احتلت مصر المرتبة 106 فى مؤشر الازدهار الاقتصادى فى 2012 الذى يصدره معهد ليجاتوم للأبحاث الاقتصادية فى لندن وهو تصنيف متأخر بين قائمة تضم 142 دولة جاء بعد ثورة الـ25 من يناير 2011 التى أطاحت بالرئيس السابق حسنى مبارك وأودعته السجن. ومنذ اندلاع الثورة وتعانى بيانات الاقتصاد من حالة هبوط حادة ألقت به فى غياهب الركود نتيجة توقف عجلة الإنتاج.
وفى دراسة أعدتها الدكتورة ماجدة قنديل، أستاذة الاقتصاد والخبيرة الدولية لصالح معهد ليجاتوم، قالت إن النمو الاقتصادى الذى حققه النظام السابق خلال العقدين الآخرين أدى إلى تشوهات كبيرة فى بنية المجتمع جراء سوء توزيع الدخول وهو ما اعتبرته السبب الرئيسى فى تأجيج مشاعر الكراهية تجاه السلطة الحاكمة. وأكدت الدراسة على وجود فرصة لاستعادة النمو القوى بشرط التخلص من عقبات على الطريق تتقدمها دوائر الفساد والروتين وعيوب النظام الرقابى والتشريعى المنوط به حماية الحقوق الاقتصادية وعدالة توزيعها منذ الإطاحة بالنظام الملكى ليحل محله النظام الجمهورى الذى يسيطر عليه العسكر فى الخمسينيات من القرن الماضى، ينظر الخارج إلى الحكومات المصرية على أنها ليست بالكفاءة المطلوبة وفاسدة ما أدى إلى عرقلة النمو الاقتصادى، لكن من المفارقات أن الأنظمة الاستبدادية فقدت سيطرتها فقط عبد أن بدأت إصلاحا مؤسسياً أسهم فى تحقيق نمو مستدام، فكان ذلك جزءا وسببا أيضاً لسقوط النظام القديم.
شهدت مصر عقدين من النمو الحقيقى ظهر فى تحسين مستوى المعيشة بين الفقراء والطبقة الوسطى والأثرياء أيضاً، لكن هذا النمو أيضاً خلق سوء توزيع هائلا، حيث هاجر السكان بكثرة من المناطق الريفية إلى المدن المزدحمة بالكثافة السكانية.
وأدى سوء التوزيع إلى انتهاء المنافسة على التعليم والوظائف والأعمال الرأسمالية لصالح الأثرياء والطبقة المرتبطة بهم بشدة، وهو ما يفسر بوضوح لماذا احتلت مصر المرتبة 106 فى عام 2012 فى مؤشر الدول المزدهرة من بين 142 دولة.
وذكرت الدكتورة ماجدة قنديل، الخبيرة الاقتصادية السابقة فى صندوق النقد الدولى فى دراسة أعدتها لصالح مؤسسة ليجتوم البريطانية فى لندن عن الاقتصاد المصرى أن على الحكومة المصرية أن تستعيد هذا النمو، ولكن عليها أن تديره بنزاهة وبطريقة فعالة، ولكن للأسف أن الكلام فى هذا الصدد أسهل بكثير من الفعل، مشيرة إلى أن مصر تحتاج إلى تغيير ثقافة الاقتصاد لتقضى على الفساد ونقص الكفاءة بطرق أساسية.
ويمكن القول بطريقة أكثر وضوحاً إن الحكومة المصرية مطالبة بتفكيك شبكة الدعم والمنح التى تم إنشاؤها على مدار عقود ماضية من أجل شراء أصوات الناخبين.
تؤكد النظرة الأخيرة للأحداث أن أسلوب نظام مبارك فى وضع استراتيجية التنمية الاقتصادية ساهمت فى بلورة الثورة التى اسقطت نظامه فى يناير 2011.
ويمثل التحدى الآن فى وضع استراتيجية شاملة تكون بمثابة علاج ناعم للظروف الاجتماعية، وفى الوقت نفسه نضع خارطة طريق واقعية من أجل تحقيق النمو على المدى الطويل.
وتتضمن هذه الدراسة ـ على حد تعبير الدكتورة ماجدة قنديل ـ الفرص المتاحة وكذلك المخاطر الاقتصادية الناجمة عن ممارسات العقدين الماضيين لتحقيق النمو فى مقابل ثمن باهظ يتمثل فى عدم المساواة وغياب العدالة.
الميراث الاقتصادى لفترة ما بعد الاستعمار
تمثل الحقبة الزمنية التى أعقبت نهاية عصر الاستعمار فى مصر إشكالية بمعنى الكلمة، حيث كانت فترة حكم جمال عبدالناصر «1956 ـ 1970» بمثابة حقبة مختلطة، بالمعنى الاقتصادى، حيث شهدت مصر عمليات تأميم وإنشاء صناعات مركزية بدعم من الاتحاد السوفيتى السابق، وقد حققت بعض النجاحات، لكن تلك الفترة تركت الاقتصاد متعثراً بسبب التشريعات وعدم الكفاءة ونقص عوامل جذب الاستثمار أو تنمية الموارد المحلية.
وخلفه أنور السادات الذى خفف من سيطرة الدولة على الإنتاج ومثله مثل باقى دول المنطقة اعتمد على الاقتراض من الخارج من أجل الاستثمار والاستهلاك المحلى، ولكن هذا الاستثمار لم يكن منتجاً وتراكمت الديون على البلاد فى سنوات القروض السهلة، وتضاعفت الأزمة حيث ارتفعت تكاليف الديون فى الثمانينيات.
ولحسن الحظ تم تخفيف أعباء الديون مع شطب جزء كبير منها بسبب دعم مصر لحرب الخليج عقب غزو العراق للكويت، فى حين سعى مبارك لإعادة باقى الديون عبر صندوق النقد الدولى من أجل احتواء عجز الموازنة واستخدام السياسات النقدية للسيطرة على التضخم.
وفى الفترة التى يمكن وصفها بعقد الاستقرار الممتدة من 1991 إلى 2001 ارتفع نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى من 3200 دولار إلى 4200 دولار «بحسب أسعار 2005» والذى يعد رقماً غير مرتفع بالنسبة لدول المنطقة غير المصدرة للبترول.
وتظهر بيانات أن نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى فى تونس 6300 دولار للفرد وفى تركيا 9100 دولار للفرد وأن الاقتصاد المصرى كان لديه القدرة على دعم الاقتصاد الكلى واستقراره.
فى العقد التالى لجأت الحكومة المصرية إلى إصلاحات كبيرة باتجاه تحرير الأسواق، وصعدت من عمليات الخصخصة وهو ما وصل بمعدلات النمو إلى 7% والذى يعد معدلاً متوسطا بالمقارنة بأداء الصين، لكن يجب الأخذ فى الاعتبار أن المصريين يدخرون قدراً أقل من دخولهم بالمقارنة بالآسيويين وبالتالى اعتمدوا فى تمويل الاستثمار على الأجانب.
ويستحق التكنوقراط فى نظام مبارك الإشادة بفضل أدائهم فى التعامل مع الركود العالمى دون تراجع عبر محفزات محلية جيدة معظمها فى مجال استثمارات البنية التحتية.
وعالجت هذه المحفزات مشكلة تراجع الاستثمار الخاص والصادرات وبالفعل عاد الاقتصاد لمعدلات النمو السريعة قبل ثورات الربيع العربى بعامين بفضل الأداء القوى لقطاع السياحة الذى نما 15% مقابل 13% لقطاع التشييد و10% لقطاع المعلومات وتكنولوجيا الاتصالات.
لكن هذه المكاسب لم تعالج جميع المشاكل ولم تنتج حزم التحفيز الاقتصادى سوى عدد قليل من الوظائف، حيث بقيت البطالة أهم علامات فترات النمو المرتفعة حيث بلغت فى البيانات الرسمية 9% و25% بين الشباب مع تزايد أعداد الخريجين غير القادرين على الحصول على وظيفة.
كما أن المحفزات الاقتصادية لم تصل إلى المشروعات الصغيرة تقريباً وتدهور مستوى المعيشة للكثيرين فى فترة الأزمة العالمية، ما عزز من الاعتقاد لدى المصريين بأن الرأسمالية المصرية تخدم الأثرياء فقط.
وبغض النظر عن التعافى الاقتصادى ومميزاته فإنه ولد ميتاً، فالثورة وفترات التوتر الطويلة فى المرحلة الانتقالية تسببت فى ثقب كبير فى أداء الاقتصاد، فقد هبط الناتج المحلى الإجمالى بنسبة 4.2% فى الربع الأول من 2011 والذى شهد الإطاحة بحسنى مبارك بالمقارنة بالفترة نفسها من 2010.
وتدهور القطاع السياحى الذى يمثل أهمية كبرى للاقتصاد المصرى، حيث إنه مصدر العملة الصعبة، بالإضافة إلى أنه يستوعب عددا كبيرا من العمالة غير الماهرة وشبه الماهرة رغم أنه نجح فى عبور فترة الركود العالمى بسلام، ولكن الثورات والسياحة لا تجتمعان وهبط دخله بنسبة 16% على مدار 2011.
بدأ الاقتصاد المصرى التحسن لكنه يسير فى نطاق أقل من معدلات النمو التى حافظ عليها خلال عقد من الزمن عند مستوى 7% المطلوب الوصول إليه لامتصاص أعداد غفيرة من العاطلين عن العمل واستيعاب الأعداد المتزايدة التى تدخل سوق العمل سنوياً يحتاج أيضاً معدلات نمو أكبر.
ومن الصعب أن نتخيل أن مصر يمكنها العودة إلى مسار النمو المستدام دون تحقيق استقرار للمالية العامة والأسعار ولذلك تبدو التوقعات إزاء النمو مرتبكة.
يتمتع البنك المركزى المصرى بالاستقلال عن الحكومة لنحو عقد من الزمن حتى ولو شكلياً، ومع ذلك فليس مفاجأة اتباعه لمسار مواز لتحفيز الاقتصاد خلال الأزمة المالية العالمية عبر خفض أسعار الفائدة بجذب مزيد من الاستثمار الخاص لدعم الإنفاق على مشروعات البنية التحتية لحكومة مبارك.
ومنذ اندلاع الثورة ساءت قدرات مصر على سداد الالتزامات الدولية بسبب الانخفاض الحاد فى الاستثمار المباشر وعائدات السياحة، فضلاً عن هروب رؤوس الأموال.
وكان من الطبيعى أن يهبط مؤشر البورصة المصرية EGX30 إلى %50 فى 2011 قبل أن يتعافى جزئياً.
حافظ المصريون فى الخارج على أهم مصادر العملة الأجنبية عبر تحويلاتهم ليصبحوا المصدر الوحيد تقريباً لها.
من أين بدأت استراتيجية التنمية فى عصر مبارك تذهب فى الاتجاه الخطأ؟!
ربما يكون السؤال المناسب هو ما الذى لم يتحسن أبداً ومن الذى تم تجاهله خلال عقدين من الإصلاحات والنمو؟!
يمكن أن نبدأ من مناخ الأعمال، ففى الوقت الذى استفاد القطاع الخاص بشدة من تعافى الاقتصاد العالمى فى 2010 كانت الدولة تواجه أزمة فى التعامل مع أعباء المؤسسات وتشوهات الأسواق.
وتضم القائمة عدداً من المعوقات لإطلاق المشروعات الجديدة منها البيروقراطية الشديدة وندرة العمالة الماهرة والفساد المستشرى فى القطاعين العام والخاص وجمود سوق العمل وعدم اليقين والتكلفة الكبيرة لتنفيذ التعاقدات.
واحتلت مصر المرتبة 82 عالمياً فى مؤشر إطلاق المشروعات وفرص الاستثمار، وكان التصنيف الأسوأ هو احتلالها المرتبة 110 عالمياً فى مؤشر البنك الدولى لسهولة الأعمال لتسبق إثيوبيا والسلفادور بمرتبتين، وتأتى خلف كينيا وجمهورية الدومينيك فى القائمة.
يحتاج صاحب العمل فى المتوسط 218 يوماً للحصول على رخصة البناء مقابل 46 يوماً فى الإمارات العربية المتحدة أفضل دولة بالمنطقة.
كما يتطلب تسجيل عقار 7 موافقات و72 يوماً بالمقارنة بموافقة واحدة ويومين فقط فى الإمارات.
ويحتاج الحصول على وصلة كهرباء 7 موافقات و54 يوماً بتكلفة مرتفعة تعادل 4.5 مرة لمتوسط دخل الفرد فى مصر.
وفوق كل هذه المشكلات فإن الأجواء العامة بعد الثورة غير مشجعة لأصحاب المشروعات الخاصة، حيث ارتفعت مخاطر عدم الاستقرار السياسى، كما اعتمدت الحكومة الحالية على سياسة الاقتراض الداخلى لتمويل عجز الموازنة المتنامى وهو ما يهدد بمزاحمة جهات الإقراض الخاصة التى تفتقد الروابط فيما بينها وينقصها التاريخ الائتمانى الجيد.
ورغم النمو المستقر الذى وضع مصر فى مصاف القدرات التنافسية الجيدة فى عدد من القطاعات الحيوية ورفع الاقتصاد المحلى إلى ما يسميه البنك الدولى «الحد الأدنى من الدخل المتوسط» خلال العقدين الماضيين، لكن الشعور بغياب العدالة الاقتصادية ساهم فى حدوث الثورة.
لا يمكن تحديد مصدر هذا السخط الشعبى من خلال تحليل البيانات والإحصاءات بالطريقة التقليدية، فمعظم طرق القياس غير المباشر مثل مستويات المعيشة وشرائح الدخل ووفيات الأطفال ومتوسط العمر ونسبة حصول السكان على مياه نظيفة والصرف الصحى تكشف عن تحسن رهيب بالمقارنة بمطلع التسعينيات من القرن الماضى، وهو ما وضع مصر فى وضع أفضل بالنسبة لمؤشر عدم المساواة.
لكن التفسير بطريقة أخرى لعدم المساواة يكشف عن مصدر الأزمة، وسبقة أن البيانات المجردة لا تأخذ فى الاعتبار الفوارق فى هذه الإحصاءات بين الأسر الريفية والحضرية، كما أن المشكلة تفاقمت مع نمو السكان الذى صاحبه فشل من جانب الحكومة فى تطوير البنية التحتية للمناطق الريفية وهو ما زاد من معدلات الهجرة إلى المدن المكتظة بالسكان، فى ظل فرص نادرة للحصول على عمل فى إطار الاقتصاد الرسمى.
ويظهر هذا الفارق فى التفسير أيضاً فى اتساع الفجوة بين الأثرياء الذين استفادوا من الخصخصة وسياسة تحرير الأسواق بطريقة غير عادلة وأكثر من الفئات الأخرى. وحصلت مصر على 0.32 نقطة على مؤشر جينى الدولى للمساواة وهو أقل من المعدل الأمريكى والبريطانى والنيوزيلاندى، لكن هذا المؤشر يقيس الفارق فى الدخل ولا يتبع الفارق فى الثروة الذى اتسع بشدة فى السنوات الأخيرة.
كما أن زيادة الدعم الحكومى لتعويض الارتفاع العالمى فى أسعار الغذاء لم تنجح فى التغطية على الأعداد الكبيرة من السكان التى ساءت أحوالها المعيشية. ومن المؤكد أن سياسات تحقيق النمو الاقتصادى أدت إلى تدمير النسيج المجتمعى للطبقة المتوسطة أيضاً، كما أن الشباب المصرى الذى حصل على تعليم جامعى جيد لم يعد بإمكانه التأكد من الحصول على وظيفة مناسبة يخدم بها المجتمع فى عصر الخصخصة وغياب انضباط أفضل للموازنة العامة.
وواجه الشباب مشكلة بسبب الروابط المجتمعية ونقص المهارات المهنية التى افتقدها فى التعليم الجامعى للحصول على وظيفة ذات وضع اجتماعى مميز فى شركات القطاع الخاص، ومن المعروف أنه من الصعب تأسيس مشروع صغير فى ظل نقص السيولة المالية وصعوبة الحصول على تمويل بنكى للمشروعات الصغيرة أو المتوسطة ولا يمكن التعيين فى وظيفة دون المرور على شبكة الروتين المعقدة فى الحكومة والتعامل مع مسئولين فاسدين.
الطريق إلى الصعب
تمر مصر بمرحلة من الاختلال الحقيقى فى سياسات الاقتصاد الكلى لم تشهدها منذ عصر ما قبل مبارك، لكن المشكلة الأكبر التى تواجه النظام المنتخب الجديد هى إمكانية تخفيف حدة القلق إزاء الاستقرار الاقتصادى.
وتقوم أسواق المال الدولية عبر استجابتها للأوضاع الحالية بتذكير الحكومة المصرية دائماً بهذه المشكلة وأثناء الأيام الأولى من الاحتجاجات خفضت وكالات التصنيف الائتمانى تصنيف الديون السيادية المصرية، ما زاد من تكلفة الاقتراض وزادت الصعوبات المستقبلية فى إعادة تمويل الديون الحالية حال تدهور المركز المالى للحكومة أكثر وأكثر.
إصلاح الموازنة
تعتبر الأجواء الثورية التى يتوقع فيها المواطنون أن تحل فيها الحكومة المشكلات التى تواجههم فى التعليم والإسكان والبطالة وارتفاع تكلفة الغذاء والوقود أوقاتاً صعبة بالنسبة للحاجة إلى خفض النفقات وزيادة العائدات، وما لا شك فيه أن الحكومة الانتقالية «المجلس العسكرى» الى أدارت البلاد تجاهلت هذه الضرورة.
فى أبريل 2011 رفعت الدولة رواتب الحكومة والمعاشات 15% وعملت جميع الحكومات الانتقالية على تعيين كل من مر عليه ثلاث سنوات ليتحول من نظام العمل المؤقت إلى الدائم، كما تم تجميد أى حديث عن خفض الدعم خلال الفترة الانتقالية.
وقبل الثورة سعت وزارة المالية إلى تحقيق هدف محدد هو خفض عجز الموازنة من 8.1% فى موازنة 2009 ـ 2010 إلى 3.5% من الناتج المحلى الإجمالى، وبالتالى خفض الدين العام إلى 77% فى موازنة 2009 ـ 2010 إلى 60% بحلول عام 2015، ولكن الظروف الراهنة تثير الشكوك حول إمكانية تحقيق ذلك الهدف. وتجدر الإشارة إلى أن الديون المصرية لا تمثل أزمة كبيرة للحكومة لأن معظمها بالعملة المحلية وقليل منها بالعملة الأجنبية، لكن خفض عجز الموازنة سيكون غالباً حتمياً للاقتراض من صندوق النقد الدولى ومؤسسات التمويل الدولية.
وعلى أى حال فإن السماح بزيادة هذا العجز فى الإنفاق الحكومى تعنى أن العودة لتحقيق معدلات نمو مرتفعة أمرً بعيد المنال مع تدمير عوامل النمو.
أولاً، تمتص الحاجة المتزايدة للتمويل مدخرات المصريين المحدودة أصلاً، حيث يدخر المصريون نصف ما يدخره أقرانهم فى آسيا.
من الصعب أن تحصل الحكومة على ائتمان لدعم جهودها كما أنها لا تستطيع الحصول على تمويل خاص وبالفعل فإن البنوك ترفض تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة وهذه عناصر تؤدى إلى غياب الاستثمار الخاص.
ثانياً، تعكس مكونات الإنفاق الحكومى المحسوبية ومراعاة المصالح الخاصة لتأثير مجموعات معينة أكثر من الأولويات الاجتماعية، حيث يستهلك دعم الغذاء والوقود 10% من الناتج المحلى الإجمالى، فكان من المفيد أن يذهب جزء من هذا الإنفاق على برامج تشمل تنمية
البنية التحتية والعناية بشكل أفضل بالفقراء وهى عوامل محفزة لخلق الوظائف ومواجهة البطالة.
بعد وصول الخصخصة إلى ذروتها فى الفترة من 2005 ـ 2006 هدأت عمليات بيع شركات القطاع العام، ومع انخفاض قبول المواطنين اتجاه مبارك نحو الرأسمالية للتحول نحو السوق الحر فإن عمليات الخصخصة ستكون معلقة حتى تكتسب الحكومة مزيدا من الشرعية السياسية.
وتوجد رغبة حالياً فى تطوير أداء القطاع العام خاصة الشركات المملوكة للدولة لكن الحقيقة الباقية هى أن القطاع العام المصرى غير كفء، وهو ما يتطلب مزيداً من الخصخصة لكن الأمر يحتاج مزيداً من الشفافية والالتزام بالقانون وتعزيز جهود التوظيف فى القطاع الخاص.
وتمثل الضرائب بالطبع الجزء الآخر من دفتر حسابات الموازنة، حيث هبطت الحصيلة بشكل حاد العام الماضى بسبب تباطؤ الاقتصاد بعد الثورة لكن مع تعافى الاقتصاد فإن نطاق زيادة عائدات الضرائب متاح عبر توسيع القاعدة الضريبية بالتزامن مع معالجة التهرب الضريبى ومحاربة الفساد، ومن الأمور المهمة جداً مراجعة عقود تصدير الغاز والبترول، خاصة الغاز الذى يمكن أن يعيد للدولة مليارات الدولارات.
وعلاوة على ذلك، ومن أجل العبور السريع للطريق يجب على مصر إعادة النظر فى الإصلاحات الضريبية التى تخفض النمو المشوه للمحفزات الخاصة دون خفض العائدات أو الإضرار بتوزيع الدخل على الأثرياء، ومن العوامل الممكنة تقديم نظام أكثر عدالة لقانون الضرائب العقارية لزيادة العائدات بما لا يضر بمستوى عائدات العقارات التى تعتبر أفضل طريقة للمصريين للحفاظ على ثرواتهم.
استقرار الأسعار وسياسة سعر الصرف
يجب على جميع الاقتصادات الصغيرة المفتوحة أن تعمل على التوافق بين عناصره وفى بعض الأحيان تتعارض الأهداف أثناء إدارة السياسات النقدية وسعر الصرف وتعتبر مصر نموذجاً مطابقاً لهذه الحالة من التضارب.
وتحتاج البلاد لسياسة لسعر صرف العملة تجعلها جاذبة للاستثمار الأجنبى المباشر ومكانا تنافسا للتجارة العالمية للسلع والخدمات ولكن الدولة تعتبر مستورداً أساسياً للسلع والوقود السائل وهو ما يهدد بتضخم الإنفاق العام وهو أمر بالغ الحساسية بالنسبة لسياسة سعر الصرف.
هذه التهديدات تفسر استخدام البنك المركزى المصرى لاحتياطات العملة الصعبة لشراء الجنيه المصرى منذ اندلاع الثورة، وتسببت التدخلات فى سوق العملة إلى حد كبير فى تراجع لا يمكن السيطرة عليه لقيمة الجنيه مع تراجع الاستثمار الأجنبى وعائدات السياحة الأجنبية وقناة السويس، لكنها تفسر أيضاً، لماذاً يفكر البنك المركزى بطريقتين.
مع اندلاع الثورة قرر البنك المركزى ضمان جميع الودائع فى النظام المصرفى بعد أن فتحت البنوك التجارية فروعها التى أغلقت لمدة أسبوع ووضع حد أقصى للسحب اليومى قيمته 50 ألف جنيه أو ما يعادل 8 آلاف دولار تجنباً لحدوث عجز فى السيولة للبنوك، وقرر البنك المركزى فى مارس الماضى عندما وصل الاقتصاد لمرحلة الركود أو النمو الضعيف ـ خفض التزامات البنوك من الاحتياطى النقدى كحد أدنى لإزالة القيود على السيولة المحلية فى مواجهة ارتفاع معدل الاقتراض الحكومى ورغم ذلك أصر المركزى على عدم خفض سعر الفائدة الأساسى بسبب الخوف من انخفاض سعر صرف الجنيه وهو ما قد يشجع هروب رؤوس الأموال خوفاً من توقعات التضخم المرتفع.
ولا تمتلك حكومة الرئيس المنتخب محمد مرسى سوى خيارات قليلة باستثناء الاستمرار فى هذا التصرف المهتز. وتم استنزاف الاحتياطى النقدى من العملة الصعبة بطريقة سيئة، بينما مساحة المناورات المتاحة للبنك المركزى ضيقة والأولوية تنصب فى الحصول على قرض صندوق النقد الدولى والائتمان من جهات الاقراض الدولية على أمل تحقيق الاستقرار لسعر الصرف وحصار تضخم أسعار السلع المستوردة حتى تستعيد مصر ثقة المستثمرين المحليين والأجانب ويتعافى الاقتصاد من الانحدار الحالى.
تحرير الأسواق
منذ مطلع التسعينيات وتسعى مصر للاندماج سريعاً داخل الاقتصاد العالمى والحد من القيود على التجارة وتشجيع الاستثمار الأجنبى تبعاً لخطة وضعها صندوق النقد الدولى ومنظمات متعددة أخرى. ورغم أن الهدف من هذه الاستراتيجية الإسراع بالنمو فإن غياب إطار تنظيمى قوى ومؤسسات السوق الجيدة سمحاً بانتشار الفساد، حيث احتلت مصر المرتبة 112 بين 1831دولة مسجلة فى المؤشر الدولى لقياس الفساد فى 2011 بالإضافة إلى المرتبة 85 على مؤشر الحوكمة المعنية بالحد من الفساد عبر النظم والتشريعات.
ومع استمرار الفساد فى مصر خاصة فى قطاعى البترول والغاز أدى ذلك حتماً إلى لفت الانتباه لهذه المشكلة، لكن التداعيات الأخطر لها وبشكل أكثر عمومية كانت الفشل فى توفير حماية متساوية للحقوق الاقتصادية تتمثل فى الحد من الحركة الاقتصادية والاجتماعية.
وواجهت الشركات المتوسطة والصغيرة التى تعد محركات لهذه الحركة حواجز قاسية عندما تحاول المنافسة مع الصفوة المسيطرة، وليس مستغرباً أن تحتل مصر مرتبة متأخرة على مؤشر البنك الدولى لسهولة القيام بأعمال.
وتعتبر إصلاحات السوق وفقاً لما سبق العامل الأساسى فى علاج ما تعانيه مصر من مشكلات وزيادة احتمالية النمو، بينما تفتح الباب أمام أصحاب الشركات وخلق الوظائف لامتصاص القوى العاملة المتنامية، لكن مثل هذه الإصلاحات عملية فى غاية الصعوبة فى مواجهة الصفوة التى لديها القليل لتكسبه من هذه الإصلاحات وكثيراً سوف تفقده بسببها، ولذلك فإن التحدى الأساسى للحكومة هو وضع أجندة إصلاح هيكلى واضحة وتجنب أسباب عزوف المستثمرين.
خفض معدلات الفقر وعدم المساواة الاقتصادية
تعتمد مصر بشكل أساسى فى جهودها لمواجهة الفقر على مجموعة الدعم للسلع الغذائية والوقود وتكمن المشكلة الأساسية فى أسلوب الدعم حول التشوهات فى نمط تعامل الأسر عن طريق تشويه أسعار المستهلك، حيث تؤدى بشكل مؤثر إلى الحد من تحسن مستوى المعيشة عندما تصل إلى الفقراء.
وعلى سبيل المثال يؤدى بيع «أنبوبة» البوتاجاز بسعر أقل من قيمتها الحقيقية إلى الإسراف فى الاستخدام أو إعادة بيعها فى السوق السوداء، بينما الأفضل استخدام وقود أقل لتوفير قيمة الفائض وصرفه على أحد أوجه الإنفاق الأخرى.
لكن أهم عناصر مشكلة الدعم حالياً هو سوء توزيعه وعدم وصوله بالشكل المناسب إلى مستحقيه ويذهب معظمه إلى الأسر والأنشطة التجارية التى لا تستحقه. ويذهب ثلثا الدعم إلى مواد الطاقة مثل الوقود والغاز ومنتجات بترولية أخرى، خاصة البنزين والسولار والديزل، ووفقاً لدراسة على الأسر فإن أقل من 5% من دعم الوقود يذهب إلى الطبقات الأكثر فقراً، بينما فى المناطق الحضرية، يذهب ثلث الدعم إلى أكثر الطبقات ثراءً وتحصل الأعمال التجارية غالباً بطريقة غير قانونية على دعم الوقود.
ويمكن قول الكثير أيضاً عن دعم السلع الغذائية، فعملياً يشترى جميع المصريين سواء الفقراء أو الأغنياء رغيف الخبز المدعم العنصر الأساسى للتغذية لدى المصريين، ويتم دعم باقى أنواع السلع الغذائية عن طريق توزيع حصص على بطاقات التموين. وقد حصل نحو ثلثى السكان حالياً على بطاقات الدعم، حيث يذهب جزء كبير من هذا الدعم إلى أبناء الطبقية الوسطى.
لكن من غير المعقول إلغاء الدعم فى ليلة واحدة ليحل محله الدعم النقدى للفقراء من الناحية السياسية وليس من الضرورى أن تكون هذه هى الطريقة المثلى لأنها سوف تؤدى إلى ارتفاع كبير فى الأسعار للمستهلكين، وهو ما سيضر بالاقتصاد، لكننى أنصح بالإحلال التدريجي للدعم النقدى محل الدعم العينى مع التركيز فى البداية على الوقود لأنه باهظ التكلفة، ويمثل أهمية أقل بالنسبة للمستهلكين النهائيين للسلع. ولكى تتجنب الحكومة الغضب الشعبى كما حدث فى نيجيريا التى تمثل نموذجاً مثالياً للتجارب الفاشلة على هذا الصعيد، فمن الضرورى ربط مرحلة الانتقال إلى الدعم النقدى مع نوع من الدعم لفئات المجتمع المعرضة لانهيار قدراتها الشرائية بحيث يبدأ تقديم النقد لهم قبل رفع الدعم أو بالتزامن معه.
فى حين أن الدعم المالى يجب أن يكون جزءاً من أى خطة واقعية لمواجهة الفقر فإن ذلك لا يعنى أن بديل عن خلق الوظائف، وبالفعل يعد الأمر المأساوى جداً خلال العقدين الأخرين اللذين شهدا نمواً فشل الحكومة فى خلق الوظائف بشكل أسرع من نمو القوى العاملة.
وتعتبر إعادة الاستقرار لقطاع السياحة المتنامى فى مصر الذى يمتص جزءاً مهماً من العمالة أكثر من أى قطاع آخر مسألة يجب أن تكون من أولويات الحكومة، لكن العامل الرئيسى فى خلق الوظائف على المدى البعيد هو ازدهار الشركات الصغيرة والمتوسطة والتى تعد ذات أهمية كبيرة فى استيعاب العمالة غير الماهرة ومنخفضة التكلفة كما أنها تضفى مزيداً من النشاط على أصحاب الأعمال من الطبقة المتوسطة.
ولكى يتحقق ذلك تحتاج الحكومة المصرية بشكل فورى إصلاحات سوقية تسهم فى الحد من الفساد وتنهى الروتين والبيروقراطية بجانب أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تحتاج تسهيلات ائتمانية أفضل. بينما يعد دعم الائتمان عاملاً مساعداً من جانب الحكومة سواء بضمان هذا الدعم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة فإنه ستكون له تكلفة عالية يصعب السيطرة عليها.
كما أن المجموعة المستهدفة من دعم الائتمان لديها طريقتها المفضلة فى دخول السوق وهو ما يعطى شعوراً أنها تعوض انحياز السوق الرأسمالى تجاه أصحاب المشروعات الضخمة.
ويمكن لهذا الائتمان أن يأخذ شكلاً بسيطاً مثل تقديم قروض تجارية مباشرة من الحكومة أو تقديم محفزات متنوعة يمكن أن تخفض المخاطر بالنسبة للبنوك الخاصة التى تقدم مثل هذه القروض، كما يجب أن يكون أى برنامج قروض جزءاً من دعم مؤسسى أوسع للشركات الصغيرة التى يسهم فى خفض تكلفة تأسيس الشركات ويساعد المؤسسات لتكوين شبكة من الموردين وتجار الجملة وتحسين وصولهم إلى أسواق التصدير.
ويصعب على الحكومة تقديم أى ميزة تفضيلية لأبناء المناطق الريفية التى تعانى ارتفاع نسبة الفقر أكثر من المناطق الأخرى فى ظل استمرار النزوح إلى المدن الذى يتسبب فى تشويه التوزيع السكانى جغرافياً. وفى هذا الصدد تجدر الإشارة إلى ضرورة العمل فى القطاع غير الرسمى من الاقتصاد والذى يمثل فى معظمه شركات صغيرة بالعمل فى النور والذين يجدون فى العمل بطريقة قانونية تكلفة عالية جداً.
وفى أحد التقديرات المدهشة يبلغ حجم هذا القطاع السرى 40% من الاقتصاد وهو ما يعكس بشكل عام الصعوبة فى ممارسة الأعمال فى ظل مناخ من اللامبالاة بالفساد والبيروقراطية المتفشية.
وحتى تصبح المشروعات السرية جزءاً من الاقتصاد الحقيقى فإنها لن تستفيد بشكل مباشر من إصلاحات السوق أو أى إجراءات أخرى معممة تسهل منافسة المنتجين الكبار.
التعليم والبطالة
فى الوقت الذى تعد فيه البطالة مشكلة مزمنة فى مصر، فمن الطبيعى أنها تغيرت بشكل كبير فى العقدين الماضيين، ومن غير المدهش أن تصل تقديرات البطالة إلى مستويات مرتفعة تصل إلى 25% بين الشباب ويعتبر ارتفاع معدلات الإنجاب سبباً مهماً بشكل أساسى وانخفاض معدلات الوفيات فى التسعينيات وهو ما ساهم فى نمو كبير للقوى العاملة، لكن المفاجأة فى أن مشكلة البطالة تواجه الشباب الذى نال قسطاً وافراً من التعليم مثله مثل الشباب غير الذى نال نصيباً محدوداً منه.
هناك أسباب عديدة هذه تجعل هذه الأوضاع غير طبيعية ومنها أن الحكومة خفضت ملكيتها للشركات خلال العقد الأخير والتى كانت الملاذ الأخير لخريجى الجامعات فى الماضى كما جرت العادة، وهناك سبب آخر يتمثل فى أن أصحاب الأعمال يعطون الأولوية فى التوظيف لأقاربهم وأقارب الأشخاص الذين يمكنهم أن يساعدوهم فى التحايل على القوانين والتشريعات المنظمة لنشاطهم.
لكن نقص المهارة مازال السبب الرئيسى لهذه البطالة المرتفعة بين الشباب، حيث إن الجامعات لا تقدم السوق لعمل خريجين ماهرين نتيجة نقص التدريب المهنى والإدارى وفقاً لاحتياجات القطاع الخاص فى مصر.
ومثل كثير من المشكلات فى مصر تعتبر هذه من الموضوعات التى يسهل توصيفها أكثر من وضع حل لها، ويعتبر مصدر الأزمة فى غياب الاستثمار عن هذا القطاع، ويذهب نحو ثلث خريجى التعليم الثانوى إلى الجامعات لكن النظام فشل فى توجيه المصادر إلى موضعها الصحيح، فى الوقت الذى تعانى من نقص أسلوب للمحاسبة، على هذا الفشل.
وهكذا فإن الحكومة الجديدة فى مصر تواجه مهمة صعبة لإصلاح أسس التعليم العالى التى وضعت عبر عصور مختلفة.
اشكالية النمو السريع
تعانى الثورة المصرية مثل أى ثورة أخرى من المفارقات التى تخللتها فاستراتيجية مبارك للتنمية الاقتصادية ساهمت فى الإطاحة به ليس لأنها استراتيجية فاشلة، بل لأنها نجحت فمنذ مطلع التسعينيات يتعرض الاقتصاد تدريجياً لقوى العولمة.
وقد تم تحديث الصناعة وارتفعت مستويات المعيشة للطبقة المتوسطة حتى إن الفقراء فى مصر استفادوا ببعض التحديث فى التعليم والصحة العامة، لكن النمو السريع أثبت أنه سبب فى الاضطرابات العميقة وتسبب فى سوء توزيع رهيب للسكان، حيث زادت حدة نزوح السكان إلى المدن من الريف وهو ما زاد من رؤية الطبقات الرأسمالية بصورة ممقوتة وخلق توقعات مرتفعة لدى طبقات المجتمع غالباً ما يستحيل تحقيقها.
وتعتبر المشكلة فى مصر فريدة من نوعها، فالنمو السريع تسبب فى سوء توزيع السكان وتوقعات خيالية للمواطنين وزيادة عدم المساواة فى الدخل بالمقارنة باقتصادات الأسواق الناشئة، لكن على عكس كثير من الحكومات الأخرى كان نظام مبارك تنقصه السياسة المناسبة لإنقاذ البلاد من سوء توزيع حتمى يتزايد بسبب ما يسميه الاقتصادى جوزيف شومبيتر «التدمير الخلاق».
وتتمثل مهمة النظام الجديد فى مصر فى إعادة كفاءة الاقتصاد دون التضحية بزخم النمو الذى نقل مصر فى كل الأحوال إلى وضع أفضل، وأحد أهم أسباب النجاح يأتى من اقناع رجل الشارع العادى الذى لم يعهد الديمقراطية الحقيقية من قبل أن دوره له قيمة فى إصلاح البلاد وهى مسألة ليست بالسهلة.
أعداد – ربيع البنا