بقلم : عماد الدين حسين – الشروق
قبل بداية رأس السنة بأيام قليلة، وجدت على مكتبى فى الشروق «لفة» لم أعرف ما بداخلها.. فتحتها لأجدها عبارة عن نتيجة حائط و5 أجندات مختلفة الأحجام للسنة الجديدة، مرسلة من مؤسسة الأهرام.
شكرت المؤسسة فى سرى ، لأنهم أراحونى عناء النزول لشراء هذه الأجندات لإرسالها للأهل فى الصعيد.
فى اليوم التالى، وجدت فى الشروق قائمة الهدايا التى حصل عليها كبار المسئولين فى عهد مبارك من مؤسسة الأهرام.
لم يخطر على بالى بالمرة ان هذه الهدية الرمزية يمكن أن تشكل مخالفة للقانون، لكننى تخيلت أن يظهر اسمى واسم غيرى ــ ربما بعد سنوات طويلة ــ فى كشوف جديدة باعتبارنا تلقينا هدايا ورشاوى فى عهد مرسى.
بعيدا عن الدعابة، فمن يطلع على تفاصيل الهدايا المقدمة من الأهرام لرجال مبارك سوف يصل إلى قناعة واحدة، وهى أنه إذا لم تكن هناك إلا هذه الجريمة لسقوط نظام حسنى مبارك لكفى.
تخيلوا أن أحمد نظيف رئيس الوزراء الأسبق حصل فى عام 2006 على ساعة بقيمة 130 ألف جنيه وطقم كوليه ذهب بقيمة 100 ألف جنيه وقلم «مون بلو» بمبلغ 6 آلاف جنيه وطقم أزرار قمصان بـ 1200 جنيه، وحزام دانهيل بألف جنيه وحقيبة يد حريمى بخمسة آلاف جنيه.
هذه القائمة تكررت تقريبا فى أعوام 2007 و 2008 و2009 و2010 مع اختلافات طفيفة، بمعنى أنه مثلا تم إضافة طقم ألماظ بتسعين ألف جنيه عام 2009، لكن سعر الساعة انخفض إلى 110 آلاف جنيه.
ما حصل عليه نظيف حصل عليه تقريبا مع اختلافات بسيطة وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى، وزكريا عزمى، مع ملاحظة أن الساعة التى حصل عليها عام 2006 كان ثمنها 160 ألف جنيه، ماركة «فرانك مولر» وفى عام 2011 كان سعرها 175 ألف جنيه ماركة «بلفاردى.
نفس الأمر تكرر مع صفوت الشريف وفتحى سرور ويوسف بطرس غالى وحاتم الجبلى مع ملاحظة أنه كلما كانت وظيفة المسئول قريبة من مبارك كلما زادت قيمة الهدايا والعكس صحيح.
حتى هذه اللحظة لا أعرف نفسية الشخص الذى يضع فى يده ساعة قيمتها 175 ألف جنيه، وبعد تفكير عميق اقتنعت أن من حق كل شخص أن يلبس أو يقتنى ما يشاء شرط أن يكون من ماله الحلال.
البعض يسأل ما الذى يدفع مؤسسة الأهرام أو غيرها لتعطى هؤلاء مثل هذه الهدايا القيمة؟!.
السؤال السابق لا يخرج إلا من ساذج مثلى ويفترض ألا يسأل.
لكن لننس الماضى ونتكلم عن المستقبل. فالذين قدموا الهدايا والذين قبلوها إما فى السجن أو تطادهم اتهامات الفساد.
من حق أى مؤسسة خاصة أن تنفق أموالها كما تشاء، لكن مؤسسة الأهرام العريقة هى ملك للشعب، وعندما يقوم أى مسئول فيها بإعطاء هدية لمسئول فهى من جيب الغلابة المطحونين.
أتمنى أن تكون القيادات الجديدة قد وعت الدرس جيدا، فلا تبادر بتقديم أى هدايا لأى مسئول.
كما ينبغى على أى مسئول حالى أن يفكر مليون مرة قبل أن يحصل على هدايا يعرف أنها ليست بريئة وهدفها شراء صمته.
مطلوب تشديد إجراءات المراقبة والمساءلة فى كل مكان بحيث لا يفكر الراشى والمرتشى فى تكرار هذا الأمر.
اعود الآن الى الاجندات الخمس، حيث سألت أصدقاء عن ثمنها التقريبى، فقالوا حوالى خمسين جنيها.
والسؤال الآن: هل أعيد الأجندات الخمس إلى الأهرام ،أم أذهب إلى النيابة العامة وأسدد خمسين جنيها كما فعل فتحى سرور حينما سدد أكثر من مليون جنيه قبل ايام قليلة؟!.








