بقلم: آرون دايفيد ميلر
يسود العالم القلق فيما يتعلق بالحرب مع ايران، وعدم الاستقرار الاقليمي، وانتشار الارهاب، وارتفاع اسعار البترول، وانهيار الاسواق، فلا داعى للقلق على الاقل حتى الآن، أو حتى 2013، لأن اسرائيل إذا لم تكن على يقين بأن الولايات المتحدة على استعداد لاستخدام القوة، فإن رئيس الوزراء الاسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه، ايهود باراك، لن يتخذا اى قرارات حاسمة حيال ايران الا اواخر هذا العام او اوائل 2013.
ولكن فى الوقت الراهن، لن يكون هناك أى حروب وبالتالى لن يكون هناك ايضا اى اتفاقات بشأن القضية النووية بالطبع، وهناك اسباب مقنعة وراء عدم رغبة الملالى فى طهران والاسرائيليين والامريكيين فى خوض أى حروب فى الوقت الحالى.
أولا يجب الا يستهين احد بالخطر الذى يشكله امتلاك ايران لاسلحة نووية او نقلل من قلق اسرائيل حيال هذا الاحتمال، فان القنبلة الايرانية سوف تعطى طهران دفعة قوية لطموحاتها الاقليمية، وتحطم الردع الامريكي، فضلا عن انها سوف تزيد من احتقان سباق التسلح بالمنطقة وتعطى قوى قمعية سلاحا آخر تؤمن به نفسها.
ولكن دعونا نتفق على شئ وهو ان ايران ليس لديها سلاح نووى وعلى حد علمنا انها لم تختبر اى سلاح نووى حتى الآن ولم تنتج ما يكفى من المواد الانشطارية اللازمة لاستكمال برنامجها النووى حتى انها لم تتقن تسليح الرأس النووى، وحتى وقتنا هذا هناك دولة وحيدة فى العالم هى التى تطالب بضرورة ضرب ايران وهى اسرائيل، حتى ذلك يشوبه بعض الغموض لأن الرأى العام الاسرائيلى والنخبة السياسية والمؤسسات الأمنية هناك لم تجمع بعد على ضرورة شن هجوم ضد ايران، ووفقا لأحدث استطلاع للرأى باسرائيل فان 60% ضد توجيه ضربة اسرائيلية ضد طهران، بالاضافة الى ذلك سوف ينتج عن ضرب إيران عواقب وخيمة مثل ارتفاع اسعار البترول وتعثر الاسواق والاقتصادات الهشة وزيادة انتشار الارهاب ومن الممكن ان تقصف الصواريخ الايرانية اسرائيل.
ثانيا، لا تريد اسرائيل توريد حقا ضرب ايران؛ فهى ترى ان الحفاظ على الوضع الراهن كما هو سوف يكون اقل خطورة من اتجاهها نحو ضرب ايران، حيث ان العقوبات المفروضة على طهران قاسية وقد تشتد وطأتها، كما ان انهيار الاوضاع فى سوريا زاد من عزلة ايران، نظرا لكونها الحليف المخلص للرئيس المحاصر بشار الاسد.
كما ان اسرائيل لا تريد تكرار خطئها حيث ان ضرب ايران من جانب واحد لن يمنح طهران شرعية الحصول على سلاح نووى ـ فقط ـ بل سيعجل من ذلك الامر، وهذا ما حدث بالضبط عندما قصفت اسرائيل مفاعلات البلوتونيوم لصدام حسين عام 1981.
ثالثا، ان اسرائيل ترغب فى مبادرة امريكية؛ فالحقيقة أن تل ابيب تسعى لاقناع الولايات المتحدة بحشد كل قوتها العسكرية ليكون لها أثر قوى على ايران، حيث انها تستطيع ان تلحق اضرارا بالغة بالقوى العسكرية الايرانية التقليدية وغير التقليدية، وبالرغم من ذلك قد يفشل هجوم الولايات المتحدة فى ايقاف برنامج ايران النووى بصورة دائمة ولن ينجح الا فى تأجيله.
اما بالنسبة لاسرائيل فان هناك مزايا هامة فى اتخاذ واشنطن الخطوة الاولي، فاسرائيل سوف تتجنب بتلك المبادرة شرخا فى علاقتها مع الولايات المتحدة كما انها ستتجنب انتقاد المجتمع الدولى عند توجيه ضربة لايران من جانب واحد، فضلا عن ذلك فان الاضرار التى ستقع على منشآت ايران النووية ستكون اعمق.
بالطبع سوف تتحرك اسرائيل آجلا ام عاجلا، فلن يسمح اى رئيس وزراء خاصة نتنياهو بأن توجه اليه اصابع الاتهام بانه الشخص الذى سمح للايرانيين بالتسلح النووى دون القيام بكل ما فى وسعه لمنع ذلك حتى ولو كان الهجوم لن يسفر الا على تأجيل برنامج ايران النووى والحاق الأسى باسرائيل جراء تلك العملية.
إعداد: نهى مكرم
المصدر: فورين بوليسى






