تبنت المملكة العربية السعودية فى السنوات الأخيرة اتجاهاً جديداً يقوم على استثمار عائدات البترول فى مشروعات صناعية وتنموية تحسبا لنضوب الوقود الحفرى ليدها خلال القرن الحالي.
وسارت فى هذا الاتجاه معظم دول مجلس التعاون الخليجى التى حققت إيرادات خيالية جراء الارتفاع الكبير فى الأسعار خلال العقد الأخير حيث حلق سعر البرميل فى معظم هذه الفترة فوق مستوى الـ100 دولار.
ولجأت السعودية ودول خليجية أخرى منها قطر فى السنوات الأخيرة إلى إطلاق مشروعات توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة خاصة الطاقة الشمسية حيث تتمتع المنطقة بساعات سطوع للشمس هى الأطول فى العالم مما يؤهلها الى تحقيق أكبر استفادة ممكنة منها.
تجدر الإشارة إلى أن حاجة دول الخليج الى الكهرباء تتزايد بشكل متطرد ليس فقط لتلبية احتياجات المواطنيين العادية ولكن لتوفير الطاقة اللازمة لعشرات المصانع التى ينطلق العمل بها سنويا فى هذه الدول.
تعتبر السعودية أكبر منتج للبترول فى العالم منذ مدة طويلة، ولكنه بدأت توجه العائدات البترولية الى إنتاج الكهرباء من مصادر متجددة أهمها الطاقة الشمسية.
وبحسب الخطط السعودية القائمة على تصدير الفائض من الكهرباء عبر شبكة ربط تمر بمصر الى أوروبا عبر سيناء فقد يجد المصريون والأوروبيون أنفسهم يوما ما يشعلون أضواءهم من الكهرباء القادمة من محطات الطاقة الشمسية الضخمة التى تهدف السعودية إلى بنائها فى السنوات القادمة.
وصرح مسئولون سعوديون على إطلاع بخطط المملكة لجريدة الفاينانشال تايمز أن البرنامج الذى تسعى الدولة لتحقيقه طموح ورغم أنه قد يأخذ سنوات، فإن النتيجة سوف تكون عظيمة، كما يعتقدون أن السعودية ستكون منتجاً رئيسياً للطاقة الشمسية.
وجاءت هذه الخطوة بعد سنوات من النمو الاقتصادى فى السعودية ودول الخليج الغنية بالبترول، وهذا النمو أدى بدوره إلى حرق هذه الدول للكثير من موارد الغاز والبترول لديها.. وتعيش هذه الدول هاجس أن تصبح يوما ما مستورداً صافياً للوقود خلال 20 عاما إلا إذا بحثت عن مصادر أخرى للطاقة.
وقالت السعودية بالفعل إنها ترغب فى استثمار أكثر من 100 مليار دولار فى مصادر توليد الكهرباء المتجددة خاصة الطاقة الشمسية فى حين أكدت قطر أنها تتطلع إلى مشروع مشترك بين دول مجلس التعاون الخليجى الستة يهدف إلى تصدير الكهرباء من خلال شبكة طاقة تربط المنطقة بأكملها.
وقال فهد بن محمد العطية، مدير برنامج قطر للأمن الغذائى القومي، إن الهدف يتعدى مجرد اتصال دول التعاون الخليجى بمصر بل هناك طموح خليجى بأن تصبح مصر مركزا لتصدير الكهرباء إلى أوروبا أيضا نظرا لعدد ساعات سطوع الشمس التى تساعد قطر على تطوير قطاع طاقة شمسية والاستفادة منه.
وأضاف فهد إن استيفاء الطلب الداخلى المتنامى على الكهرباء سوف يكون الأولوية الأولى للمنطقة، وقال إن دول مجلس التعاون الخليجى تأخذ خطوات ثابتة لتنفيذ مشروعات مثل “ديزرتك” لتوليد الطاقة من الصحراء حيث اتفقت خمس دول من أوروبا وشمال أفريقيا وهما ألمانيا وفرنسا وإيطاليا والمغرب وأسبانيا على استغلال صحراء أفريقيا لتدفئة الدول الأكثر برودة فى أوروبا.
وقال عدنان آمين، مدير وكالة الطاقة المتجددة الدولية بأبو ظبي، إن المسئولين السعوديين يتناقشون مؤخرا بشأن ربط شبكة الخليج بـ”ديزرتك”.وأضاف أنهم يفكرون فى إمكانية ربط شبكتهم بمصر بسهولة مما سيسمح لهم بالوصول إلى شبكة شمال أفريقيا التى إن اتصلت بأوروبا ستوفر طريقا سريعا لنقل الطاقة المتجددة. كما ذكر أن أوروبا لديها حاجة ماسة للطاقة المتجددة من أجل تخفيض انبعاثات الكربون لديها للمستويات المستهدفة، وبالتالى سوف تكون منفتحة للغاية لاستيراد الطاقة المتجددة بأسعار تنافسية.
ولدى السعودية بالفعل معدات معقدها تسمح لها بتعقب الغبار والرطوبة، لذا سيتم اختيار أفضل المواقع لإنشاء المحطات.
وقال المسئول السعودى الذى رفض الإفصاح عن اسمه، إن الغبار كان أحد اكبر المشكلات التى واجهت الدولة بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة المعدات المتطورة، مضيفا أن العلماء السعوديين عملوا على معالجة تلك المشكلات وكانوا متفائلين بحلها.
اعداد: ربيع البنا ورحمة عبد العزيز