ذكرت صحيفة فاينانشيال تايمز فى تقرير لها إن البنوك التى تتمتع سيولة نقدية عالية فى مصر أثبتت مرونتها فى سنوات الاضطراب التى أعقبت ثورة 2011، التى شلت الاقتصاد وأصابت المستثمرين الأجانب بالخوف.
وبالنسبة للبنوك، كان الارتفاع الهائل فى إقراض الحكومة المصرية، التى تناضل من أجل سد عجز الموازنة، وسيلة آمنة لتحقيق أرباح جيدة، فى حين مكنتها سياسات الائتمان المتحفظة التى طال أمدها من السيطرة على القروض المعدومة.
وأفاد البنوك انطلاقها فى إقراض الشركات بمستويات لم تشهدها البلاد منذ الايام التى سبقت اندلاع ثورة 2011، مع عودة جزء من الثقة إلى الاقتصاد المصري.
ولايزال نقص العملة الأجنبية الناجم عن الأضرار التى لحقت بالقطاع السياحى وانخفاض الاستثمارات الأجنبية يعيقان النشاط الاقتصادي، ولكن الشركات الكبرى فى مختلف القطاعات زادت نسبة اقتراضها من أجل الإنفاق الرأسمالي.
وقال حسين أباظة، الرئيس التنفيذى لقطاع المؤسسات فى البنك التجارى الدولي، أكبر بنوك القطاع الخاص فى مصر، إن هذا الاتجاه بدأ فى يونيو 2014 ويؤثر فى قطاعات الأغذية والأدوية والسلع الاستهلاكية غير المعمرة والطاقة والإنشاءات، وحتى السياحة.
وأضاف أباظة أنه رغم ارتفاع نسبة القروض فى بنك «سى أى بي»، التى زادت بنحو 16.7% العام الماضى ومن المتوقع أن تصل إلى أكثر من 20% العام الجاري، فإن الإقراض لايزال دون مستويات 2010، وتذهب نصف هذه القروض تقريبا إلى القطاع الخاص.
وقال جاك إيمانويل، الرئيس التنفيذى لدى بنك «إتش إس بى سي»: «ارتفعت محفظة القروض فى البنك بنسبة 15% فى النصف الاول من عام 2015، ويأتى غالبية المقترضين من قطاعات الطاقة والتصنيع والتعدين الإنشاءات والاتصالات».
وقالت إلينا سانشيز كابيزودو، المحلل المصرفى لدى المجموعة المالية «هيرميس»، إن نسبة نمو القروض عبر القطاع المصرفى تقترب من 20% على أساس سنوي، ولاتزال توقعات البنوك إيجابية بالنسبة لقروض الشركات رغم أنهم يقولون إن نقص العملة الأجنبية يحد من النمو الاقتصادي.
وكانت وكالة التصنيف الائتمانى «موديز» قد غيرت فى يوليو الماضى نظرتها إلى القطاع المصرفى المصرى من سلبية إلى مستقرة، وأشارت إلى تحسن أداء الاقتصاد الكلى فى البلاد والتزام الحكومة بالإصلاح بالإضافة إلى توقعات بزيادة الاستثمار الأجنبي.وقالت ميلينا سكوريدو، كبير المحللين للبنوك المصرية فى «موديز»، إن جودة الأصول البنكية تحسنت كثيرا لأن المقرضين أصحاب القروض المعدومة ركزوا على إصلاح ميزانيتهم العمومية خلال الأربع سنوات الماضية التى تراجع فيها الإقراض.
وتوقعت سكوريدو انخفاض مشكلة هذه القروض عبر النظام المصرفى إلى 8% العام الجاري، وهو ما يعد انخفاضا من 8.4% فى ديسمبر الماضي.
ومع ذلك، قالت سكوريدو إن البنوك المصرية تعد بنوكاً متحفظة إلى حد كبير، وتنخفض القروض كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى انخفاضاً كبيرا فى مصر عن الدول الأخرى، وحتى مع الزيادة الأخيرة فى القروض، فنسبتها مازالت أقل من مستويات ما قبل الثورة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن التمويل العقارى محدود جدا فى البلاد وهو ما يعنى أيضا ضعف الإقراض العائلي، فضلا عن شكاوى الشركات الصغيرة والمتوسطة من صعوبة الحصول على قروض.
وفى المقابل، يذهب جانب كبير من القروض المصرفية إلى الحكومة، عن طريق شراء البنوك للسندات وأذون الخزانة، التى تعتبر أقل مخاطرة بالنسبة للمقرضين.
وأفادت «موديز» بأن إقراض الحكومة يشكل 43% من أصول البنوك الخمسة التى تغطيها، وتتوقع وكالة التصنيف الائتمانى ارتفاع هذه النسبة مع استمرار الحكومة فى البحث عن تمويل للعجز.
وقال أباظة، الرئيس التنفيذى لقطاع المؤسسات فى البنك التجارى الدولي، إن إقراض الحكومة يشكل نحو نصف ميزانية البنك، ويرى ان تراجع النشاط الاقتصادى سبب فى هذه الزيادة.








