3.5 مليون طن سنوياً.. و5 مليارات جنيه استثمارات غير مستغلة
تمثل أزمة مخلفات محصول الأرز كل عام مشكلة تشوه وجه الحكومة لعدم قدرتها على اتخاذ قرارات صارمة تجبر المزارعين على الامتناع عن التخلص من المخلفات بصورة عشوائية عن طريق الحرق.
وفى حالة إصدار قرارات يضرب المخالفون لها عرض الحائط بها، ليستمر الأمر كما هو كل عام.
وتقدر مخلفات محصول الأرز بـ3.5 مليون طن سنوياً، يتم تدوير أقل من مليون طن منها فى مجالات إنتاج الأسمدة العضوية والأعلاف غير التقليدية، بنسبة لا تزيد على 35% من إجمالى المخلفات.
ويقوم المزارعون بحرق أكثر من 2 مليون طن سنوياً داخل الأراضى، أو على الترع والمصارف، ما يؤدى لظهور السحابة السوداء، لأنه فى حالة تخزينها ستحتاج إلى مساحات كبيرة.
قال الدكتور جمال صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعى، إن الاستثمارات المتاحة فى مجال تدوير مخلفات محصول الأرز تقدر بـ5 مليارات جنيه، ما يُدر عوائد مادية على الدولة فى أكثر من صورة.
أوضح صيام أن صناعة تدوير المخلفات الزراعية تستطيع أن تستوعب عدداً كبيراً من الأيدى العاملة العاطلة عن العمل، فضلاً عن أن المادة النهائية بعد التدوير تستخدم فى أكثر من مجال.
أضاف أن الدولة يقع عليها دور كبير وأساسى فى هذه القضية، مشيراً إلى أنها المسئول الأول والأخير عن إهدار هذه الطاقات، بإهمالها الواضح لهذا المجال، على الرغم من أنه مجال مفتوح جداً بسبب ضعف الاستثمارات فيه.
وطالب بأن يتم عمل تعاقدات بين وزارة البيئة ووزارة الزراعة، ممثلة فى الجمعيات التعاونية، لجمع المخلفات من المحافظات الزراعة، وبيعها لشركات التصنيع لتسهيل المهمة، بالإضافة للعوائد المادية التى ستجنيها من هذا العمل.
وقال الدكتور هشام القصاص، عميد معهد الدراسات والبحوث البيئية، إن وزارة البيئة تنفق 50 مليون جنيه سنوياً للحد من الأثر السلبى الناتج حرق مخلفات الأرز، مشيراً إلى أنها تحتاج لتغيير سياساتها فى الفترة المقبلة.
أوضح القصاص أن القائمين على اتخاذ القرارات فى مصر يتخذون مناحى مختلفة كلياً عما يُفترض أن تسير فيها لتحسين أداء الاقتصاد.
وبدأت أزمة حرق مخلفات الأرز فى عام 1999، بصدور قرار يمنع شركتي “راكتا” و”فرتا” التابعتين للدولة وقتها من تصنيع أوراق من مخلفات الأرز بحجة أن سائل “بلاك لايكر” الناتج عن عملية التصنيع يتم ضخه فى مياه النيل، وذلك خوفاً على صحة المواطنين.
قال القصاص، إن القرار “ظاهره رحمة.. وباطنه يحمل كل أنواع العذاب”، مشيراً إلى أن توقف الشركتين عن التصنيع أدى إلى استيراد الورق من الخارج لاحتياج السوق له، ما يهدر العملة الأجنبية، فضلاً عن أن الفلاح أصبح يحرق المخلفات لعدم احتياجه إليها.
وطالب القصاص بأهمية عودة شركة راكتا للعمل على تصنيع الورق من المخلفات مرة أخرى، فضلاً عن إمكانية توجيه الهيئة العربية للتصنيع لإنشاء وحدات إنتاج للشباب العاطل، مشيراً إلى أن هذا النوع من الاستثمار يستطيع أن يستوعب نسبة كبيرة من البطالة طوال العام، خاصة بعد توصل العلم إلى طرق مختلفة للتخلص من السائل المضر.
من جانبه قال عبدالله نصير، مدير المشروعات بالشركة المصرية لتدوير المخلفات الصلبة “إيكارو”، إن الاستثمار فى صناعة مخلفات الأرز يحتاج لتمويل ضخم من جانب الدولة، مشيراً إلى أن عملية جمع المخلفات وحدها تتكلف ملايين الجنيهات.
أوضح نصير أن سوق تدوير مخلفات الأرز يستطيع أن يتجاوز 4 مليارات جنيه استثمارات سنوياً، مشيراً إلى أن تكلفة إنتاجه عالية جداً نظراً لعملية استيراد الماكينات الخاصة بالجمع، وتقدر بملايين الجنيهات.
أضاف أن تكلفة ماكينة فرم المخلفات وحدها تصل إلى 40 مليون جنيه، مشيراً إلى أنه لابد من تقديم الدولة دعماً للشركات العاملة فى المجال حتى تستطيع أن تتولى عملية تدوير المخلفات.
ويُستفاد من تدوير مخلفات الأرز بأربع طرق مختلفة، تتمثل أهمها فى صناعة الأسمدة العضوية التى يمكن أن تستخدم فى الأراضى الصحراوية، فضلاً عن إمكانية استخراج الأعلاف الحيوانية غير التقليدية، وصناعة أخشاب الكونتر، وصناعة الوقود البديل.
وقال نصير إن الدولة أهملت صناعة المخلفات، حتى أصبح الشكل العام لمصر غير حضارى، مشيراً إلى أن هذه الصناعة تستطيع أن تحمى مصر من العجز فى الأسمدة العضوية والغاز.
وتمكنت وزارة البيئة من تجميع 970 ألف طن مخلفات أرز فى الموسم الحالى بواقع 905 آلاف طن بمحافظة الغربية و65 ألفاً بالشرقية، قامت بتصنيع 1420 طناً سماداً، و50 طناً أعلافاً.
قال جمال الصعيدى، رئيس قطاع الفروع بوزارة البيئة، إن الوزارة رصدت 150 مليون جنيه بداية العام المالى الحالى، يتم تقديمها للشركات العاملة فى مجال تدوير المخلفات “الزراعية والصناعية والسكنية”.
أوضح الصعيدى أن وزارة البيئة تضع منظومة جديدة لجمع وتدوير قش الأرز حالياً ضمن أولوياتها، والعمل على الاستفادة القصوى منها فى إنتاج الكثير من الصناعات.
أضاف أنه تم توقيع اتفاقية مع الهيئة العربية للتصنيع منذ عدة أشهر لتوفير آلات ومعدات تستخدم فى منظومة المخلفات الزراعية “قش الأرز”.
وتسلمت وزارة البيئة 120 مكبساً من الهيئة قبل البدء فى موسم الأرز، وتم توزيعها على المتعهدين بجمع قش الأرز بمحافظة الشرقية.
وتتمثل محافظات زراعة الأرز فى البحيرة، والغربية، وكفر الشيخ، ودمياط، وبورسعيد، والدقهلية والإسكندرية، ويتم حظره فى باقى المحافظات الأخرى، التى تقع خارج ووسط الدلتا وجنوبها، فضلاً عن محافظات الفيوم والوادى الجديد وصعيد مصر.








