زيادة الطلب والدعم الحكومى وراء انجذاب الشركات التجارية الكبرى نحو سلع القارة
رغم أن أفريقيا تعد قارة غنية جداً بالموارد، إلا أن سكانها يعتبرون من أكثر السكان فقراً، مقارنة بسكان قارات العالم الأخرى من حيث الناتج المحلى الإجمالى للفرد الواحد، ومع ذلك، حقق عدد من بلدان القارة مكاسب كبيرة خلال السنوات القليلة الماضية، التى شهد دخول بعضها ضمن قائمة أسرع الاقتصادات نمواً فى العالم.
ياتى تسارع النمو فى القارة السوداء مدفوعا بزيادة الاستقرار السياسى والتطور السكانى وانتشار وسائل الاتصال المتنقلة وارتفاع أسعار السلع فضلا عن الزيادة المفاجئة فى الاستثمار الاجنبى المباشر، وكذلك الطلب على السلع داخل الدول الأفريقية، كما أن البدء فى تجارة العقارات سوف يقلب النموذج التقليدى للأعمال التجارية فى القارة رأسا على عقب.
قال كيتان باتل، العضو المنتدب فى المجموعة التجارية للتصدير، إن أفريقيا آخذة فى التغير بشكل جذري.
تعتبر أفريقيا منشأ الأعمال التجارية منذ عصور الاستعمار حيث كانت تمد المستهلكين الأجانب بالمواد الخام كالذهب من جنوب أفريقيا والقهوة من إثيوبيا والبترول الخام من نيجيريا والكاكاو من ساحل العاج والنحاس من زامبيا، ولايزال هذا النموذج من الأعمال التجارية مهماً بالنسبة للشركات التجارية الكبرى، حيث امدت سلع التصدير فى أفريقيا الأباطرة الاجانب بملايين الدولارات.
ولكن خلال السنوات الخمس الماضية ظهرت وجهة جديدة للأعمال التجارية فى القارة السوداء، حيث قال تجار السلع إن التحول إلى إمداد المستهلكين الأفارقة يعنى أنهم يبتعدون عن النماذج الاستعمارية، كما يرى التجار أيضا أن البيع إلى أسواق أفريقيا جنوب الصحراء المزدهرة يحمل فى طياته منافع أكبر بالنسبة للتنمية الاقليمية، حيث يعمل على ربط المستهلكين الأفارقة بالأسواق الدولية.
قال ايفان جلاسينبيرج، المدير التنفيذى لدى شركة جلينكور زاسترا، إن أفريقيا تتمتع بإمكانات ضخمة. وتوقع صندوق النقد الدولى أن تكون منطقة أفريقيا جنوب الصحراء ثانى أسرع المناطق نمواً فى
العالم فى عام 2014.
قال سانى فيرجهيز، المدير التنفيذى فى شركو اولام، هذا النمو الاقتصادى القوى يعنى أن أفريقيا تتحول من كونها مجرد محور للتصنيع منخفض التكلفة إلى مركز للطلب أيضا، فاتجاه النمو الاقتصادى الأفريقى كان تصاعدياً خلال العقد الماضى حتى انه قارب معدلات النمو الآسيوية. ومن المتوقع أن يزداد الطلب المحلى أيضا، بعدما أدى التوسع الاقتصادى القوى فى القارة الأفريقية إلى ارتفاع الناتج المحلى الإجمالى بالنسبة للفرد رغم النمو السكانى المزدهر، ووفقا لمنظمة الأبحاث كونفرنس بوورد فإن الدخل الأفريقى بالنسبة للفرد فى عام 1999 لم يتغير منذ 25 عاماً ولكنه منذ ذلك الحين ارتفع بنسبة %40 تقريبا.
تنجذب الشركات التجارية الكبرى نحو السلع الأفريقية لثلاثة أسباب، أولاً : للزيادة السريعة فى الطلب داخل أفريقيا، حتى إنه يصل إلى معدلات أكثر من %10 سنوياً. ثانيا: تدعم العديد من الحكومات الأفريقية السلع الأساسية مثل القمح والبنزين ما يضمن الأرباح للتجار، أما السبب الثالث والأخير فيتمثل فى افتقار غالبية البلدان الأفريقية إلى البنية التحتية اللازمة لاستيراد المواد الخام بدءاً من الصوامع لتخزين القمح والأرز وحتى محطات الوقود.
وتقول الشركات التجارية الكبرى إنه بمجرد بناء تلك البنية الأساسية سوف تستطيع القارة السوداء الاستفادة من سنوات ازدياد الطلب.
حتى الآن، يقود البترول نمو الطلب فى أفريقيا، وترى وكالة الطاقة الدولية أنه من المتوقع أن تكون أفريقيا واحدة من القارات التى تسجل اسرع وتيرة فى نمو الطلب العالمى على البترول على المدى القريب، حيث ينمو طلب القارة على البترول بنسبة %4 فى المتوسط سنوياً ما بين عامى 2012 و2018، أى ضعف وتيرة نمو الطلب فى آسيا وأكثر من متوسط الطلب العالمى بنسبة %1.3 خلال الفترة ذاتها.








