ربما تكون قبرص قد نجحت في تفادي كارثة مالية كاملة، لكنها علي الرغم من بدء البلاد في السير علي طريق التعافي، تظل مثالاً مهماً علي الاخفاقات السيئة لنموذج الاتحاد الأوروبي بوصفها أسوأ أزمة حلت بدولة قبرص الواقعة علي ضفاف المتوسط منذ اجتياح تركيا لها عام 1974، فإن الأزمة المالية التي عانتها قبرص خلال العامين 2012 ـ 2013 قد تركت هذا العضو من الاتحاد الاوروبي في حالة فوضي عارمة.
وبالنظر إلي التأثر البالغ للبنوك القبرصية بأزمة الديون اليونانية، مقترناً بخفض منزلة الاقتصاد القبرصي من جانب وكالات التصنيف الدولية، فإن مستقبل قبرص يبدو قاتماً في أحسن الأحوال.
لقد نشب الخلاف ـ ليشكل فيما بعد قلب الأزمة ـ عندما تضمنت خطة الإنقاذ الأصلية فرض ضريبة لمرة واحدة فقط، علي الايداعات البنكية للحسابات المحلية.
كانت هذه الخطوة تهدف إلي جمع ما يقارب 7.4 مليار دولار لاتمام عملية الإنقاذ، لكنها قوبلت بالغضب والشجب لأن المقترح كان سيجبر المدخرين في قبرص علي دفع حوالي 10% من ودائعهم.
كما تولدت المزيد من الانتقادات عقب عدد من الممارسات الجائرة التي تضمنت المصادقة علي قوانين تقيد عمليات السحب النقدي، وتحظر التحويلات المالية الكترونيا، والتي ما تزال سارية المفعول إلي حد ما.
بل إن حالة فقدان الثقة امتدت إلي الساحة الدولية، إذ تعرضت كل من أسواق الأسهم الآسيوية وعملة اليورو، إلي هبوط حاد في القيمة. وقد شهد «مؤشر أم أس سي آي لمنطقة آسيا الباسيفيك ـ MSCI Asia Pacific Index» أسوأ هبوط في 8 أشهر، حيث خسر 190 مليار دولار من القيمة السوقية.
كما أفادت التقارير بتراجع المؤشر بمقدار 1.89% إلي 134.08 عند الساعة 7.49 مساءً في طوكيو، في 19 مارس/ آذار 2013 وهو أكبر تراجع منذ شهر يوليو/ تموز 2012 وفي الـ25 من مارس/ 2013 تم الإعلان عن خطة إنقاذ بمقدار 12.8 مليار دولار، نظراً لأن « البنك الشعبي القبرصي Cyprus Popular Bank »، ثاني أكبر بنك في البلاد والمعروف أيضاً باسم « بنك ليكي Laiki Bank » كان يواجه خطر الإغلاق وقد أدت هذه الخطوة إلي خسارة ثقيلة تكبدها المدخرون الأثرياء، ممن فُرضت الضرائب علي حساباتهم، بالرغم من ان الحسابات التي تحتوي أقل من 128 ألف دولار لم تتعرض لأي اقتطاعات، حيث تحولت مع باقي المدخرات الجيدة إلي « بنك مجموعة قبرص ـ Bank of Cyprus Group ».
وقد زاد هذا الوضع من حدة العلاقات المتأزمة بين روسيا ومنطقة اليورو، إذ يقدر بأن الدولة قد خسرت المليارات من اليورو في أعقاب عملية الإنقاذ «تم ايداع ما يقدر بنحو 20 مليار يورو في البنوك ».
كذلك باءت محاولة قبرص بالحصول علي المساعدة الروسية خلال الأزمة بالفشل.
وبالرغم من احتواء الأزمة تقريباً، إلا أنه من المحتمل ان تظهر الآثار الناجمة عن أزمة قبرص 2012 ـ 2013 خلال الأعوام المقبلة.







