%10 ارتفاعاً فى الأجور خلال أول 3 أشهر من تطبيق الضوابط الجديدة
ربما يشعر الكثيرون فى الدول الغربية بالقلق حيال موجات الهجرة المفرطة، ولكن فى الواقع فإن حدود تلك الدول مغلقة نسبياً، ففى عام 2015، وشكل المهاجرون 15% من نسبة السكان فى أمريكا، مقابل 88% فى الإمارات العربية المتحدة.
وأوضحت مجلة «الإيكينوميست» فى تقرير لها، أن المهاجرون يذهبون إلى الإمارات بحثاً عن أجور أعلى، إذ يأتى 65% من المهاجرين من بنجلاديش والهند وباكستان.
ولكن الجانب الآخر من انفتاح الإمارات المذهل حيال العمال الأجانب ما هو إلا نظام صارم يقيد حقوقهم ويغض الطرف عما يحدث من انتهاكات، وتم تخفيف تلك القيود على نحو طفيف فى السنوات الأخيرة، الأمر الذى أدى للحد من الأضرار التى تقع عليهم.
وحتى تتمكن من الحصول على تأشيرة للعمل فى الإمارات، يتعين على المهاجر الحصول على عرض عمل من إحدى الشركات، وبعد ذلك يصبح العامل معتمدًا بشكل قانونى لدى صاحب العمل بطرق عديدة بمقتضى نظام «الكفالة»، ويتم تسكين بعض العمال فى مخيمات عمل ضخمة، وتجمع الحكومة رسومًا من الموظفين لتغطية تكلفة الإمساك بالعمال الهاربين وترحيلهم.
وحتى وقت قريب كان يتعين على العمال الحصول على تصريح من صاحب العمل للبحث عن وظيفة فى مكان آخر، حتى بعد انتهاء فترة العقد الأصلى، بعبارة أخرى، يمتلك أرباب العمل جميع الخيوط التى تساعدهم على إبقاء الأجور منخفضة.
ولكن فى أواخر عام 2010، أصدر صقر غباش، وزير العمل فى الإمارات، مرسوماً يسمح للعمال الذين تنتهى عقودهم فى يناير 2011 بالبحث عن عمل فى مكان آخر، وتذمر حينئذ بعض أصحاب العمل لإدراكهم أن هذا الأمر من شأنه أن يرفع تكلفة العمالة.
وكانت تلك النقطة الفاصلة بمثابة هدية لخبراء الاقتصاد، نظراً لأنه سهل عليهم المقارنة بين سلوك أرباب العمل قبل وبعد الإصلاح، واستند سوريش نايدو، أستاذ فى جامعة كولومبيا، وياو نياركو، أستاذ بجامعة نيويورك، وشينج يى وانج، أستاذ فى كلية وارتون لإدارة الأعمال، إلى قاعدة بيانات العقود فى وزارة العمل الإماراتية وكذلك بيانات الأجور لإعداد تلك المقارنة فى بحث سيُنشر فى مجلة الاقتصاد السياسى.
ووجد مؤلفى البحث، أن تأثير القواعد الجديدة كان كبيراً وسريعاً، إذ ارتفعت الأجور الحقيقية للعمال بما يزيد على 10% فى الثلاثة أشهر التى أعقبت انتهاء فترة عقودهم، فى حين أنها كانت ترتفع بالكاد قبل التغيير.
وعلى الرغم من أن الإصلاح الذى قام به «غباش» سهل على العمال تغيير وظائفهم، ازدادت نسبة العمال الذين يجددون عقودهم، وانتقل ما يزيد على ضعف العمال إلى وظائف جديدة، ولكن ذلك يعود لأن عدداً كبيراً منهم غادر البلاد بعد انتهاء فترة عقودهم.
وخلال الثلاثة أشهر الأولى من الإصلاح، انخفضت نسبة الأشخاص الذين يعودون إلى أوطانهم من 12% إلى 4%، كما أن أرباب العمل كانوا يعرضوا عليهم أجوراً أعلى لإقناعهم بالاستمرار فى العمل.
وقال نايدو: «قبل الإصلاح لم يكن من المسموح الانتقال إلى عمل آخر، وبعد الإصلاح، لا يضطر العامل للانتقال إلى وظيفة أخرى».
ويرى مؤلفو البحث، أن الأجور قبل الإصلاح كانت تقريبًا نصف ما يجب أن تكون فى إطار سوق حر تمامًا، ووفقاً لحسابهم، فإن الإصلاح رفع الأجور بنحو 73%، وفى يناير من العام الجارى، وسع «غباش» عملية الإصلاح، إذ سمح للعمال بترك وظائفهم حتى قبل نهاية فترة العقد، وهذا من المرجح أن يحد من قدرة أرباب العمل على تخفيض الأجور.
وعلى الرغم من ذلك، يتوقع نايدو أن يكون الإصلاح فى صالح العمال المهرة، الذين يريدون الانتقال إلى وظائف تتماشى مع مهاراتهم على نحو أفضل، عن جحافل العمال الأجانب فى مواقع البناء فى الإمارات.
ولن يستفيد البعض من هذا التحرر، إذ تم استقصاء الخادمات والمربيات والعاملات فى المنازل، الذين يتعرضون لأسوأ الانتهاكات كما أفادت بعض المنظمات مثل «هيومن رايتس ووتش»، من تلك الإصلاحات الجديدة.
علاوة على ذلك، فإن إمكانية تغيير الوظيفة لن يساعد الملايين الذين ينتظرون فرصة الحصول على وظيفة فى الإمارات، إذ وجد نايدو والمشاركون معه فى البحث أن الشركات وظفت عدد أقل من العمال من الخارج بعد الإصلاح الذى أطلقه وزير العمل الإماراتى عام 2011.








