توقعت كريستين لاجارد، مدير عام صندوق النقد الدولي، يوم الأربعاء الماضى توقعات البنك الدولى أن يقوى نمو الاقتصاد العالمى وفى الوقت ذاته حذرت من المخاطر.
ولكن خلف هذه التوقعات بالتحسن التدريجى فى النمو العالمي، تكمن أسئلة ملحة بشأن السياسة والرابحين والخاسرين فى جدول مباريات النمو العالمى والاتجاهات المهمة المؤثرة فى جميع البلدان تقريبا.
وسوف تركز الأسواق حتماً على التحولات والتغييرات المفاجئة فى السياسة النقدية لسبب وجيه وهو قدرة تلك التغييرات على تكوين الثروات وضياعها، وتتضمن الأسئلة المهمة لعام 2014 ما إذا كان العالم المتقدم سيتحول من معدلات التضخم الآخذة فى التراجع على مرأى من الجميع إلى الانكماش، وما إذا كان بنك الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى سيقلص برنامج شراء السندات بسرعة أكبر، وهل سيقضى هذا الإجراء الأمريكى على تدفقات رأس المال إلى الاقتصادات الناشئة.
والسؤال الأهم، رغم أنه أقل إلحاحا، هو ما السبب وراء تعثر تعافى الاقتصاد العالمى، حيث يكمن وراء التحسن البسيط فى النمو تراجع هائل فى نمو الانتاجية فى البلدان الغنية والفقيرة على حد سواء.
وكما قال بول كروجمان، الخبير الاقتصادى الحائز على جائزة نوبل، إن الإنتاجية ليست كل شىء ولكن على المدى الطويل فإنها كل شيء تقريبا.
ويمكن أن تنتعش اقتصادات البلدان بعد الانكماش، ولكن هذا لا يحدث الا من خلال تحسين الكفاءة بحيث تتحول العمالة ورأس المال إلى سلع وخدمات وترتفع مستويات المعيشة بشكل مستدام.
وأصدر مركز الأبحاث كونفرنس بورد يوم الثلاثاء الماضى تقييمه السنوى للانتاجية العالمية مبينا تراجع إنتاجية إجمالى عوامل الإنتاج فى عام 2013 لأول مرة منذ عقود، ما يشير إلى أن العالم لم يطور طريقة تخصيص موارد العمل ورأس المال العام الماضي.
وإذا اختفى نمو الإنتاجية الكلية فى السنوات المقبلة، فسوف تتحطم كل الآمال بأن تتمكن البلدان الغنية من تحسين مستوى المعيشة لسكانها وأن تلحق الاقتصادات الناشئة بركب العالم المتقدم.
ويعد تراجع معدلات النمو نتيجة لتاريخ طويل من انخفاض نمو الإنتاجية فى الاقتصادات المتقدمة التى لم يعد يعوض عنها الارتفاع الهائل فى كفاءة الاقتصادات الناشئة.
وبالنسبة للولايات المتحدة، التى مازالت أكبر اقتصاد بالعالم، أثار هذا الاتجاه، من تراجع الانتاجية، سؤالاً حيال ما إذا كانت أزمة الانتاجية هى نتاجاً لضعف انتعاش الطلب أو لأن قدرتها على الابتكار ودفع إمكانيات النشاط الاقتصادى إلى الأمام قد توقفت.
أما فى الاقتصادات الناشئة، فبالرغم من أن اتجاهات الإنتاجية مازالت أفضل بكثير مما كانت عليه فى سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، فتكمن المؤشرات المقلقة فى أن الإنفاق المستمر على السلع الرأسمالية لا ينتج عنه نفس التحسن فى الكفاءة قبل عشر سنوات، ما يشير إلى أن رأس المال لا يتم تخصيصه فى أفضل المجالات الممكنة.
وبحسب تقديرات كونفرنس بورد فقد توقفت إنتاجية إجمالى عوامل الإنتاج فى الصين العام الماضى وتراجعت فى الهند، ما يشير إلى أنه حتى أكبر الاقتصادات الناشئة تناضل لتحقيق التقدم فى الكفاءة التى تحققت فى السابق بكل سهولة.
ويرى البنك الدولى أن الارتفاع السريع المستمر فى مدخلات العمل ورأس المال مازال يعنى أن الاقتصادات الناشئة من المرجح أن تنمو بوتيرة أسرع من الدول الغنية خلال عام 2014، وتوقع البنك أيضاً عودة النمو فى شمال أفريقيا والشرق الاوسط بعد عامين قاسيين.
وصرح البنك الدولى بأن التحسن الرئيسى للتوقعات الاقتصاد العالمى يأتى من الاقتصادات المتقدمة التى من المرجح أن تخرج أخيراً من سنوات الأزمة مع نوع من النمو المقبول، وإذا تحقق هذا الأمر فسوف تتراجع أهمية تحدى الانتاجية على المدى الطويل بعض الشيء، ولكن اللحاق بركب النمو لن يستمر الا لبعض الوقت، ومع الانخفاض السريع فى معدلات البطالة فى أمريكا وبريطانيا، فإن السؤال الاهم، وهو ما السبب وراء تعثر تعافى الاقتصاد العالمي، أصبح أكثر إلحاحاً.