تتمتع باكستان بتعداد سكانى كبير يصل إلى 180 مليون نسمة، وهو أحد أهم المميزات الداعمة لاقتصادها لكنها فى الوقت نفسه من أقل دول العالم من حيث إيرادات الضرائب، نظرا لانتشار الغش والفساد المتفشيين بين جميع مستويات الدولة من أعلى إلى أدنى على سلم السلطة.
وابتكر المجلس الفيدرالى للإيرادات فى يوليو الماضى حيلة لتحديد نصيب الضرائب المستحقة عن كل فرد وهو ما احتاج من الباحثين فى المجلس عدة أشهر لتصفح البيانات التى توضح أنماط الإنفاق والحياة لكل شخص بدلا من التعرف على حجم الدخل الذى يسهل اخفاؤه عادة.
وخرج المجلس بـ 1700 عامل يمكن من خلال تحليل عناصرهم تحديد الضرائب المستحقة من بينها السفر للخارج، وامتلاك منزل فى حى راق، والمشتريات المكلفة مثل السيارات، كما أن إجراءات وتكلفة الحصول على رخصة سلاح جعلتها أحد المؤشرات الممتازة على الثروة.
وقال على حكيم، رئيس المجلس إن المواطنين يتهربون من الضرائب باللجوء إلى تقديم رشاوى للمفتشين، لكنه أكد أن استخدام الحاسب الآلى لتتبع المعلومات سوف يجبر الناس على الدفع حيث إنها بيانات موثقة من عدة جهات ومن الصعب التلاعب فيها.
وأوضح حكيم أن الطريقة الجديدة مكنت السلطات من التعرف على 3 ملايين فرد ينبغى عليهم دفع الضرائب، ومن المنتظر أن يجرى إشعار هؤلاء بالدفع خلال 75 يوما أو تحمل العقوبة.
وأشار تقرير لمجلة إيكونوميست البريطانية إلى أن حكومة آصف زردارى اقترحت عفوا عن المتهربين مقابل أن يسددوا 40 ألف روبية أى ما يعادل 400 دولار دفعة واحدة، مشير إلى أن الحكومة أكدت أن العفو يهدف إلى الإسراع بتحصيل أكبر قدر من السيولة لإنعاش الخزانة العامة فضلا عن بدء وضع قاعدة واسعة من دافعى الضرائب يسهل فيما بعد تتبعهم بشكل روتيني، بينما يرى منتقدو القرار أنه يهدف الى إنقاذ ذوى النفوذ السياسى من العقوبات التى تنتظر المتهرب منهم.
ويعتقد أبناء كل طائفة فى المجتمع أن على الدولة أن تبدأ بطوائف أخرى فى تحصيل الضرائب قبل أن تبدأ فى ملاحقته، وهو شعور عام يسود بين قطاعات الملابس والتجار والزراعيين.
واعتقد المواطنون أنهم لن يستفيدوا من أموال الضرائب التى من المفترض أن ترد إليهم فى صورة خدمات حيث تذهب معظم الإيرادات الفيدرالية لصالح خدمة الدين والإنفاق العسكرى ودعم الطاقة فى حين أن نصيب قطاعات الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية فى الموازنة العامة لايزال محدوداً.
ويعانى الاقتصاد جراء انهيار الإيرادات الضريبية، وهو ما يلقى بظلاله على قدرة البلاد على التعامل مع ديونها المتزايدة والتى أصبحت غير مستدامة لكن المساعدات الخارجية خاصة القادمة من الولايات المتحدة ساهمت حتى الآن فى تأجيل الكارثة.
وكشفت سلطات إسلام آباد إنه لم يدفع ضريبة الدخل العام الماضى سوى 768 ألف فرد، وهو ماساهم فى زيادة حدة الهبوط فى نسبة الضرائب إلى الناتج المحلى الإجمالى لتكون إحدى أقل النسب فى العالم عند مستوى 9.1% فى العام المالى المنقضى 2010 ـ 2011.
ويستفيد أعضاء البرلمان فى باكستان من الإعفاء من كتابة إقرارات ضريبية، وهو ما يجعل سداد الضريبة بالنسبة لهم أمراً تطوعياً، فضلا عن أن معظمهم من الأثرياء الذين من المفترض أن استحقاقات الضرائب لديهم تمثل نسبة مؤثرة فى حجم الإيرادات.
وقد تجنب المجلس الفيدرالى للإيرادات تحصيل المبلغ المستحق كاملا من المتهربين بعد أن تمكن من تحديده من أجل تجميع تلك البيانات الجديدة سريعا تحسبا لتغيير متوقع للحكومة وهو ما يهدد بإلغاء الخطة لأنه لا يوجد وقت كاف لتحديد التزامات المتهربين بالكامل.
ويرى حفيظ باشا، وزير مالى سابق، أن رجال الأعمال الكبار وغيرهم ممن اغتنوا خلال الأربع سنوات الماضية تحت حكم حكومة حزب الشعب الباكستانى هذه الخطة سوف تضفى شرعية على مكاسب المتهربين غير المشروعة.
وأكد باشا على ضرورة وجود المزيد من الإصلاحات الجوهرية، مشيراً إلى أن عدم تطبيق القانون دفع الكثيرين إلى التهرب من دفع الضرائب.
وأضاف أن قطاع الزراعة – على سبيل المثال – معفيّ من ضرائب الدخل لأن أعضاء البرلمان إما من كبار مالكى الأراضى أو يعتمدون على الأصوات الريفية.
وسعت باكستان إلى سد ثغرات قانون الضرائب فى 2008 للوفاء باتفاق تحصل بمقتضاه على قرض من صندوق النقد الدولى بقيمة 11.5 مليار دولار، لكن الخبراء يعتبرون أن الحكومة جهودها فشلت فى وضع قوانين ضرائب صارمة لحرصها على كسب مزيد من التأييد والصداقات مع الأثرياء والتأثير عليهم.
اعداد: ربيع البنا ورحمة عبد العزيز








