بقلم: دانيال يرجن
توقعت وكالة الطاقة الدولية ان الولايات المتحدة قد تتجاوز المملكة العربية السعودية كأكبر منتج للبترول بحلول عام 2020، وسواء حدث ذلك أم لا، فإن أهم ما فى هذه التوقعات هو ان أمريكا مستمرة فى تغيير اقتصادها مما سيكون له تأثير على العلاقات الدولية وآفاق الطاقة العالمية.
وعلى الرغم من أن استقلال الولايات المتحدة فى مجال الطاقة مازال أمراً بعيد المنال، إلا ان التوازن بدأ يعود مرة أخرى إلى الإنتاج العالمى للبترول، وسوف تصبح الولايات المتحدة بشكل سريع أقل اعتماداً على واردات البترول، وستنضم قريباً إلى صفوف مصدرى الغاز الطبيعى المسال، ويعد ذلك تغييراً جذرياً عما كان متوقعاً منذ أربعة أعوام فقط، عندما فاز باراك أوباما بالفترة الرئاسية الأولى حيث كانت التوقعات تدور حول انخفاض إنتاج الولايات المتحدة من البترول، وازدياد الواردات وقد غذى ذلك الشعور السائد آنذاك بأن أيام البترول الأمريكى اقتربت من نهايتها.
ولكن ما حدث قد خالف هذه التوقعات حيث ارتفع إنتاج أمريكا من البترول بنحو 25% منذ عام 2008، وتوقعت وكالة الطاقة الدولية أن يشهد الإنتاج زيادة بنحو 30% بحلول عام 2020 أى أن الولايات المتحدة ستنتج 11.1 مليون برميل يومياً فيما انخفضت واردات أمريكا من الوقود لتصل إلى 42% فى الوقت الراهن بعد أن كانت 60% فى عام 2005.
كان الرئيس الأمريكى الأسبق ريتشار نيكسون هو أول من اقترح فكرة الاستقلال فى مجال الطاقة خلال أزمة البترول التى حدثت فى عام 1973 ومنذ ذلك الحين يعد رؤساء أمريكا بعودة الولايات المتحدة إلى الاكتفاء الذاتى، حتى تكون أقل عرضة لاضطرابات الشرق الأوسط وارتفاع الأسعار.
وقد ساهم التطور التكنولوجى فى أساليب التنقيب فى إشعال ثورة الغاز الصخرى بالولايات المتحدة، وأصبح الغاز الصخرى يشكل 37% من إنتاج الولايات المتحدة من الغاز الطبيعى بعد أن كان يشكل 2% فقط، كما نجحت أمريكا فى تخطى روسيا كأكبر منتج للغاز الطبيعى فى العالم.
وبالنسبة للبترول، فإن الولايات المتحدة وفقاً لوكالة الطاقة الدولية ستعطل ستظل تستورد لفترة طويلة، إلا ان نسبة الواردات سوف تنخفض بشدة، ويعود ذلك بشكل جزئى إلى ازدياد العرض، وأيضاً لأن طلب الولايات المتحدة على البترول قد وصل إلى ذروته، وسوف يصبح الشعب الأمريكى أكثر كفاءة فى كيفية استخدام البترول، مع إدخال تعديلات فى كفاءة استهلاك الوقود للسيارات، وسوف تأتى واردات الولايات المتحدة من البترول بشكل متزايد من نصف الكرة الغربى خاصة كندا التى تمد أمريكا بالفعل بنحو 30% من إجمالى وارداتها من البترول.
أشارت الوكالة إلى ان التوازن الاستراتيجى فى الخليج والشرق الأوسط وتعاملات الولايات المتحدة، خاصة فى ضوء تصاعد التوترات حيال برنامج إيران النووى والاضطرابات التى تشهدها المنطقة سوف يشعل المفاوضات بشأن مستقبل أمريكا المالى.
قالت الوكالة إن زيادة إنتاج الولايات المتحدة من البترول جنباً إلى جنب مع ازدياد إنتاج السعودية، ساهم فى سد عجز العرض الناتج عن العقوبات المفروضة على البترول الإيرانى مما جعلها أكثر نجاحاً مما كان متوقعاً قبل عام.
أوضحت وكالة الطاقة الدولية ان علاقات الولايات المتحدة بالخليج لا تقتصر فقط على واردات البترول، فهى تشترى %12 فقط من احتياجاتها النفطية منه، لذلك فهى أكثر اهتماماً باستقرار وامكانية وصول امدادات البترول وليس بعدد البراميل التى تتدفق إليها، وعلى أي حال ستتأثر أمريكا بالاضطرابات التى تحدث فى السوق العالمى التى تؤدى إلى ارتفاع الأسعار وعلى الرغم من التغييرات الجذرية فى إنتاج الطاقة بالولايات المتحدة، وقلة اعتمادها على الطاقة المستوردة، فلن تقدر على الهروب من منطق الجغرافيا السياسية ولن تستطيع الانفصال عن العالم.
اعداد: نهى مكرم
المصدر: فاينانشيال تايمز








