بقلم – حسن المستكاوي- الشروق
دون مبالغات وإنما وصفا لواقع، كان الأهلى فى مباراته مع الترجى هو برشلونة إفريقيا كان رائعا وممتعا، وكنت أتمنى أن تستمر المباراة لفترة أطول كى أستمتع أكثر. أستمتع بالإرادة والتصميم والشجاعة والأداء التكتيكى والخططى والبهجة التى تحيط باللقاء، وبفرحة جماهير الأهلى والجمهور المصرى الصادق البسيط المحب للخير صاحب القلب الأبيض النظيف..
رصد الواقع ووصفه بالتحليل والتدقيق، يؤكد أن الأهلى لعب بأسلوب برشلونة، لعب بالتمرير وبتبادل الكرة بسرعة، ولارتفاع لياقة اللاعبين (أمر مدهش بدون نشاط كرة أو دورى) كانوا يتحركون ويتبادلون مراكزهم ويصنعون المساحات، ويسمحون بالمزيد من التمرير. وهو تمرير بعيد عن طريقة التحضير والعجين القديمة. ففى أسلوب برشلونة الذى يعد صيحة الألفية، يكون الهدف من التمرير هو اختراق دفاع المنافس، وكل بداية هجمة مرتبط بتصور كيف تنتهى وأين تنتهى.. بينما التحضير القديم يكون استهلاكا للوقت أو عجزا عن الاختراق، خصوصا أن فلسفة الكرة المصرية القديمة كانت تقوم على الانتظار. مرر وراقب زميلك ماذا يفعل بالكرة، وأنت تثق بداخلك أنه لن يفعل شيئا فلماذا تتحرك؟
الكرة الجديدة تفرض على اللاعب التمرير والتحرك دون انتظار نتيجة صراع زميله مع المنافس. فمن يمرر الكرة عليه أن يساعد زميله بالحركة.. وقد كان الأهلى ناجحا فى تمصير أسلوب تيكى تاكا، وهو الذى حاوله مانويل جوزيه وأكده لى شخصيا عندما سألته عن هذا الأسلوب.. لكن هذا الوصف والإعجاب بالأهلى فى مباراة الترجى لا يعنى حكما مطلقا ومستمرا فيكون برشلونة فى كل مباراة..
أريد أن أوضح فقط أن الأهلى فى تلك المباراة لعب كرة القدم التى نتمناها تماما كما فعل المنتخب فى كأس الأمم الإفريقية بغانا عام 2008.. وكنا ننتظر الأهداف ولا نسأل هل نهدف.. وبالتالى فلم يكن فى الأمر مبالغة إطلاقا.. وفى بعض الأحيان يلعب فريق برشلونة شخصيا «كرة الكعبلون».. أقول أحيانا..
اتصالا بتلك المباراة أيهما أهم.. النتيجة أم المستوى؟
هذا أحد الأسئلة المثيرة للجدل فى مجال الرياضة. وهو سؤال قديم. وأسوأ تقييم عند المحلل أو الناقد هو الذى يقوم على النتيجة فى مباراة وليس على الأداء المهارى والخططى والتكتيكى وشكل الصراع فى الميدان.. ومبكرا جدا رأيت أن الكرة ليست أهدافا، ولكنها هذا الصراع الذى أعنى به الندية. فتكون المباراة هجوما متبادلا وسريعا وبأساليب ممتعة ومتنوعة.. وهذا يفسر استمتاع مشاهد بلقاء ينتهى بالتعادل السلبى ويظل مشدودا إليه حتى الثانية الأخيرة، وعدم الاستمتاع بلقاء ينتهى بفوز فريق بستة أهداف مقابل لا شىء للفريق الأخر..
الأهداف فى كرة القدم هى حبة الكريز التى تزين تورتة الصراع وتضفى الإثارة على الدراما فى المباراة. ومن هنا يمكن أن يفوز فريق دون أن يلعب. ويلعب فريق دون أن يفوز. وكم كان جميلا أن يلعب الأهلى وأن يفوز.. وأن ينثر وينشر المتعة والبهجة، لكنه من الصعب أن يكون برشلونة دائما..








