يبدو أن سوق الصرف أفلتت من قبضة البنك المركزى الذى لم تعد لديه مرونة كافية فى التدخل لمنع المضاربات وتحجيم القلق السائد حاليا.
وتشير أحداث الأسبوع الماضى إلى الصعوبات التى يواجهها البنك المركزى فى توجيه السوق أو التأثير عليه مثلما حدث على مدار العامين الماضيين.
وحافظ البنك المركزى على سياسة الجنيه القوى ضمن سياسته لاحتواء التضخم اعتماداً على الاحتياطى القوى الذى كان يملكه من النقد الأجنبى والذى بلغ 36 مليار دولار، لكنَّ تلك السياسة تسببت فى تهاوى الاحتياطى وتراجع قدرته على الدفاع عن العملة المحلية.
وقالت مؤسسات مالية ومحللون فى مايو الماضى إن البنك المركزى بحاجة إلى إجراء خفض محكوم لسعر الجنيه للمحافظة على احتياطياته الأجنبية، قبل أن تنفلت الأسعار بطريقة لا يمكن السيطرة عليها.
ولم يتبق من الاحتياطى حاليا سوى 15 مليار دولار، يتوقع لها أن تنخفض بنهاية الشهر الجارى نتيجة سداد أقساط مديونيات دول نادى باريس. وهذا الرقم كبير من الناحية النظرية لا يكفى لتغطية سوى 3 أشهر من الواردات، كما أن حجم السيولة المتاح منه أقل من الرقم المعلن كثيراً، بالنظر إلى مكوناته من الذهب ووحدات حقوق السحب الخاصة.
ويقول محللون إن الحلول المتعلقة بأى اضطرابات تحدث فى سوق الصرف باتت خارج البنك المركزى، وبعضها قد يكون سياسياً والبعض الآخر اقتصادياً أو مالياً، لكنها لم تعد حلولاً نقدية.
وقالت شهيناز فودة، نائب الرئيس التنفيذى لبنك «بى ان بى باريبا»، إن الاحتياطى من النقد الأجنبى أصبح غير قادر على مواجهة ما كان يواجهه من قبل، مؤكدة أنه لابد من حدوث استقرار سياسى بشكل سريع كى يتمكن البنك المركزى من الدفاع عن سوق الصرف.
قال هيثم عبد الفتاح، رئيس قطاع الخزانة ببنك التنمية الصناعية والعمال المصرى، إنه حان الوقت لمساندة المستوى السياسى للجانب الاقتصادى فى الدولة، مشيراً إلى أنه لابد من وجود حزمة دعم سياسى كى يستقر الوضع الأقتصادى ويتمكن الجنيه من المحافظة على قيمته.
أضاف أنه لابد من دعم الأوضاع السياسية للآليات الاقتصادية كى تتمكن من إدارة المرحلة الراهنة، متوقعاً ارتفاعات قياسية وغير مسبوقة لأسعار صرف الدولار أمام الجنيه خلال العام المقبل فى حالة استمرار التأثيرات السلبية الراهنة على الوضع الأقتصادى والسياسى.
وأشار مسئول خزانة بأحد البنوك الأجنبية إلى أن البنك المركزى لم يعد لديه الآليات التى تمكنه من التحكم فى سوق الصرف، كما كان يفعل طول السنين الماضية، مستبعداً أن يكون قرض صندوق النقد الدولى وسيلة لإنقاذ سوق الصرف ومشككا فى قدرة الدولة على الحصول عليه فى ضوء المؤشرات الراهنة.
أضاف أنه لابد من وجود إدارة سياسية واضحة ورؤية سريعة لإنقاذ الوضع السيئ الذى يتعرض له الإقتصاد، مشيراً إلى أنه لابديل عن الحصول على مساعدات من الدول العربية لإنقاذ سوق الصرف ودعم الاستقرار السياسى.
ويرى أن تلك الفترة تتطلب تكاملاً بين الرؤية الإقتصادية والسياسية كى تخلق حلولاً وآليات تسهم فى الدفاع عن الاقتصاد ومؤشراته بشكل عام سواء كانت سياسة نقدية أو سوق صرف.
وأشار أحمد الخولى، رئيس قطاع الخزانة ببنك التعمير والإسكان إلى أن الاستقرار السياسى هو الآلية الوحيدة التى ستنعكس أثارها على أزمة سوق الصرف الراهنة، مؤكداً عدم قدرة البنك المركزى على ضخ أى سيولة دولارية فى السوق، وأنه لابد من وجود مجموعة من الحلول واستراتيجية سريعة التأثير سياسية اقتصادية لإنقاذ الوضع الراهن لافتا إلى أن سوق الصرف يتطلب إجراءات سريعة وطمأنة للعملاء كى يمكن التحكم فى الأسعار، التى يمكن أن ترتفع بشكل قياسى وفقاً لحالة الفوضى والتخبط التى تشهدها البلاد على جميع المستويات.
كتب – أسماء نبيل وإنعام العدوى