تهدد عودة الفائدة للارتفاع مرة أخرى وبمعدلات كبيرة بصيص النور الذى بزغ خلال الشهرين الماضيين بعودة الشركات لسوق التمويل مجدداً بعد عامين من الغياب تقريباً.
وأدى ارتفاع العائد فى السوق خلال السنة الأخيرة بالتحديد إلى تأجيل أو إلغاء الشركات خطط توسع قائمة على الاقتراض، كما حرمت الشركات التى تعتمد على عمليات التوريق لإعادة تفريغ محافظها من هذه الأداة بالنظر إلى ارتفاع التكلفة.
وتوقع مصرفيون أن تواجه الشركات التى ترغب فى طرح سندات خلال العام صعوبة فى تنفيذ تلك الخطط.
وأرجأت الارتفاعات المتتالية فى عائد أذون الخزانة تسويق سندات توريق لشركة كوربليس للتأجير التمويلى لعدة مرات.
وقال محمود السقا، رئيس قطاع الائتمان والاستثمار بالبنك العربى الافريقى الدولى إن ارتفاع العائد على أدوات الدين الحكومى دفع العديد من الشركات لتأجيل اصدار سندات فى الوقت الراهن لحين استقرار الأوضاع من جديد.
وأضاف أن المخاطر الائتمانية المرتفعة تسببت فى زيادة تسعير العائد على ادوات الدين الحكومى بجانب انخفاض السيولة لدى غالبية البنوك ولم يستبعد «السقا» إمكانية زيادة تسعير القروض والتسهيلات الائتمانية ليس فقط بسبب ارتفاع عائد أذون الخزانة ولكن ايضا بسبب ارتفاع المخاطر المحيطة.
كانت الأزمة السياسية والاقتصادية التى تعيشها البلاد منذ الثورة قد ألقت بظلالها على سوق السندات فى 2012 وشهد العام الماضى اصدارا واحدا فقط للسندات بلغت قيمته 814 مليون جنيه قامت بها شركة كونتكت لتجارة السيارات مقابل 1.3 مليار جنيه من خلال ثلاث عمليات فى 2011.
خلال 2011 حصلت كونتكت على 420 مليون جنيه من خلال الاصدار السابع لها وقام بإدارته بنكا مصر والعربى الافريقى الدولى وحصلت على 350 مليون جنيه من خلال إصدار ثامن قام بإدارته بنوك الأهلى المصرى والأهلى المتحد والعربى الأفريقى الدولى.
أما العملية الثالثة والأخيرة فكانت من نصيب شركة كوربليس وحصلت على 538 مليون جنيه وقام بإدارتها البنك التجارى الدولى.
وتراجعت فى المقابل قيمة صفقات القروض المشتركة التى قامت البنوك بترتيبها خلال العام الماضى وبلغت الصفقات المعلن عنها 8.5 مليار جنيه مقابل نحو 16 مليار جنيه خلال 2011.
ومن ابرز العمليات التى تمت فى 2012 قرض بقيمة 2.9 مليار جنيه حصلت عليه الشركة المصرية للتليفون المحمول «موبينيل» وقرض بقيمة 1.6 مليار جنيه حصلت عليها شركة «شرق الدلتا لانتاج الكهرباء».
على جانب آخر، قال حسام راجح، رئيس قطاع مخاطر الائتمان بأحد البنوك الخاصة إن عدم مرونة السوق يقف عائقا أمام رفع البنوك عائد القروض والتسهيلات الائتمانية فى الوقت الراهن خاصة فى ظل انخفاض حاد فى الطلب على التمويل ومؤشرات اقتصادية غير منتظمة.
وأضاف أنه ليس من مصلحة الجهاز المصرفى زيادة الودائع دون استخدام، ما يعنى عدم امكانية اتخاذ خطوات قد تؤدى إلى تكدس للسيولة دون توظيف فى ظل الظروف الضبابية.
وقال إن مصلحة البنوك تقتضى فى هذه المرحلة تنشيط المحافظ الائتمانية وجذب المستثمرين لتحقيق ذلك من خلال أسعار عائد منافسة ولذلك تبحث البنوك عن بدائل مختلفة لتوظيف السيولة.
وفيما يتعلق باصدار السندات قال إن عدم استقرار أسعار العائد على السندات واذون الخزانة الحكومية سيؤثر على خطط الشركات التى كانت تعتزم القيام بتلك الخطة والمستثمرين اذكياء ولديهم القدرة على اختيار الوقت المناسب لتنفيذ اية خطوات.
واكد على أن عدم توافر المرونة الكافية فى السوق لن يخلق رد فعل سريعا يخص العائد ولن يكون هناك رد فعل قريب من البنوك وسيتم اتخاذ القرارات بعد دراسات متأنية.
وقال مسئول بادارة الاستثمار ببنك مصر إن اصدارات السندات بأنواعها الاكثر تأثرا بارتفاع العائد على اذون الخزانة والتى تتسبب فى ضرورة رفع عائد السندات لجذب المستثمرين وهو ما يؤدى بالشركات إلى تأجيل طرح اصدارات جديدة لحين استقرار أسعار العائد.
وأضاف أن بعض الشركات تجبر على طرح سندات بعائد مرتفع نظرا لحاجتها الملحة للسيولة وهو ماحدث مع شركة كونتكت للتوريق فى حين تفضل شركات أخرى تأجيل توسعاتها لحين تحسن الأوضاع الاقتصادية وهبوط أسعار عائد ادوات الدين الحكومى غير المستقرة والتى تسبب خللا كبيرا فى تسعير السندات.
وقال حسام ناصر نائب رئيس بنك التنمية الصناعية والعمال المصرى السابق إن البنوك قد تتجه الفترة المقبلة إلى رفع العائد على القروض والتسهيلات الائتمانية بعد ارتفاع أسعار عائد أدوات الدين الحكومى ذات المخاطر المعدومة.
وانتقد ناصر اداء المصارف فى الاحتفاظ بمحافظ استثمارية ضخمة فى اذون الخزانة خاصة البنوك العامة وهو ما أدى إلى انخفاض التصنيف الائتمانى لها كما أدى ذلك إلى انخفاض نسبة توظيف القروض للودائع إلى 50% حاليا.
وتوقع ناصر تأجيل الشركات لخططها المتعلقة باصدار سندات او الحصول على قروض، خاصة أن السندات تتطلب أن يكون سعر العائد عليها اعلى نسبيا من عائد ادوات الدين الحكومى لجذب المستثمرين.
كتب – ناصر يوسف







