تُظهر التسجيلات المصورة مقاتلي الدولة الإسلامية “داعش“، يقودون سيارات دفع رباعى وسيارات نصف نقل فى سوريا والعراق وليبيا، ما يعد دليلاً حياً على أن مجهودات محاصرة الجماعة مالياً غير كافية.
والآن، وفى ظل، فشل برنامج الرئيس الأمريكى فى تدريب وتسليح مقاتلين مناهضين للدولة الإسلامية، تزايدت أسباب مضاعفة المجهودات لخنق قدرة الجماعة على جمع الأموال وشراء الإمدادات.
وبالنسبة لـ«داعش» التى تسعى لتأسيس خلافة عبر العراق وسوريا، تُعد الأموال بمثابة نقطة الضعف المحتملة، فبعكس الدول مثل إيران، التى خضعت لعقوبات وضوابط مالية دولية، فإن “داعش” ليست دولة، وتفتقر إلى العلاقات الاقتصادية التقليدية، وتولد معظم إيراداتها من المناطق التى تسيطر عليها، بجانب أن مصادر دخلها ليست مفهومة بالكامل، ما يشكل تحدياً صعباً، حسبما يقول المسئولون الأمريكيون.
وتقود وزارة الخزانة مسعى دولياً لإعاقة الطرق التجارية أمام «داعش»، وتمنع وصولها إلى النظام المالى الدولى، وتفرض عقوبات على قادة الدولة الإسلامية ومن يساعدهم. والأسبوع الماضى، قدمت وزارة الخارجية مكافأة وصلت 5 ملايين دولار مقابل معلومات تقود لتعطيل ملموس فى مبيعات البترول أو الآثار التى تستفيد منها المجموعة.
ويقول مسئولون فى الحكومة الأمريكية، إنهم يحرزون تقدماً فى تجويع الدولة الإسلامية، وتقويض قدرتها على إنفاق هذه الأموال فى الأسواق العالمية على المعدات العسكرية والإمدادات الأخرى التى تساعد على زيادة إنتاج البترول.
ولكن الرسالة التى يوصلها مشهد السيارات رباعية الدفع ذات الماركات المشهورة توحى بأن هناك شيئاً غامضاً، خاصة أن «تويوتا»، تقول إن سياستها تلزمها بعدم بيع سياراتها إلى مشترين قد يعدلونها من أجل نشاطات إرهابية.
ومنذ حوالى عام، قال ديفيد كوهين، الذى كان يشغل منصب نائب وزير الخزانة للإرهاب والاستخبارات المالية، للكونجرس، إن الدولة الإسلامية «لا تمتلك الأموال الكافية لتغطية نفقاتها»، لكنّ الإرهابيين يسيطرون الآن على مناطق شاسعة فى سوريا والعراق تضم ملايين الأشخاص، بالإضافة إلى جذبهم آلاف المجندين من أوروبا وغيرها، كما أنهم يشنون حرباً ضد ائتلاف بقيادة أمريكا، وكل ذلك يتطلب مئات الملايين من الدولارات، كما أنهم يقدمون خدمات للمواطنين المقيمين فى المناطق التى يسيطرون عليها، ويدفعون مرتبات للمقاتلين تقدر بـ500 دولار شهرياً أو أكثر هذا بخلاف تسليح الجيش.
ويقول المسئولون الأمريكيون، إن «داعش» تولد معظم إيراداتها من المناطق التى تحكمها، أى بعيداً عن قبضة أدوات مكافحة الإرهاب المعروفة، بالإضافة إلى ابتزاز المدنيين والشركات، ما يوفر لهم مئات الملايين من الدولارات.
ورغم المحاولات الأمريكية لقطع إيرادات الجماعة من البترول، تشير أحدث التقديرات إلى أن «داعش» تكسب حوالى 40 مليون دولار شهرياً من بيع البترول من حقول فى سوريا والعراق، مع ذهاب المنتجات المكررة للمشترين المحليين، فى حين يتم بيع البترول الخام لوسطاء ومهربين لهم زبائن فى العراق وسوريا، بمن فى ذلك، النظام السورى وغيره.
وعلاوة على ذلك، تنهب “داعش” البنوك، وتطلب فدية مقابل الضحايا المخطوفة، وتتاجر بالبشر، وتبيع الآثار المسروقة، بجانب الاتكاء على المانحين من الأفراد خاصة من قطر والكويت والسعودية.
وأكد «كوهين» فى نوفمبر الماضى، أهمية العمل مع تركيا والقادة الأتراء للقيام بحملة على التهريب عبر الحدود، ولكنها لم تكن فعالة بشكل كافٍ.
ويقول بعض المسئولين الأمريكيين، حالياً، إنهم أقل ثقة فى أن تشديد مراقبة الحدود التركية سوف يقلل أرباح “داعش” من مبيعات البترول فى السوق السوداء.
ويبدو أن الأولوية الكبرى هى منع “داعش” من استخدام البنوك والصرافات فى العراق، حتى لا تستطيع الجماعة شراء الأسلحة وغيرها من الإمدادات.
ويقول المسئولون فى وزارة الخزانة الأمريكية، إنهم استطاعوا فصل عشرات البنوك فى المناطق الخاضعة لسيطرة “داعش” عن النظام المالى العراقى والعالمى.
وفى الوقت الذى تخطط فيه “داعش” لتأسيس تابعين لها فى دول أخرى، فقد يصبح من الأسهل كشف هذه الشبكات لأنهم مطالبون بالتواصل عبر مسافات بعيدة، وربما مساعدة بعضهم البعض مالياً.
وإذا أردنا وقف وحشية “داعش”، فمن الضرورى بذل المزيد من المجهودات الأكثر فاعلية لتقويض مواردها المالية، والقوة العسكرية لا ينبغى أن تكون أكثر من عنصر واحد فى استراتيجية متعددة الجوانب.
المصدر: افتتاحية «نيويورك تايمز»







