قال بنك الاستثمار العالمي سيتي جروب ان 2012 عام ضائع في مصر من حيث الاصلاحات الاقتصادية والنمو فيما تحتاج الحكومة الإنتهاء من الدستور وتحديد موعد لإجراء الإنتخابات البرلمانية من اجل تعزيز السلطة المدنية.
اضاف التقرير ان الإيجابية التى شهدها العام تتمثل فى إدراك القيادة السياسية بالحاجة إلى الإتفاق مع صندوق النقد الدولي على نطاق واسع من اجل جذب المزيد من المانحين والحصول على الدعم المالي والذي من المتوقع ان يكون في بداية 2013.
وكانت قيمة الإحتياطيات الإستراتيجية من النقد الاجنبي وصلت في نهاية اكتوبر الماضي إلى 15.5 مليار دولار والذي لا يفسح للحكومة مجال كبير للمناورة ويجبرها على مواصلة المحادثات.
وعلى الرغم من اهمية قرض صندوق النقد الدولي لأستقرار الوضع الاقتصادي في الاجل القريب إلا ان السؤال الاساسي يكمن في مدى قدرته على تحقيق عوائد اكبر على معدلات النمو في المدى البعيد، وايضاً يثير التساؤل حول ما إذا كانت الحكومة الحالية لديها رؤيا طويلة الاجل لتطور الاقتصاد المصري. ومع ذلك فإن هناك حالة من القبول الجماعي لفكرة إنه دون العمل على دعم النمو الاقتصادي في الاجل القريب فإن التوقعات على المدى الطويل ستكون اكثر كأبة.
ووفقا لتقرير سيتي جروب مثلت الاسواق الناشئة نماذج نمو مذهلة خلال فترة الألفنيات بعد ان تمكنت معدلات النمو الجيدة المدفوعة بالصعود الكبير في الصادرات من إسعاد وكالات التصنيف الإئتماني وجذب كم كبير من المستثمرين.
اوضح بنك الاستثمار العالمي سيتي جروب في تقريره ان الاسواق الناشئة تمكنت خلال الفترة من 2002 – 2011 من تحقيق معدلات نمو قوية وتحقيق فوائض تجارية ضخمة وزيادة قيمة عملاتهم المحلية والتمتع بقوة في مراكزهم المالية مع إنخفاض أعباء الديون وزيادة أصولهم من الإحتياطي الاستراتيجي من النقد الاجنبي.
اضاف ان كل هذه المميزات التي تمتعت بها الاسواق الناشئة خلال تلك الفترة كانت مترابطة وخاصة ان كثير من الاسواق الناشئة كانت تواجه ضعف كبير في عملاتها منذ 10 سنوات بدفع من الازمات السابقة، إلا ان هذا الضعف دعم الصادرات والتي تمكنت من قيادة النمو والذي حافظ بدوره على قوة المراكز المالية لتلك الدول.
وبدعم من قوة المركز المالي ارتفعت قيم عملات بعض تلك الاسواق بعد ان كانت تعاني من تراجعات كبيرة في السابق. تمكنت قوة المركز المالي أيضاً من دعم زيادة مستوى الإحتياطي الاستراتيجي والذي ساعد بدوره في زيادة قوة المركز المالي الداخلي والخارجي.
اوضح التقرير ان ذلك يرجع في الأساس إلى الثقافة الحذرة التي تبنتها حكومات تلك الدول من إدارة المركز المالي بصورة حذرة وخاصة بعد ان عانت معظم تلك الاسواق من ازمات خلال فترة الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، وبالتالي إتجهت الاسواق إلى العمل على التأمين الذاتي والحفاظ على القدرة التنافسية.
ووفقا للتقرير يبدو ان الإتجاه ذو النمو السريع الذي تمتعت به الاسواق الناشئة خلال الفترة من 2002 وحتى 2011 لن يتمكن من الاستمرار لذا ينصح التقرير المستثمرين بالحذر إذ ستتبنى الاسواق الناشئة نماذج نمو جديدة، تراجعت معدلات النمو في الاسواق الناشئة في السنوات القليلة الماضية وعلى الرغم من التوقع بتحقيق تعافي خلال سنة 2013 ليصل النمو إلى 5.1 % بعد ان كان 4.6 % في 2012 إلا انه لن يتمكن من الارتفاع للوصول إلى المتوسط المحقق خلال فترة الألفنيات إذ ان معدل النمو السنوي في المتوسط خلال 2002-2011 في الاسواق الناشئة وصل إلى 6.5 %.
اشار التقرير الى ان المشكلة الحالية التي تواجه الاسواق الناشئة هو التراجع في الصادرات والذي يقود معدلات النمو للهبوط بدفع من ضعف الطلب في الاقتصادات المتقدمة وتراجع الطلب المحلي في الصين.، و ادى ذلك إلى تغيرات كبيرة في الموازين التجارية للاسواق الناشئة إذ تحولت هذه الاسواق لتحقيق عجز في الميزان التجاري بعد ان كانت تحقق فائضاً خلال العامين الماضيين، كما إنه من المستبعد رؤية عودة النمو المدفوع بالصادرات والفائض التجاري مرة اخرى بعد ان كانت الثمة الرئيسية في الألفنيات، كما ادت التراجعات في الموازين التجارية في الاسواق الناشئة إلى إنخفاض حجم الاحتياطيات الاستراتيجية المتراكمة.
اوضح التقرير ان الشروط الخاصة بالنمو المدفوع بالصادرات ليست مشجعة لعدة اسباب، اولها ان عملات الاسواق الناشئة لم تعد رخيصة كما كانت عليه منذ عشر سنوات ولا تعد من العملات منخفضة القيمة، وبالتالي فإن ارتفاع قيمة العملات يعتبر من يحول مصدر النمو الرئيسي إلى الاستهلاك المحلي بدلاً من التصدير وخاصة مع الإتجاه العالمي لإنخفاض الطلب.
اوضح التقرير ان النمو المدفوع بالصادرات لن يندثر بالكامل وخاصة مع تمكن بعض الدول الاسيوية تحقيق نمو كبير في الصادرات إلا ان عامل الإستهلاك المحلي سيكون اكثر وضوحاً في معادلات النمو في الاسواق الناشئة.
اكد التقرير ان اسعار العملات التي اصبحت غير تنافسية في الاسواق الناشئة وضعف نمو الطلب المحلي سيدفع صانعي السياسات المحليين إلى الإعتماد بصورة اكبر على مصادر النمو المحلية.
ويرى البنك ان العاملين الاساسيين الذي سيلجأ إليهم صانعي السياسات من اجل دعم النمو الداخلي هم اسواق الإئتمان المحلية والسياسات المالية. هناك ادلة بالفعل ان اسواق الإئتمان المحلية تمكنت من تخفيف وطأة تباطؤ النمو في الاسواق الناشئة إذ ان النمو في الإئتمان الخاص حقق نمو كبير خلال السنوات الماضية ومن المتوقع ان يواصل النمو.
ويوجد الكثير من الاسواق الناشئة التي حققت معدلات نمو كبيرة في الإئتمان ومن المتوقع ان تواصل النمو إلا ان الصين تعتبر إستثناء وخاصة مع معدلات الإئتمان المرتفعة والذي يحجم من قدرة الصين على زيادة الإئتمان والذي يهدد بعدم قدرتها على تحقيق نمو اقتصادي مدفوع بنمو الإئتمان والذي يهدد بضعف النمو الصيني والذي يعتبر عامل مهم اخر يدعم قكرة ان الإستهلاك المحلي سيكون العامل المؤثر في معدلات النمو في بقية الاسواق الناشئة.
العامل الثاني الذي قد يلجأ إليه صانعوا السياسات من اجل دعم النمو الداخلي في السياسات المالية هو التسهيلات المالية ، وعلى الرغم من فعالية تلك الطريقة إلا أن الاسواق الناشئة قامت بالفعل بتسهيلات مالية كبيرة بعد ازمة بنك ليمان وبالتالي فإن فكرة المزيد من التسهيلات المالية لن يشكل مفاجأة للاسواق، كما ان العديد من الاسواق شهدت تخفيف في مواقفها المالية من اجل تخفيض وطأة صدمات الصادرات التي عانتها بعض الاسواق خلال الاشهر الاخيرة.
يبدو ان على الاسواق الناشئة تبني العاملين معاً أي يجب العمل على نمو الإئتمان الداخل وتطبيق سياسات مالية تخفيفية ويبدو ان الاخبار الجيدة تكمن في ان تلك السياسات المحلية لن تخلق مخاطر من عدم الاستقرار المالي، فالنظرية تؤكد على انه عند دمج خفض الصادرات مع التوجه عوامل النمو الداخلي فإن النتيجة تكون إيجابية.
ومع ذلك فإنه من المستبعد ان نرى إتزان عالمي في الاجل القريب وذلك يرجع إلى تخوف من قبل صانعي السياسات في الاسواق الناشئة من مخاطر العجز في الميزان الجاري وخاصة ان الأدلة تشير إلى ان الدول ذات معدلات النمو في العجز في الميزان الجاري شهدت تراجع كبير في عملاتها. يرى التقرير ان تلك التخوفات ستؤدي إلى إتجاه صانعي السياسات في الاسواق الناشئة إلى توخي الحذر في تبني عوامل نمو محلية في الوقت الذي تعاني الصادرات من الضعف.
اوضح التقرير ان واضعي السياسات يفضلون عدم ارتفاع قيم عملاتهم بصورة اكبر من اللازم، ففي اوقات فائض الميزان التجاري قد يفضل صانعي القرار رؤية عملاتهم ترتفع وخاصة في حالة وجود ضغوطات تضخمية، إلا انه من المتوقع ان يكون العام 2013 منخفض التضخم وبالتالي قد يحجم صانعوا السياسات عن فكرة زيادة قيمة العملات المحلية.وهناك بعض الادلة خلال العام الحالي لعدد من الدول تحاول تحجيم ارتفاعات اسعار العملة عن طريق ضبط التدفقات الرأسمالية او عن طريق خفض اسعار الفائدة من اجل خفض مستوى التدفقات إضافة إلى بعض التدخلات المباشرة في سوق العملات.
كتبت – عبير علي