بدأ الفريق الاقتصادى للرئيس الإيرانى حسن روحانى فى التخطيط لفترة ما بعد العقوبات فى ظل مساعى المسئولين لإنقاذ الاقتصاد الإيرانى الذى عانى لسنوات الركود وسوء الإدارة، وصرح ولى الله سيف، محافظ البنك المركزى الإيرانى الذى عينه روحاني، لصحيفة فاينانشيال تايمز فى مقابلة نادرة، بأن الحكومة تضع خططاً لاستراتيجيات لتوزيع الأموال وتسريع تطوير القطاعات الرئيسية، بما فى ذلك البترول والغاز والسياحة وتكنولوجيا المعلومات.
ويتوقع سيف أن ترفع العقوبات المالية، التى حالت دون وصول عشرات المليارات من الدولارات من عائداتها من البترول إلى الحسابات الخارجية، وأعاقت الوصول إلى البنوك الدولية، بعد أشهر قليلة من الاتفاقية النووية المبدئية، وتتطلع إيران والقوى الدولية إلى إبرام اتفاقية نووية شاملة نهاية الشهر المقبل، ولكنه يحذر من توقع حدوث تأثير فورى على الاقتصاد الإيراني، ويرى أن تأثير رفع العقوبات لن يكون ملموساً قبل نهاية العام الإيرانى فى مارس.
ويواجه محافظ البنك المركزى الإيرانى تحديات شاقة لاستعادة الاستقرار والمصداقية للبنك المركزي، إذ كان يُعامل البنك تحت إدارة محمود أحمدى نجاد السابقة كخزينة، وتم إجباره على تمويل سياسات شعبوية بما فى ذلك مشروعات إسكان ضخمة للفقراء.
وقال سيف، إن البنوك فى حاجة إلى ضخ رؤوس الأموال وإعادة هيكلة الإدارة وتحسين الرقابة، وأتُلف القطاع المصرفى فى السنوات الأخيرة، إذ بلغت نسبة القروض المتعثرة %14.5 وفقاً لمحافظ البنك المركزي، فى حين يقول مصرفيون آخرون إن النسبة تجاوزت %20.
وأوضح سيف، أن المستثمرين العرب والأوروبيين مهتمون بالقطاع المصرفى، ويتساءلون ما إذا كان بإمكانهم الحصول على تراخيص وتأسيس بنوك جديدة وشراء حصص فى البنوك الخاصة القائمة، وما إذا كان بإمكانهم فتح فروع لهم.
ويُسمح للبنوك الأجنبية بشراء حصة تبلغ %40 فى أى بنك محلى، ولكن البنك المركزى يراجع القواعد التنفيذية لتقديم شروط أسهل للبنوك فى مناطق التجارة الحرة، وقال سيف، إن إيران ليست فى حاجة فقط إلى رؤوس أموال بل إلى التكنولوجيا أيضاً، وبالنسبة للطلبات المقدمة من المؤسسات، فسوف يتم النظر فى تاريخ تلك المؤسسات فى بلادها، وأيضاً النظر فى علاقاتنا مع هذه الدول.
وأحد التحديات الرئيسية التى تواجه البنك المركزى هو كيفية السيطرة على مؤسسات الائتمان والمؤسسات المالية التابعة لمراكز القوى السياسية والعسكرية والدينية بما فى ذلك الحرس الثوري، وانتشرت هذه المؤسسات فى ظل حكومة أحمدى نجاد، وكان يتم تشغيلها خارج رقابة البنك المركزى، رغم أنهم يشكلون ربع النشاط المصرفى فى البلاد.
وفى محاولة لغرس الانضباط المالى والإحالة دون تنافس البنوك مع هذه المؤسسات، منع البنك المركزى الشهر الجارى البنوك من تقديم أسعار فائدة تزيد على %20 على الودائع لمدة عام واحد.
ونجحت حكومة روحانى فى خفض التضخم بأكثر من %40 ليبلغ %15.5 فى أقل من عامين، كما تم إيقاف التقلبات الجامحة فى الريال، ومع نضال الحكومة لإعادة الاقتصاد المتعثر إلى طبيعته، يشتكى رجال الأعمال الإيرانيون والشعب الإيرانى عدم لمس النتائج على أرض الواقع، وستزداد الضغوط على الحكومة لتحقيق منافع ملموسة عندما يتم التوقيع على اتفاق نووي.
وقال جاى بيلوسكى، فى مقال له على صحيفة فاينانشيال تايمز، إن الاتجاه الصعودى لإيران يتكون من جزأين، أولا: إبرام صفقة نووية من شأنها أن تدعم إعادة انتخاب روحانى وتوفير طريق سريع للتحول الاقتصادى خلال ست سنوات، ثانياً: فتح بورصة أخرى فى الخليج أمام المستثمرين الأجانب وهى البورصة السعودية.
وأضاف بيلوسكى، أن فتح أسواق رأس المال الإيرانية والسعودية للمستثمرين الأجانب على حد سواء سيسمح لأسواق الخليج بتحفيز العمل والنمو والاندماج الاقتصادى الإقليمى، وفى الوقت ذاته الحد من الإرهاب والعنف، وهو ما يراه بيلوسكى مربحاً للجانبين.








