إلغاء مشروعات لمستثمرين أجانب فى السويس بسبب دراسات جدوى أجريت وفقاً للقوانين القديمة
توحيد جهة الولاية فى محور تنمية قناة السويس يساهم فى سرعة إنهاء الإجراءات
لا تزال التشريعات الاقتصادية التى تصدرها الحكومة من وقت لآخر لتنظيم السوق، محل جدل بين مكاتب الاستشارات القانونية وثيقة الصلة بالاستثمار ومجتمع الأعمال، وبين الحكومة التى تدافع عن نفسها، دائماً، بالقول إنها تعمل على خلق مناخ أفضل للاستثمار.
التقت “البورصة” أشرف الإبراشى، الشريك الرئيسى لمكتب الإبراشى للمحاماة، وتحدثت معه عن حقيقة الدور الذى يقوم به القضاء فى مصر، وهل بالفعل يعمل على دعم مناخ الاستثمار، أم أنه يمثل عائقاً أمام مناخ استثمارى أفضل يحلم به الجميع.
قال “الإبراشى”: المشكلة فى التشريعات، والحكومة قامت خلال الفترة الماضية بإجراء تعديلات على عدد من القوانين، مثل قانون الاستثمار، وقوانين الضرائب، لافتاً إلى أنها قامت بإجراء هذه التعديلات بشكل متكرر، ما تسبب فى خلق حالة من عدم الطمأنينة لدى المستثمر الراغب فى إقامة استثمارات جديدة بالسوق.
تابع: “كثرة التعديلات على القوانين التى تنظم عملية الاستثمار تؤدى إلى نتائج سلبية، كما أنها قد تؤدى إلى إلغاء مشروعات معينة نتيجة اختلاف الأوضاع القانونية والمحاسبية التى يضع المستثمر دراسات الجدوى على أساسها”.
أضاف أن المستثمر حينما يرغب فى إقامة مشروع ما، يبدأ فى دراسة السوق وفقاً للظروف والمعطيات القانونية الموجودة بالفعل، مثل عمل دراسة جدوى على أساس إعفاءات جمركية، أو ضريبية معينة، وفى حالة تعديل القانون، يرى المستثمر، أن دراسات الجدوى التى بحوزته لن تساعده على تحقيق ربحه المنشود من المشروع نتيجة اختلاف الظروف القانونية، ما يدفعه إلى إلغاء المشروع.
حالات متعددة مثيلة للوضع السابق شهدها الاقتصاد المصرى خلال الفترة الماضية من قبل مستثمرين أجانب فى منطقة العين السخنة، وفقاً للشريك الرئيسى لمكتب الإبراشى للمحاماة.
ولفت إلى أن المستثمر يرغب فى استقرار المبادئ والأسس التجارية لمدة طويلة، وعدم تغييرها أو تطبيقها بأثر رجعى، كما حدث مع تطبيق الضريبة العقارية.
واستشهد “الإبراشى” بالحكم الذى أصدرته المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية اختصاص محاكم القضاء العادى بالفصل فى المنازعات المتعلقة بالضريبة على الدخل، واختصاص القضاء الإدارى بها، قائلاً: “مجلس الدولة ليس على دراية كافية بأساليب تحقيق الربح وأسلوب معاملة الأنشطة الاقتصادية، وإن اختصاصات مجلس الدولة تتركز فى مراجعة العقود المبرمة مع المستثمرين فقط للتأكد من سلامتها”.
وكانت المحكمة الدستورية العليا خلال الأسابيع الماضية، قضت بعدم دستورية اختصاص محاكم القضاء العادى بالفصل فى المنازعات المتعلقة بالضريبة على الدخل، واختصاص القضاء الإدارى بها، مستندة إلى أن الدستور الحالى أسند بنص المادة “190” منه إلى مجلس الدولة دون غيره، الفصل فى المنازعات الإدارية، وأن المشرع أقر بالطبيعة الإدارية للطعون فى القرارات النهائية الصادرة عن الجهات الإدارية فى منازعات الضرائب والرسوم.
ووصف “الأبراشى” التعديلات التى تجرى على قوانين الشركات والاستثمار بأنها غير طبيعية وتجرم المستثمر، حيث إنها أقرت تعديلات تقضى بتبديل العقوبة المالية إلى الحبس، قائلا إن “التعديلات التى تم وضعها مؤخراً تشير إلى أن كل معاملة يجريها المستثمر إذا كانت خطأ فإنها ستحول من مخالفة مالية إلى عقوبة جنائية، وبالتالى فإنه مرشح للحبس، ما يخلق تخوفات كبرى لديهم”.
قضية أخرى مهمة أثارها “الإبراشى” تتعلق بقرار الحكومة بمنح الضبطية القضائية لموظفى مصلحة الشركات والهيئة العامة للاستثمار والتأمينات، وهو القرار الذى يعتبره سلبياً على الاستثمار.
وأشار “الإبراشى” إلى أن العديد من الشركات تحتفظ بعدد من الملفات والمستندات المهمة، ولا تستطيع الشركة الإفصاح عنها لحين إتمام عمليات داخلية بالسوق لضمان نجاحها، بينما يعتبرها موظف الضبطية القضائية جريمة وإخفاءً للمستندات، ما يؤدى إلى تعرضه لعقوبه الحبس.
وشدد الشريك الرئيسى لمكتب “الإبراشى” للمحاماة على ضرورة أن تحترم الدولة تعاقداتها مع المستثمرين الذين قامت بمنحهم أراضى بمبالغ مالية معينة، وعدم إضافة مبالغ أخرى بعد فترة معينة، خاصة أنه تم تقييم الأرض فى وقت كانت الأسعار فيه مختلفة عن القيمة الحالية.
وتابع: “أنا مع مبدأ أن الحكومة تقوم بتخصيص الأراضى للمستثمرين لمدة 50 عاماً أو فترة عمر المشروع، وعدم تمليكها للمستثمر بناءً على التجربة الإنجليزية التى تشير إلى أن 50% من أراضيها تمنحها للمستثمر حق انتفاع”.
وأشاد باتجاه الحكومة لتوحيد جهة ولاية الأراضى فى جهة مستقلة واحدة وبصفة خاصة مشروع محور تنمية قناة السويس، بحيث يوكل إلى تلك الجهة إنهاء جميع الإجراءات والتراخيص الإنشائية، ما سيخلق نوعاً من الإنجاز وسهولة فى الإجراءات على المدى القصير.
وفيما يتعلق بقضايا التحكيم الدولى، قال “الإبراشى”، إن اتجاه الحكومة لتسوية عدد من المنازعات الاستثمارية وقضايا التحكيم مع المستثمرين يعد مؤشراً ايجايباً، لكن يجب على الحكومة الالتزام بتنفيذ الأحكام الصادرة فى هذا الشأن.
وتسعى الحكومة خلال المرحلة المقبلة لتسوية عدد من النزاعات مع المستثمرين كالشركة العربية للأسمنت، بالإضافة إلى تسوية ودية مع شركة “بوابة الكويت القابضة” لنزاع نشب قبل سنوات بشأن رفع أسعار توريد الغاز إلى شركة الإسكندرية للأسمدة بجانب توصلها إلى اتفاق تسوية مع شركة “اندوراما” الهندية المستحوذة على شركة غزل شبين الكوم، والتى كانت فى اتجاهها للتحكيم الدولي.
وتضمنت التسوية منح المستثمر نحو 54 مليون دولار، واستعادة الشركة.
فى سياق متصل، أشار “الإبراشى” إلى أنه ينبغى على الحكومة إصدار تشريعات تتعلق بآليات دخول وخروج الأموال بشكل سريع لطمأنة المستثمرين، باعتبارها من أكثر استفساراتهم بالنسبة للسوق المصري.
ويرى الشريك الرئيسى لمكتب “الإبراشى” للمحاماة، أن الحكومة ينبغى مراعاة تجانس واتساق القوانين التى تقوم بوضعها من حين لآخر بحيث تؤدى هذه القوانين إلى الوصول للغاية النهائية، وهى تحقيق مناخ استثمارى أفضل.
أضاف: “يجب ألا يعمل وزراء الحكومة كأنهم فى جزر منعزلة، فوزارة المالية من ناحية تحاول فرض مزيد من الضرائب لزيادة حصيلة الإيرادات الضريبية، على جانب آخر نرى أن وزارة الاستثمار تحاول تقليل قيمة الضرائب قدر المستطاع حتى تجذب مستثمرين أكثر، بينما نجد وزارة الصناعة تدعم فكرة تعويم الجنيه للدفع فى اتجاه زيادة حصيلة التصدير”.






