بقلم : عماد الدين حسين – الشروق
على من يحب الإخوان أن يهمس فى أذنهم أو حتى يصرخ بأعلى صوته ويقول لهم إن تربية وتسمين وحش المتطرفين قد يدفعوا هم أنفسهم ثمنه غاليا فى المستقبل إضافة إلى كل المجتمع بالطبع.
السلفيون هم ليسوا كتلة واحدة بالطبع لكن بعضهم لا يؤمن بالدستور الوضعى أساسا باعتباره يتعارض مع الشريعة، ولا يخفى كثير منهم احتقاره للدستور بل وامتعاضه من الإخوان باعتبارهم معتدلين حينا ونفعيين أحيانا.
كثيرون تحدثوا عن خطورة الهجوم الذى تعرض له مقر حزب وصحيفة الوفد فى الدقى مساء السبت الماضى لكن قليلين هم من توقفوا عند آثاره الكارثية فى المستقبل.
بالطبع إذا كنا ندين الهجوم على الوفد، فالطبيعى أن ندين الهجوم على مقار الإخوان المسلمين قبل ذلك ــ وقد فعلت ذلك بنفسى وبوضوح تام فى حينه، وبالتالى فليس على رأسى بطحة كما يقولون.
من حق السلفيين وأنصار حازم أبوإسماعيل أن يتظاهروا ويعتصموا فى أى مكان طالما كان ذلك سلما وبالقانون، مثلما من حق غيرهم أن يعتصموا أمام الاتحادية أو فى ميدان التحرير.
المنطق والديمقراطية يحتمان علينا ألا نقيس بمقياسين، بمعنى ان نرحب باعتصام الاتحادية وننزعج من اعتصام مدينة الإنتاج.
وإذا كنا نرفض منع المعتصمين لقضاة المحكمة الدستورية من الدخول والاعتداء على المخرج خالد يوسف أو أى مذيع، فعلينا ان نرفض منع المعتصمين لموظفى القصر الجمهورى من الدخول ومهاجمة بعض موظفى وسيارات الرئاسة أو منع الموظفين من الدخول لمجمع التحرير.. ينبغى أن يكون الفيصل هو القانون وشرط أن نطبقه على الجميع.
سيقول البعض إن كل الكلام السابق نظرى وحالم، وقد يكون كذلك بالفعل، لكنه مطلوب.
الذين هاجموا مقار الإخوان كان ينبغى على الأمن ضبطهم، وقد يكونوا مأجورين وقد يكونوا «فلول»، والمريب أننا لا نعرف ماذا حدث معهم حتى الآن.
أما الذين هاجموا الوفد فكانوا واضحين للعيان، مجموعات ملتحية وتهتف هتافات إسلامية.
جيد أن يسارع الشيخ حازم أبوإسماعيل إلى نفى صلة أنصاره بهذا الاعتداء البربرى بعد أن «هاجت الدنيا وماجت»، لكن الأهم من الاعتذار أن يتوقف هو وأنصاره عن التصرف باعتبارهم ميليشيا تهدد هذا وتتوعد ذاك.
لو تركنا بعض القوى السلفية تنفذ القانون بنفسها، ولو تركنا الإخوان يحمون مقارهم بأنفسهم لأنهم لا يثقون فى الداخلية، ولو تركنا الفلول أو غيرهم يهاجمون مقار الإسلاميين فنحن نؤسسس فعليا لدولة الميليشيات والمافيات.
المؤكد أن الإخوان استفادوا من مساعدة السلفيين فى الأسابيع الأخيرة لمواجهة حشود خصومهم… استفادوا بهم فى المليونيات خصوصا أمام جامعة القاهرة وفى الاستفتاء وفى إرهاب الخصوم والاعتصام أمام مدينة الإعلام والمحكمة الدستورية، والمؤكد أن هناك ثمنا ينبغى دفعه نظير هذه الخدمات.
كل يوم أُمنِّى نفسى بأن ما يحدث مجرد كابوس وسينتهى وأن براجماتية الإخوان سوف تتغلب على التيار المندفع والمتعجل داخلهم للاستيلاء على كل السلطة وكل البلد، لكن الحقائق والممارسات على الأرض تشير للأسف إلى أننا ننحدر بسرعة إلى مجهول لا يعلمه الا الله.
أمام الإخوان أكثر من خيار، أسوأها على الإطلاق أن يحكموا مصر بمنهج بعض المتطرفين الذين ينظرون لمصر باعتبارها دارا للكفر وللمصريين باعتبارهم يعيشون فى الجاهلية.
المسئولية صعبة وتكاد تكون مستحيلة أمام الإخوان وأى حكومة أخرى سواء شكلها البرادعى أو حمدين صباحى.. والحل الوحيد للتقدم إلى الأمام أن يمد الإخوان يدهم مرة وعشرة وعشرين لبقية مكونات المجتمع… أما بديل ذلك فلا يقودنا إلا للتجربة الأفغانية أو الصومالية.








