بقلم: روبرت زوليك
منذ أن تولى منصبه من حوالى عام تقريبا، ويزداد اتجاه شى جين بينج كرئيس للصين وضوحاً، فأولويته هى الحفاظ على بقاء الحزب الشيوعى. ومن المفترض أن تعمل حملات النقذ الذاتى والمناهضة للفساد التى أطلقها شى على تطهير الحزب، وأيضا على تقوية ركائز السلطة، وقد عزز قوته بالفعل بشكل أسرع من المتوقع، فهو سيطر على اللجنة الدائمة للمكتب السياسى للحزب الشيوعي، ويترأس اللجنة العسكرية المركزية – التى تعد بمثابة لجنة الأمن القومى الجديدة – بالإضافة إلى مجموعات الحزب رفيعة المستوى والتى تقود الإصلاح الاقتصادي.
وفى ظل أولوية الحفاظ على الحزب، يمكن أن تُرى إصلاحاته بمثابة وسيلة لتحقيق هذه الغاية، والإصلاحات الاقتصادية لن يقابلها انفتاح سياسي، بل على العكس، فنظرا لمخاطر التغيير، فإن الاعتقاد الحالى يتمثل فى أهمية جعل السياسة تحت السيطرة.
وسوف تركز الإصلاحات على الحوكمة الاقتصادية والحداثة، وقد تبدو هذه البنود غامضة للغربيين، إلا أن “بينج” يهدف إلى أن يتم تصنيفه واحدا من الثلاثة قادة العظام للصين الحديثة، بجانب ماو زيدونج، ودينج شياو بينج، ويتمثل الدور التاريخى للرئيس أن يبنى هيكلاً اقتصادياً حديثاً للصين يتماشى مع مركزها العالمي.
وقال أحد القادة الإصلاحيين: “فى الماضي، كان يمكن كسر النظام القديم وتأسيس الجديد، أما الآن، فالاقتصاد الصينى معقد للغاية، وينبغى أن نبنى أولاً مؤسسات الحوكمة الاقتصادية التى سوف يعمل السوق وفقاً لها”.
وأنا أشك أن ذلك سوف يتضمن إصلاحات ضريبية أو إعادة توزيع لمسئوليات الإيرادات والمصروفات بين بكين والمقاطعات، أو تحرير نظام تسجيل الأسر “هوكو”، أو تأسيس الحقوق وإنشاء الأسواق فى المناطق الريفية، أو التحضر، أو شبكات أمان اجتماعية جديدة، أو توسيع الأسواق المالية مع التعلم من أخطاء التنظيمات فى الغرب.
فما هى الخطوات التى يمكن للغرب توقعها؟ يصف أحد المسئولين بعض المجالات التى ستنسحب منها الحكومة مثل منح التراخيص والتصاريح والتى غذت الفساد، كما يمكن توقع أن يتم تسعير الأصول من قبل الأسواق خاصة أسعار السلع، وأن يكون هناك منافسة أكبر على الأقل فى قطاع الخدمات، كما سوف تحصل الشركات الخاصة – التى تتمتع بعائدات أعلى بكثير من الشركات الحكومية – بفرص أكثر عدلاً، والأكثر أهمية من ذلك، أن الحزب والحكومة ينبغى عليهما التخلص من التلوث السام.
ويبدو أن الحكومة أيضاً ملتزمة بتحرير القطاع المالي، وربما تفتح الباب أما التحركات الحرة لرأس المال، وشهد الإصلاحيون اقتصادات نامية أخرى انهارت عندما لم تتحد فيها الأسواق المصالح الخاصة من أجل أن يتم استخدام رأس المال بطريقة أكثر إنتاجية.
ويعلم الرئيس الصينى وزملاؤه أنهم يواجهون مخاطر حيث خلفت المحفزات الصينية، المكونة من توسع هائل فى الائتمان والإنشاءات، إرثا مكلفا مثل ارتفاع نسبة القروض المعدومة، والمبانى الفارغة خاصة فى المدن متوسطة الحجم، ونظام مصرفى مواز مهدد بالإفلاس، وهذه المخاوف دفعت بالكثير من المحللين الغربيين إلى توقع المزيد من المحفزات وحزم الإنقاذ.
واقترح أن يستمع المسئولون إلى تصريحات الإصلاحيين لو جى وي، وزير المالية، وتشو شياو تشوان، محافظ البنك المركزى الذين يطالبان بتغيير هيكلي، فهما يريدان تجنب مراكمة المشكلات القديمة بالمزيد من الإنفاق والدعم المكلف، بل يشجعان على البحث عن إصلاحات مبتكرة مثل حث المقاطعات والبلديات على بيع الأصول مثل الشركات المحلية لسداد الديون.
ولدى الصين مصالح خاصة قوية، فإذا تباطأ النمو بشدة، فسوف نرى حلولا وسطا، ولا تزال الدول الآخذة فى التمدن تحتاج إلى استثمارات كبيرة ومساكن للأسر الشابة، لذا سوف تسعى الحكومة لإرضاء الطلب الحالى من خلال الاستثمار فى الحاجات المستقبلية.
وبعد كل شيء، فإن أولوية الحفاظ على بقاء الحزب تتطلب تقييما حذرا للنمو وتغييراً جذرياً لخلق الاقتصاد الحديث الذى يمكن أن يكون إرث “بينج”.
ويحتاج جيران الصين والولايات المتحدة وغيرهما المزيد من اندماج الدولة فى النظام العالمي، وموازنة تأثيرها والتحوط ضد عدم اليقين المحيط بها، ولكى يفعلوا ذلك يحتاجون أن يعرفوا كيف ترى القيادات الصينية الجديدة مهمتها التاريخية.
إعداد: رحمة عبدالعزيز
المصدر: الفاينانشيال تايمز








