ثلاثة تقارير هندسية متضاربة حول جواز تعلية أحد عقارات القاهرة، صاحب العقار حصل على تقرير هندسى من أحد المكاتب الاستشارية يسمح له بإضافة ثلاثة طوابق على العقار المكون من دور أرضى ودورين متكرر فقام أحد السكان بتقديم تقرير آخر من مكتب استشارى يؤكد أن العقار لا يحتمل التعلية فأرسل الحى التقارير إلى نقابة المهندسين للفصل فيها فردت النقابة بأنها غير مختصة بالفصل فى التقارير الهندسية وطلبت من الحى اللجوء إلى كلية الهندسة والتى ردت بتقرير يؤكد حاجة المبنى إلى تدعيم قبل تعليته بدورين فقط وليس ثلاثة.
وحصلت «البورصة» على التقرير الأول الذى سمح بتعلية المبنى صدر عن مكتب المهندس الاستشارى هانى حليم ميخائيل مقيد بنقابة المهندسين تحت رقم 2633/5 وصدر التقرير فى 28 فبراير الماضى بفحص العقار رقم 58 شارع محمد الخلفاوى بحى الساحل محافظة القاهرة مكون من دور أرضى ودورين متكررين ووصف التقرير الاساسات المنشأ عليها العقار وأقر بأنه لا توجد به عيوب تأسيس.
ونص التقرير على انه «بعد معاينة العقار وعناصره الانشائية الحافلة وعمل الجسات اللازمة لقطاعات المبانى والاعمدة والكشف على الاساسات بالطبيعة ودراسة الرسومات الانشائية والمعمارية للعقار تبين أن الأساسات والأعمدة تتحمل بأمان تام الأحمال الناتجة عن التعلية المطلوبة وتتحمل بأمان كاف مواجهة الكوارث والزلازل طبقاً لأسس التصميم وشروط التنفيذ» وأقر المهندس الاستشارى بمسئوليته عما ورد فى التقرير من منشآت حالية ومستجدة.
التقرير الثانى صدر عن مكتب المهندس الاستشارى رشدى بشرى عبدالنور، عضو نقابة المهندسين رقم 1607/14 فى 16 أكتوبر الماضى بناءً على طلب أحد سكان العقار وانتهى التقرير إلى انه «بالمعاينة الظاهرية على الطبيعة فإن العقار مكون من دور أرضى ودورين متكرر ومكون من هيكل خرسانى ومبنى بالطوب وتبين وجود شروخ رأسية مائلة بالواجهة وان قطاعات الأعمدة الحالية لا تتحمل أى تعلية إضافية على الموجود بالطبيعة وأن أى تعلية سوف تضر بالمبنى وسلامته الإنشائية».
أرفق كل من المهندسين الاستشاريين صورة من شهادة حصولهما على صفة مهندس استشارى من نقابة المهندسين وبناءً عليه أرسل حى الساحل خطاباً إلى نقاب المهندسين فى 6 نوفمبر الماضى وجاء فيه ان إدارة التنظيم بحى الساحل تلقت تقريراً من المهندس الاستشارى هانى حليم ميخائيل، يؤكد ان العقار المذكور يتحمل التعلية وتقرير آخر من الاستشارى رشدى بشرى عبد النور يفيد بأن العقار لا يتحمل التعلية وطلب الحى من النقابة تحديد أى من التقريرين يتم الأخذ به وتم ارفاق صورة التقارير.
المفاجأة ان نقابة المهندسين ردت بأنها ليست الجهة المختصة بالفصل فى صحة التقارير الهندسية وطلبت من الحى الاستعانة بكلية الهندسة للفصل بين التقريرين بعد معاينة العقار على الطبيعة.
وفى 14 ديسمبر الماضى، طلب مالك العقار من كلية الهندسة جامعة بنها فرع شبرا فحص العقار وأصدر مركز الدراسات الاستشارية والهندسية بالكلية تقريراً عن حالة المبنى شارك فى إعداده ثلاثة من أساتذة الكلية هم الأستاذ الدكتور محمد الحريرى والمهندس سيد صلاح والمهندس كريم سعيد وتضمن التقرير وصف حالة المبنى والدراسات الإنشائية والتوصيلات اللازمة وضم ملحقاً بالحسابات الإنشائية للأسقف والأعمدة ورسماً كروكياً نمطى لتدعيم الأساسات.
وانتهى التقرير إلى أن قطاعات وتسليح الأعمدة كافية لتحمل الأحمال الواقعة عليها بعد إضافة دورين فقط مع اشتراط تدعيم الأساسات لتحمل الأعباء الإضافية تحت إشراف مهندس استشارى متخصص لتحديد أبعاد الأساسات المناسبة والتسليح اللازم لتحمل الأعباء الجديدة، وأكد التقرير أن المبنى حالياً يحتاج إلى تدعيم إنشائى لإضافة دورين فقط وليس ثلاثة، كما طلب صاحب المبنى.
الدكتور حسن علام، رئيس مركز التفتيش الفنى على البناء بوزارة الإسكان قال إن التقارير المتناقضة للمكاتب الاستشارية وعدم الحسم من قبل الأحياء ونقابة المهندسين هما اللذان يؤديان إلى انتشار ظاهرة المبانى المخالفة والتعلية دون ترخيص، ما يؤدى إلى استمرار مسلسل انهيار العقارات فى مصر.
وأضاف علام أنه لا يعقل هندسياً أن يتم إصدار ثلاثة تقارير عن مبنى واحد يخرج كل منها بنتيجة مختلفة سواء جواز التعلية أو عدم إمكانية التعلية بسبب وجود شروخ فى المبنى أو التقرير الأخير الذى يتيح تعلية دورين بعد تدعيم المبنى، مشيراً إلى أن ذلك يفتح باباً للفساد يتم استغلاله فى التضحية بالأرواح تحت انقاض العقارات المخالفة.
وأكد علام أن الجهاز قام بتقديم تقرير فنى إلى وزارة الإسكان ليكون بمثابة دراسة نموذجية فى عملية تعلية العقارات واعتمد التقرير على دراسة لمنظمة «ACI REPAIR MANUAL» وهى أكبر كود عالمى فى مجال الترميم ودراسة المنشآت ومكونة من 850 صفحة.
وأضاف أنه أعد الدراسة بمعاونة من 4 من أساتذة الهندسة فى الجامعات المصرية، وأعدوا تقريراً لا يمكن تزييفه من قبل المهندسين عند إصدار تراخيص تعلية المبانى، مشيراً إلى أن التقرير سيتم اعتماده من الوزارة وإدراجه ضمن التشريعات المكملة لقانون البناء الموحد.
وذكر أن التقرير تم عرضه على جميع الجامعات المصرية لدراسته وكذلك مديرى التنظيم فى القاهرة والجيزة والإسكندرية وعدد من المكاتب الاستشارية والمبادرة المصرية لتنقية الأجواء التشريعية «إرادة» حتى يستوفى جميع الجوانب الفنية والتشريعية والمجتمعية.
وتوقع أن يقوم هذا التقرير الفنى بحل 95% من مشاكل تعلية المبانى التى تنشأ بين الملاك والسكان والجهات الإدارية.
كتب – محمد درويش