تباينت ردود أفعال الأحزاب السياسية ما بين رفض وتأييد قرار حكومة الدكتور هشام قنديل أول أمس بزيادة بعض الشرائح الضريبية الخاصة بضريبة المبيعات ورفع السعر العام للضريبة من 10% غلى 11%، بهدف تعظيم عائد الخزانة العامة منها, مع تغليظ عقوبة التهرب الضريبي لتصبح الحبس خمسة أعوام, وسداد غرامة قدرها ضعفا الضريبة واجبة الأداء، وربطه البعض باشتراطات صندوق النقد الدولي لاقراض مصر نحو 4.8 مليار جنيه واعطائها شهادة ثقة في الاقتصاد المصري.
قال الدكتور حازم الببلاوي الخبير الاقتصادي ووزير المالية الأسبق، في تصريحات خاصة لـ”البورصة”، أن الحكومة تعاني من عجز واضح في الموازنة، ولذلك تقوم باتخاذ تدابيرها الكاملة واستخدام كافة الأساليب لسد ذلك العجز، واعتبر قرار رفع الضريبة من شأنه زيادة الموارد وترشيد النفقات، شريطة أن تكون نسبة الضرائب عادلة.
وأضاف الببلاوي أن مسألة الحصول على القرض ترتبط بوضع البلاد وما تعانيه الحكومة من عجز في الميزانية العامة، لذا فهي تبذل كل طاقتها لسد ذلك العجز بالاستعانة بالحلول الخارجية سواء استرداد الأموال المهربة أو القرض الدولي وإما بالحلول الداخلية بفرض ضرائب على السلع والمحمول.
ووصف راوي تويج سكرتير عام حزب المصريين الأحرار، لــ”البورصة”، ما تسعى حكومة الدكتور هشام قنديل بزيادة الضريبة على المبيعات بأنه قرار عشوائي وغير مدروس، وأنها تلجأ للطرق الأقصر والأسهل والتي يطلق عليها “حلول وقتية” كالتي كانت تلجأ إليها الحكومات السابقة، وحذر من زيادة الأعباء على المواطن المصري.
وانتقد تويج أداء الحكومة باعتباره غير واضح المعالم في غياب خطة اقتصادية واضحة، في حين أن لديها سبل مختلفة من خلال تشجيع المستثمرين ورجال الأعمال لإعادة فتح المصانع المغلقة وتحقيق الأمن وفرضه في الشارع لجذب السياحة، وإعادة فتح ملف المخالفات الضريبية، مضيفاً أن قرض صندوق النقد ما هو إلا حل بديل في حال فشلت الحكومة داخلياً في سد العجز المالي، وهو ما يعبر بصورة عامة عن التخبط السياسة الضريبية للحكومة وغياب رؤية متكاملة تستعين بها في حل أزماتها.
أكد الدكتور عبد الخالق فاروق الخبير الاقتصادي بالتيار الشعبي لـ”البورصة”، أن الاجراءات التي تتخذها حكومة ” قنديل” بالاحتيال السياسي على الرأي العام، حيث تحمل الفقراء والمستهلكين العبء الرئيسي وفي الوقت نفسه تتجنب فرض أية ضرائب تصاعدية على رجال المال والأعمال، لتعد بذلك امتدادا لحكومة نظيف.
كشف فاروق أنه التقى الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية وحمله توابع قرارات الحكومة وأخطاءها المتكررة، خاصة في ظل وجود عشرات البدائل التي تغنيها عن مثل هذه القرارات، من خلال ضم الصناديق والحسابات الخاصة للموازنة العامة للدولة والتي ستدر أموالاً طائلة تصل إلى 100 مليار جنيه، فضلاً عن إدارة عملية تفاوض جادة لأسعار الغاز الطبيعي المصدر إلى 6 دول وهو ما سيوفر فائضاً كبيراً للدولة ، بدلا من القرارت التعسفية التي تفرضها على المواطن البسيط.
من جهته، أشار الدكتور طارق شعلان رئيس اللجنة الاقتصادية بحزب النور السلفي، لـ”البورصة”، أن قرار الحكومة يرتبط بالصالح العام والذي يسعى لتوفير سيولة مالية تسد العجز الكبير الذي تعاني منه البلاد، فضلاً عن غياب الاستقرار السياسي والذي بدوره يؤثر على التصنيف الائتماني لمصر خارجياً.
وطرح شعلان بعض البدائل التي تساعد الحكومة في قرارتها مثل تشكيل لجنة تسمى “الحقيقة والمصالحة” تشرف عليها الحكومة وبالأخص وزارة التخطيط من خلال مكاتب تحكيم خفية للتعرف على المخالفات وتجاوزات بعض المستثمرين وإجراء مصالحات تشمل رموز النظام السابق ، وهي اجراءات من شأنها طمأنة المستثمر وتساعد على عودة الاستثمارات الخارجية المباشرة، فضلاً عما تبذله لجنة استرداد الأموال المهربة والتي سيظهر أثرها على مدار السنوات القادمة.
وشدد الدكتور جودة عبد الخالق وزير التموين والتجارة الداخلية السابق، في تصريحات خاصة لـ”البورصة”، على رفضه الممارسات “التعسفية” للحكومة بفرضها ضرائب من شأنها زيادة العبء على المواطن المصري، وهو ما يعبر عن ضعفها ولجوءها للطرق القصيرة والأسهل.
ووصف عبد الخالق ما فرضته الحكومة من ضرائب على المحمول بأنه ازدواجية ضريبية على اعتبار وجود ضرائب فعلية على خدمات الاتصالات ونسبتها 15% فضلاً عن الرسم الجديد بواقع قرش على كل دقيقة ورسالة نصية، واعتبرها رؤية معيبة فنياً بطرح أشكال متعددة على الخدمة لاستنفاذ أكبر طاقة ممكنة من الضرائب على المواطنين.
وهدد الدكتور هاني الحسيني مسئول اللجنة الاقتصادية بحزب التحالف الاشتراكي، في تصريحات لـ”البورصة” برفع قضية عاجلة على الحكومة نتيجة لقراراتها التعسفية، وأعرلاب عن دهشته من الاتجاه لفرض ضريبة بدون برلمان، فيما يتوجب على الحكومة قبل إصدار ذلك القرار الاجتماع بكافة الخبراء الاقتصاديين والاستماع لكافة الرؤى والبدائل.
ويرى الحسيني أن فكرة الاقتراض من الخارج خاصة من صندوق النقد الدولي تحتاج لرؤية وتصور مدروس وهو ما يبعد كل البعد عن الحكومة التي تلجأ للقروض في ظل انعدام رؤية اقتصادية، في حين تغفل وجود عدة حلول تسبق القرض مثل إقامة مشروعات قومية في مجال الحديد والصلب ومجمع الألومنيوم والكيماويات تشرف على إدارته الدولة وهو ما سيساهم في خفض نسبة البطالة، والاستعانة بقانون ضريبة الدخل، فضلاً عن فرض ضريبة على المعاملات بالبورصة وبالأخص على الصفقات الكبرى لصناديق الاستثمار الأجنبية والمحلية، بالإضافة إلى فرض الضريبة العقارية بعد طرح نص واضح لإعفاء المسكن الواحد.
ورأى طلعت فهمي منسق الأمانة العامة لحزب التحالف الشعبى الاشتراكى لـ”البورصة”، أنه منذ نشأة ضريبة المبيعات وتحيطها العديد من المغالطات والانتقادات، نظراً لفرضها أعباء إضافية على المواطن المصري دون التفرقة بين السلع الترفيهية والضرورية.
أكد فهمي رفضه اللجوء للاتقراض من صندوق النقد الدولي، حيث أنه يضيف أعباء مالية على مصر خلال السنوات القادمة، في حين أن هناك بدائل عدة لسد عجز الموازنة سواء بضبط وترشيد الإنفاق الحكومي أو باستخدام الضرائب التصاعدية وتطبيق الضريبة العقارية والسيطرة على الصناديق الخاصة، بالإضافة لجهود لجان استرداد الأموال المهربة.
من جانبها، أكدت مارجريت عازر سكرتير عام مساعد حزب الوفد لـ”البورصة”، أن التعديل الضريبي الذي أجرته الحكومة ويقضي بفرض ضريبة مبيعات على المستهلك يعد عبئاً إضافياً على المواطن البسيط والذي لا يعاني من محدودية الدخل، في حين أن الحكومة بامكانها فرض الضريبة التصاعدية على رجال الأعمال أو ذوي الدخول المرتفعة.
وطالبت عازر الحكومة بالتأني قبل إتخاذ قرارات من شأنها زيادة العبء على كاهل المواطن البسيط ، خاصة وأنه لا يزال الوضع الاقتصادي في تدهور فضلاً عن المطالب المتكررة برفع الحد الأدنى والأقصى للأجور.
كتبت – وفاء عبد الباري