التحديات الاستثمارية الحالية ترتبط بالتطبيق وليس بالقوانين
تسعى جمعية مستثمري المناطق الحرة الخاصة إلى جذب استثمارات أجنبية جديدة، ضمن خططها لتعزيز مساهمتها في الاقتصاد وزيادة الصادرات.
وقال معتصم راشد، رئيس مجلس إدارة الجمعية، إن ذلك يأتى في ظل اهتمام الجهات الحكومية بهذه المناطق كرافعة أساسية لتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية وزيادة تنافسية الاقتصاد المصري على المستويين الإقليمي والدولي.
أشار إلى أن مشروعات المناطق الحرة الخاصة ترفع أعباء كثيرة عن الدولة، أبرزها تحمل تكاليف الترفيق والصيانات، بينما فى حالة المناطق الحرة العامة تكون الدولة مطالبة بإعداد دراسات مستفيضة قبل إنشاء أى منطقة جديدة لضمان تحقيق العوائد المستهدفة.
ويرى أن منح المستثمرين المزيد من التسهيلات فى إنشاء مناطق حرة خاصة أفضل من التوسع فى المناطق العامة، نظرا لتحمل المستثمر جميع التكاليف اللازمة.
لفت إلى أن الجمعية تستعد لعقد جمعية عمومية موسعة مع مطلع العام المقبل، لاعتماد الميزانية وتشكيل مجلس إدارة جديد، فى إطار الاستعداد لمرحلة جديدة تستهدف تفعيل دور المناطق الحرة وتعزيز مساهمتها فى الاقتصاد المحلى مع بداية عام 2026.
ذكر إن عدد أعضاء الجمعية يتجاوز 50 مستثمرا، وجميعهم يمتلكون مشروعات عاملة داخل المناطق الحرة الخاصة، بما يعكس الثقل الحقيقى للجمعية وقدرتها على تمثيل شريحة مؤثرة من المستثمرين العاملين فى مجال التصدير.
وأضاف، أن خطة مجلس الإدارة الجديد تركز على معالجة التحديات التى تواجه المستثمرين، والعمل على استعادة الدور المحورى للمناطق الحرة باعتبارها إحدى القاطرات الرئيسية لنمو الاقتصاد المصرى وزيادة الصادرات.
وأوضح، أن اجتماع الجمعية العمومية يتناول أبرز التحديات التى تواجه المستثمرين، يعقبه إعداد مذكرات تفصيلية يتم رفعها إلى مختلف الجهات المعنية بالدولة، وفى مقدمتها وزارة الاستثمار والهيئة العامة للاستثمار، مؤكدا أن الحوار المؤسسي المنظم يظل المسار الأكثر فاعلية لحل الأزمات وتحسين مناخ الأعمال.
وشدد على أهمية التوسع فى إنشاء المناطق الحرة، ولاسيما المناطق الحرة الخاصة، باعتبارها أحد المحركات الأساسية لزيادة الصادرات، موضحا أن التجارب الدولية أثبتت أن تخصيص مناطق إنتاجية موجهة للتصدير ينعكس بشكل مباشر على نمو الصناعة وتحسن الميزان التجارى.
وبحسب بيان صادر عن الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، فإن الهيئة تدير حاليا 13 منطقة حرة عامة و218 منطقة حرة خاصة في أنحاء الجمهورية، كما أنها تسهم بنحو 22% من الصادرات السلعية المصرية.
وأشار إلى أن المناطق الحرة الخاصة تمثل عبئا أقل على الدولة مقارنة بالمناطق الحرة العامة، نظرا لاعتمادها الكامل على تمويل القطاع الخاص، سواء فى شراء الأراضى أو توصيل المرافق وتنفيذ البنية التحتية، بما يسهم فى ترشيد استخدام الموارد العامة.
وأوضح راشد أن المناطق الحرة الخاصة تسهم بما لا يقل عن ثلث حجم الصادرات المصرية، وهي نسبة كبيرة قياسًا بالتحديات المفروضة عليها، مؤكدا أن هذه المناطق تمتلك القدرة على مضاعفة مساهمتها التصديرية حال الالتزام بالقواعد التى أنشئت من أجلها.
وكشفت دراسة حديثة للمركز المصرى للدراسات الاقتصادية عن ضعف معدلات نمو قيمة الصادرات للمناطق الحرة المصرية مقارنة بالإمارات وتركيا، فأنه على الرغم من تحقيق المناطق المصرية متوسط نمو يقدر بحوالي 7%، إلا أنها تظل النسب الأقل بين الدول محل المقارنة، حيث حققت الإمارات حوالى 12% بينما حققت تركيا حوالي 8%.
وتعد المناطق الحرة في مصر هي الأقدم من حيث تاريخ الإنشاء، حيث تم إنشاء أولى المناطق الحرة في مصر عام 1973 في مدينة نصر والإسكندرية، وتعد في مصر هي الأكبر عددا حيث يبلغ عددها نحو ما يقرب من 218 منطقة عام 2024.
وأكد راشد، أن المناطق الحرة تخضع لرقابة جمركية مشددة، ولا يمكن خروج أي منتج إلا بعد الحصول على موافقة ممثل مصلحة الجمارك المتواجد داخل الموقع، مشيرا إلى أن فلسفة المناطق الحرة تقوم على كونها بيئة تصديرية خالصة، لا يفترض إخضاعها لذات القيود المطبقة على السوق المحلي، إلا أن الواقع الحالى يخالف هذا المفهوم.
الدروس الدولية تؤكد ضرورة التوسع في المناطق الحرة لتحقيق طفرة تصديرية
وأضاف أن جميع دول العالم حققت طفرات تصديرية كبيرة من خلال التوسع فى المناطق الحرة، معتبرا أن الإشكالية في مصر لا تتعلق بالفكرة ذاتها، وإنما بطريقة إدارتها وتطبيقها على أرض الواقع.
وكشف عن موافقة مجلس الوزراء على إنشاء 4 مناطق حرة عامة جديدة، إلا أن هذه القرارات لم تنشر أو تفعل حتى الآن، رغم مرور أكثر من شهر على صدورها، ما يثير تساؤلات بشأن آليات اتخاذ القرار وسرعة التنفيذ.
ولفت إلى أن أسعار الأراضي الصناعية وصلت إلى مستويات مرتفعة في بعض الحالات، دون تجهيز فعلي للبنية التحتية، ما يفرض أعباء إضافية وغير متوقعة على المستثمرين، بالإضافة إلى التغيرات المتكررة في القوانين والرسوم بعد بدء التنفيذ، وهو ما يربك دراسات الجدوى ويضاعف المخاطر الاستثمارية.
وأوضح، أن تحديات الاستثمار في مصر لا ترتبط بنصوص القوانين بقدر ارتباطها بآليات تطبيقها، مشيرا إلى أن قانون الاستثمار الصادر عام 2017 تضمن نصوصا واضحة لم يتم الالتزام بها حتى الآن.
وأشار إلى أن المادة الثانية من مواد إصدار القانون تنص صراحة على احتفاظ المشروعات القائمة قبل صدوره بجميع المزايا والامتيازات التي كانت تتمتع بها، إلا أن هذا النص لم يُفعل على أرض الواقع، ما أخل باستقرار المراكز القانونية للمستثمرين وأضعف الثقة في البيئة التشريعية.
وأكد أن المستثمر يتخذ قراره الاستثماري بناءً على منظومة واضحة من الحقوق والالتزامات، إلا أن الواقع يكشف عن فجوة كبيرة بين المخطط والمطبق، بما ينعكس سلبًا على مناخ الاستثمار.
150 % زيادة فى الرسوم المفروضة على مستثمري المناطق الحرة
ولفت إلى أن الرسوم المفروضة على مستثمري المناطق الحرة ارتفعت بنحو 150% دفعة واحدة، وهو ما لم يكن محسوبًا ضمن دراسات الجدوى الأصلية، مؤكدًا أن التغير المفاجئ والجذري في التكلفة بعد اتخاذ قرار الاستثمار يهدد استمرارية المشروعات.
وفي سياق آخر، نوه راشد بأن غياب التخطيط المسبق لدمج مشروعات الطاقة المتجددة داخل المجتمعات العمرانية الجديدة يرفع التكلفة على الدولة والمواطنين، مؤكدًا أن إدخال الطاقة الشمسية خلال مراحل البناء الأولى كان من شأنه خفض التكلفة إلى مستويات محدودة للغاية.
وشدد على أن استمرار الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية في المدن الجديدة يفرض أعباء إضافية على الدولة، لاسيما مع تزايد الطلب على الغاز المستخدم في توليد الكهرباء.








