون دولار، علماً أن أرباح النسخة الماضية في كوت ديفوار 2023 بلغت 72 مليون دولار.
قال فيرون موسينغو أومبا الأمين العام للاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف)، خلال مؤتمر صحفي عقد الثلاثاء الماضي للكشف عن استعدادات المغرب لاستضافة البطولة، إن عدد التذاكر المبيعة تجاوز مليون تذكرة، مشيراً إلى أن إيرادات التذاكر تزيد كثيراً عن النسخة الماضية في كوت ديفوار التي بلغت 11 مليون دولار، ومرشحة للمزيد من النمو.
وأشار الأمين العام لـ”كاف” إلى اتساع رقعة البث التلفزيوني بعد انضمام 18 بلداً أوروبياً إضافياً للدول التي ستبث المباريات، ليصل المجموع إلى 30 دولة في أوروبا، إلى جانب الدول الأفريقية والبالغ عددها 54، مع اعتماد 3800 وسيلة إعلامية لتغطية الحدث.
10 ملايين دولار للبطل
قبل ساعات من انطلاق البطولة، أعلن باتريس موتسيبي رئيس الاتحاد الأفريقي لكرة القدم، زيادة قيمة الجائزة المالية لبطل كأس الأمم الأفريقية لتصل إلى 10 ملايين دولار، بعدما كانت سبعة ملايين في النسخة الماضية.
قال موتسيبي في تصريحات خلال المؤتمر الصحفي السبت، على هامش افتتاح بطولة كأس الأمم الأفريقية 2025: “القيمة المالية لجائزة الفائز كانت 7 ملايين دولار فقط، وهذا القرار سيساهم في أخذ كرة القدم الأفريقية إلى الأمام”.
لم يتطرق موتسيبي إلى المراكز الأخرى، والتي حال استمرار قيمتها دون زيادة، سيعني ذلك وفقاً لما حدث للنسخة الماضية، أن الوصيف سيحصل على أربعة ملايين دولار.
الفريقان الخاسران في نصف النهائي سيحصل كل منهما على 2.5 مليون دولار، فيما سينال كل منتخب من المنتخبات الأربعة التي ستودّع البطولة من ربع النهائي 1.3 مليون دولار، وستحصل المنتخبات الثمانية التي ستتوقف مسيرتها عند دور الـ16 على 800 ألف دولار.
أما المنتخبان اللذان سيحققان المركز الثالث في مجموعتيهما دون بلوغ دور الستة عشر فسيحصل كل منهما على 700 ألف دولار، فحين ستحصل المنتخبات التي ستحتل المركز الأخير في المجموعة على نصف مليون دولار.
“أسود الأطلس” الأعلى قيمة سوقية
تصدّر منتخب المغرب، قائمة المنتخبات الأعلى قيمة سوقية المشاركة في البطولة، بنحو 416.5 مليون يورو، بحسب تقديرات موقع “ترانسفير ماركت”، بفارق 6.5 مليون يورو عن المنتخب السنغالي الذي حل ثانياً، فيما يأتي خلفهما منتخبات كوت ديفوار ونيجيريا والكاميرون والجزائر ومالي ومصر والكونغو الديموقراطية وبوركينا فاسو وتونس وأنغولا.
وتُقدّر القيمة السوقية الإجمالية للبطولة بنحو 2.84 مليار يورو، فيما يُعدّ المغربي أشرف حكيمي هو أعلى لاعبي البطولة قيمة سوقية بنحو 80 مليون يورو، ويأتي خلفه الكاميروني مبويمو والنيجيري أوسيمين والمصري عمر مرموش ثم الكاميروني بالينا.








