500 ألف وحدة أقصى حجم للإنتاج السنوى من العقارات فى مصر والعجز المتراكم 6 ملايين
تقلبات السوق بعد الثورة وموجات سحب الأراضى مخاوف حسمتها “الإسكان” بالتسويات
يرتبط القطاع العقارى فى أذهان المستثمرين المصريين والعرب بالربحية السريعة والقدرة على تسويق المشروعات قبل البدء فى تطويرها وخلال السنوات الماضية كان من الشائع استخدام مصطلحات مثل “العقار مخزن آمن للقيمة” والاستثمار فى السكن يحمى رؤوس الأموال من التقلبات الاقتصادية خاصة فى سعر صرف العملة.
وتعتمد الحكومة على سوق العقارات بصفة عامة ووزارة الإسكان وهيئة المجتمعات العمرانية بصفة خاصة للترويج للاستثمارات المستقبلية فى مصر بمشروعات على مساحات شاسعة من الأراضى وباستخدامات متنوعة.
وبعد ثورة 25 يناير 2011 شهد القطاع حالة من الاضطراب بسبب موجة سحب الأراضى من الشركات العقارية الكبرى بسبب اتهامات بالفساد شابت عمليات تخصيص الأرض قبل الثورة وفى المقابل حاولت الدولة من خلال لجان فض المنازعات لإبرام العديد من التسويات مع كبار المطورين والترويج لها ضمن خطة التحفيز على الاستثمار فى مصر.
وفى مصر تقدر وزارة الإسكان حجم الإنتاج السنوى من العقارات عن طريق الدولة والقطاع الخاص وصغار المقاولين بـ 500 ألف وحدة سنويًا مقابل طلب يتجدد فى نفس الفترة يقدر بـ 300 ألف وحدة وعجز متراكم يبلغ 6 ملايين وحدة وفى نفس الوقت هناك عقارات مخالفة يتجاوز مجموعها بـ 650 ألف عقار منها 200 ألف مقام بطريقة عشوائية وتضم 6.5 مليون وحدة نسبة الإشغال فيها ضعيفة للغاية بسبب التهديد الدائم بإزالتها.
الاستثمار فى قطاع السكن المصرى يتمثل فى مشروعات تطورها الشركات العقارية على أراضى تطرحها الجهات الحكومية سواء وزارة الإسكان وهيئة المجتمعات العمرانية صاحبة الولاية على المدن الجديدة والأراضى التى تطرحها المحافظات فى نطاق ولايتها.
ويمكن للمطورين العقاريين أن يستثمروا فى مشروعات على أراضى مملوكة لشركات القطاع العام أو البنوك وتطرح فى مزايدات أو أراضى يملكها أفراد وأخر الأنواع هو العقارات التى يطورها صغار المقاولين فى ضواحى المحافظات ويتولى المقاول تسويقها بنفسه.
وقال تقرير صادر عن بنك اتش اس بى سى إن تخفيض الدعم على الطاقة و الغذاء بجانب انخفاض معدلات الرهن العقاري و فترات السداد الأطول يمكن فى النهاية أن يؤدى إلى دعم انتعاش سوق الإسكان.
و أضاف التقرير أن الثقة يمكن أن تلعب دورا هاما فى انتعاش النمو الاقتصادى المصرى ، و أنه حال تحقيق الانكماش المالى فى المدى البعيد ،يمكن أن ينتهى الأمر إلى نمو إيجابى من خلال خفض أسعار الفائدة محليا.
أوضح أن مشروع الإسكان المصرى يعد محفزا أساسيا لزيادة الإيرادات فى القطاع ،مشيرا إلى أن هناك دراسة وجدت نقصا فى المعروض من الوحدات السكنية فى مصر و أن أغلب الساعيين للحصول على مساكن بأسعار معقولة هم المواطنين ذو الدخل المنخفض مع مستويات منخفضة فقط من الطلب من المغتربين.
و اشار التقرير إلى أن الحكومة المصرية أعلنت عن مبادرات عديدة مستهدفة اشباع هذا الطلب ، حيث أنها فى يناير أعلنت عن توقعها استلام بعض من الـ50 ألف وحدة منتصف العام بجانب 90 ألف وحدات إضافية خلال الأربعة أشهرا القادمة و فى فبراير أعلن البنك المركزى المصرى أنه جمع 10 مليار جنيه للمشروعات الإسكان متوسطة التكلفة و الذى سيقوم بإيداعها للبنوك المحلية لمدة 20 عاما بأسعار فائدة منخفضة ،بالإضافة إلى ذلك فى مارس وقعت شركة أرابتك الإماراتية مع الحكومة المصرية لبناء مليون وحدة سكنية فى مصر.
أوضح التقرير أن ارتفاع نسب الزواج فى مصر بجانب ارتفاع معدل النمو السكانى يضغط على الطلب أيضا ،حيث أن نسبة الزواج فى الدولة قد يصل إلى 600 ألف حالة زواج فى العام و الذى سيكون مشجعا للطلب خاصة فى ضوء النمو السكانى.
توقع التقرير أنه بشكل عام يرى أن المبيعات المحلية ستنمو بمعدل تراكمى 8% سنويا، فى الفترة من 2013 حتى عام 2016 ناتج عن نمو فى حجم الوحدات السكنية بجانب نمو شبكة التوزيع و المحفزات الهيكلية الأخرى.
الاستثمار العمرانى المربح فى مصر يتركز فى نطاق محافظتى القاهرة والجيزة وتتميز مدن القاهرة الجديدة و6 أكتوبر والشيخ زايد بأنها الأكثر جذبًا للمطورين تليها مدن دمياط الجديدة والشروق والعاشر من رمضان والعبور وبدر وأخيرًا مدن الصعيد التى تبدأ من الفيوم الجديدة جنوب الجيزة وحتى أسوان الجديدة على حدود مصر الجنوبية.
الاستثمار العقارى الآمن فى مصر تروج له وزارة الإسكان فى القمة العقارية من خلال محورين الأول عن طريق طروحات مستدامة للأراضى ذات الاستخدام العمرانى المتكامل وأعدت لذلك 30 ألف فدان ترفقها هيئة المجتمعات العمرانية فى العام المالى الجديد باستثمارات 9 مليارات جنيه بجانب 40 ألف فدان ينتهى ترفيقها فى 30 يونيو المقبل تكون جاهزة للطرح ضمن مخزون أراضى الهيئة.
المحور الثانى يتمثل فى مشروعات بالشراكة مع القطاع الخاص تروج لها “الإسكان” فى القمة الاقتصادية بمساحات مختلفة تبدأ من 190 فدان وحتى 10 آلاف فدان واستثماراتها تتراوح بين 8 مليارات جنيه وحتى 150 مليار جنيه.
تجربة الشراكة طرحت فى عام 2012 من خلال مشروع لتطوير الحى التاسع بمدينة 6 أكتوبر على مساحة 171 فداناً ولم يتقدم لشراء كراسات الشروط سوى 3 شركات فقط ما اعتبره البعض مؤشراً سلبياً على إمكانية نجاح المشروع.
ويتصدر صعوبات شراكة الهيئة مع القطاع الخاص وفقاً لمطورين كبر مساحات الأراضى المزمع طرحها للشراكة وحاجتها لسيولة مالية كبيرة إضافة إلى بعض التعقيدات التى ظهرت فى المشروعات السابقة وأهمها تحديد قيمة رأس مال شركة المشروع بقيمة مالية كبيرة وحصول “المجتمعات العمرانية” على ربحية ثابتة حتى لو تعرض المشروع لخسائر إضافة إلى التخوفات من سيطرة أجهزة رقابية تابعة للحكومة مثل الجهاز المركزى للمحاسبات وإعاقة عمل المطور وتقيده بالقوانين الإدارية.
مخاوف المطورين رد عليها وزير الإسكان بأن مشروعات الشراكة بين هيئة المجتمعات العمرانية والمطورين العقاريين ستشهد توزيع واضح للأدوار والمسئوليات حيث سيتمثل الدور الأساسى لهيئة المجتمعات العمرانية فى إتاحة أرض المشروع محل المشاركة خالية من الموانع الفنية والقانونية واستخراج التراخيص والتصاريح والقرار الوزارى للمشروع في إطار القوانين والاشتراطات البنائية إضافة إلى توصيل المرافق الأساسية المطلوبة إلى الحد الخارجى لقطعة الأرض عند النقطة الرئيسية التى يحددها المطور أو المستثمر مع الهيئة بالاتفاق فيما بينهما.
وأضاف مدبولى أن الدور الأساسي للمستثمر هو الإلتزام بتطوير وتصميم وتسويق وبيع وتنفيذ وتمويل المشروع وتحمل التزاماته تجاه العملاء دون أدنى مسئولية على الهيئة في ذلك كله وللمستثمر الحق في إضافة أنشطة أو مكونات أخرى يرى أنها تحقق عائدًا اقتصاديًا أفضل للمشروع واستغلالًا أمثل لمساحة الأرض.
ويوضح الوزير “المحدد الأساسى لعمل هيئة المجتمعات العمرانية فى الفترة المقبلة هو اللائحة العقارية المعدلة والتى تضمن حق الدولة والمستثمر وتسريع عملية التنمية وفق ضوابط واضحة تشمل جداول زمنية تتناسب مع حجم كل مشروع ومواعيد للترفيق وإلغاء لسحب الأراضى واستبداله بالغرامات طالما التزم المستثمر بالجدية فى التنفيذ”.
أوضح أن تأهيل المطورين للاستثمار فى القطاع السكنى بصفة خاصة والعاقرى بصفة عامة يشترط أن يتضمن العرض المالى للمطور العقارى بيان بالجدارة الائتمانية والمالية اللازمة لتنفيذ المشروع مع إرفاق القوائم المالية المعتمدة لمقدم العرض للسنوات الأربع الأخيرة مع دراسة جدوى مالية للمشروع بكافة عناصره ومكوناته والتدفقات النقدية لضمان نجاح الشراكة بين الطرفين.
بعيدًا عن مشروعات الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص فإن العائق الأكبر الذى واجه المطورين خلال الفترة الماضبية كان تأخر هيئة المجتمعات العمرانية فى ترفيق الأراضى ما ينتج عنه تأخير فى التنفيذ وعدم التزام بالجداول الزمنية للتنفيذ وسحب الأراضى أو فرض غرامات تأخير.
لذا حاولت “المجتمعات العمرانية” حل الأزمة وعلى لسان نائب رئيس الهيئة لشئون تنمية وتطوير المدن الجديدة المهندس كمال فهمى الذى يعبر عن المشكلة بقوله “المستثمر عندما يبدأ بدراسة المشروع يسأل عن طبيعة الأرض وموقعها وحالة المرافق لأن العائد الجيد على الاستثمارات يستلزم البدء الفورى فى تنمية المشروع فور استلام الأرض”.
أضاف أن الهيئة تعمل على توفير أراضى مرفقة بمخزون هائل لذا وضعت خطة استثمارية فى العام المالى الجديد بقيمة 28 مليار جنيه منها 9 مليارات لترفيق 30 ألف فدان كما يجرى ترفيق 25 ألف فدان أخرى خلال العام المالى الجارى تنتهى فى يونيو المقبل تضاف إلى 15 ألف فدان تم الانتهاء من ترفغيقها ليصل مخزون أراضى الهيئة الجاهز للتنمية 40 ألف فدان.
وفى نفس الوقت يرى فهمى أن الدولة فى حاجة إلى إعادة تجربة الشراكة مع القطاع الخاص مرة أخرى بعد نجاح تجربة محطة الصرف الصحى فى القاهرة الجديدة والتى دخلت الخدمة فعليًا مشيرًا إلى أن الشراكة ستوفر على الدولة السيولة المالية اللازمة لبدء المشروعات خاصة فى ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية.
ويرى الدكتور مصطفى مدبولى وزير الإسكان أن دور الوزراة فى الفترة المقبلة يتمثل فى رسم هوية استثمارية لكل مدينة عبر إنشاء مشروعات باستخدامات متعددة تخلط بين الإدارى والتجارى والسكنى وتقام على مساحات متنوعة.
ويعتبر الوزير القطاع العقارى وخاصة السكنى هو المحرك الأساسى للاستثمارات فى الفترة المقبلة لأنه يشجع المستثمرين على ضخ استثمارات بمليارات الجنيهات فى السوق المصرى تعنى تشغيل 100 صناعة تابعة للقطاع العقارى فقط.
