انطلقت خلال الأيام الماضية مبادرة برعاية رجل الأعمال الإخوانى حسن مالك، رئيس لجنة تواصل رجال الأعمال مع رئاسة الجمهورية، للتصالح مع رجال الأعمال، الذين لم يصدر حكم قضائى ضدهم، ليعلن خلال مؤتمر فى العاصمة البريطانية لندن، قبل أيام عن قرب عودة رجلى الأعمال المتواجدين فى لندن حالياً ياسين منصور وحامد الشيتى.
كانت الأيام الأولى، التى أعقبت الثورة قد شهدت اطلاق دعاوى لتطبيق مصالحة مع رموز النظام السابق، وما تبع ذلك من الحديث عن عدالة انتقالية وقوانين للتصالح، بما يضمن استمرار المشروعات والاستثمارات، ويحفظ حق الدولة فى أى فروق ناتجة عن فساد فى بعض العقود، وبما يساهم أيضا فى بث مناخ من الثقة بين المستثمرين المحليين والأجانب إلا أن تسارع الأحداث والخوف من انتفاضة الشارع حال دون توقفها.
وعادت الدعوة للتصالح خلال الأيام الماضية فى ظل الأزمات، التى يعانى منها الإقتصاد المصرى، وذلك مع تفاقم عجز الموازنة العامة، والخوف من ضخ استثمارات جديدة فى السوق.
ورحب مجتمع الأعمال بهذه المبادرة باعتبارها رسالة ثقة لرجال الأعمال، وتشجيعا لهم للتوسع فى مشروعاتهم وعدم الخروج من السوق أو نقل استثماراتهم للخارج، بالاضافة إلى جذب الاستثمارات الأجنبية وتقديم الضمانات اللازمة لحمايتها.
وقال جلال الزوربا، رئيس اتحاد الصناعات المصرية، إن المصالحة خطوة إيجابية تساهم فى تدعيم التوافق الوطنى، وعودة الاستثمارات، وأن المصالحة مع رجال الأعمال ستساعد تشغيل المصانع، وتوفير فرص عمل، وتحريك عجلة الإنتاج المتوقفة، لأن الاقتصاد القومى فى أمس الحاجة إلى عودة ضخ رؤوس الأموال للتصدى للبطالة، ونزيف الاحتياطى النقدي.
وأوضح طارق توفيق، عضو غرفة الصناعات الغذائية، أن المصالحة مع رجال الأعمال والمستثمرين غير المدانين فى قضايا جنائية، هى أولى خطوات الإصلاح الإقتصادى وبداية لعلاقة صحيحة بين الدولة والمستثمرين، وهى مبادرة تأخرت كثيرا مقارنة بما جرى فى الدول الأخرى، التى شهدت ثورات أعقبها تحقيق طفرات اقتصادية مثل جنوب أفريقيا وبولندا.
وقال توفيق إن عدداً كبيراً من الوزراء السابقين ورجال الأعمال كانوا ضحية ازدواجية القوانين، خاصة فى قضايا تخصيص الأراضى ورخص تشغيل المصانع، أو نتيجة ضغوط قوية مورست خلال عهد النظام السابق، هذه المصالحة ــ إذا تمت ــ سيكون لها أثر كبير فى إنهاء ما اسماه “سياسة الأيدى المرتعشة “، التى تسير بها الحكومة، لأنه سيترتب عليها منح الوزراء المزيد من الثقة والشجاعة فى اتخاذ القرارات.
من جانبه أعرب السفير جمال بيومى، أمين عام اتحاد المستثمرين العرب، عن موافقته من حيث المبدأ على فكرة تصالح الدولة مع رجال الأعمال، مؤكدا ضرورة التحقيق مع الذين يثبت تورطهم فى قضايا فساد أو إراقة دماء المصريين، لأنه لا يمكن التصالح مع من اقترف جرما بينا.
ولفت إلى أن المصالحة ستحدث تأثيرا إيجابيا على الاقتصاد المصري، الذى أصبح طاردا للاستثمار فى الفترة الأخيرة، فالهدف الرئيسى للدولة يجب أن يكون جذب المزيد من الاستثمارات، وتشجيع المستثمرين على العودة مجددا إلى السوق المصرى.
وأكد بيومى أن الظروف الحالية والإجراءات الحكومية فى التعامل مع رجال الأعمال ومعاداتهم أسباب رئيسية فى هروب المستثمرين الى الخارج، مطالبا الدولة بضرورة اتخاذ التدابير الاقتصادية الصحيحة، التى من شأنها عودة الإستثمار.
فيما قال فؤاد أبو زغلة، وزير الصناعة الأسبق، إن فكرة مصالحة الدولة مع رجال الأعمال قضية فى غاية الأهمية والصعوبة ولها أبعاد مختلفة، حيث إن الدولة تسعى لعدم ضياع الأموال المنهوبة، واستردادها فى أسرع وقت مع الحفاظ على المبادئ، التى نادت بها الثورة.
وأضاف أن المصالحة تتطلب من الدولة حل المعادلة الصعبة بين السعى لاسترداد الأموال المنهوبة لسداد العجز وبين الحفاظ على المبادئ الثورية، التى تطالب بمحاسبة رجال الأعمال الفاسدين، الذين أخطأوا فى حق الدولة حتى وإن لم تسترد الأموال المنهوبة، الأمر الذى يمثل صعوبة بالغة على الدولة الفترة القادمة.
وأشار وزير الصناعة الأسبق إلى أن رجال الأعمال الذين يسعون لمصالحة الدولة هذه الفترة يطلبون ضمانات واضحة من الدولة حتى يطمئنوا على أنفسهم وأموالهم.
من جهته، رهن محمد البهي، عضو مجلس ادارة اتحاد الصناعات، مسألة التصالح مع رجال الأعمال بعدم التورط فى افساد الحياة السياسية خلال العهد البائد.
وأضاف البهى لـ«البورصة» أن التصالح مع رجال الأعمال يأتى فى مصلحة الاقتصاد القومى فى المقام الأول، خاصة أنه يبعث برسالة طمأنة للمستثمرين على المستوين المحلى والعالمي، خاصة أن الملاحقة القضائية لرجال النظام السابق لن تجدى نفعا، بقدر الاستفادة من استثماراتهم بالسوق المحلى، التى أصبح الاقتصاد القومى فى أمس الحاجة اليها فى الوقت الراهن، خاصة مع ارتفاع معدلات البطالة، وتراجع حجم الاحتياطى النقدي، وتراجع حجم الاستثمارات المحلية والاجنبية.
وأكد د. شريف الجبلى، رئيس غرفة الصناعات الكيماوية ورئيس مجلس الأعمال المصرى الماليزى، أهمية المصالحة لتخفيف حدة التوتر والتخوف فى مجتمع الأعمال وبث الثقة مرة أخرى فى مناخ الاستثمار وبيئته الداخلية.
وطالب الجبلى بضرورة التصالح مع المستثمرين العرب كأولوية قصوى خاصة فى هذه المرحلة الحرجة، لأن تسويف المصالحة مع رجال أعمال الخليج، الذين لهم استثمارات كبيرة فى مصر، سيؤدى إلى هروب المستثمر الخليجى من مصر وعدم رغبة الشركات الكبيرة بدول الخليج العربى الدخول إلى السوق المصرى.
وقال هانى أبو الفتوح، عضو مجلس الأعمال المصرى الأوروبي، ان المصالحة مع رجال الأعمال خطوة إيجابية مشروطة بعدم تورط هؤلاء الرموز فى قضايا تتعلق بقتل المتظاهرين.
وأضاف أن المصالحة لا تعنى إهدار حقوق الدولة، وإنما مساعدتها فى استرداد الأموال بشكل سريع مع توفير التكاليف الباهظة اللازمة لاستردادها، نظراً لأن الإجراءات القانونية لاسترداد هذه الأموال بالغة الصعوبة، وتستغرق فترة زمنية قد تصل لـ10 سنوات بالإضافة إلى تكاليفها الباهظة، التى ستكلف الدولة نحو 50% من قيمة الأصول المستردة.
ولفت إلى أن الدولة لا يمكن أن تسترد الأموال المنهوبة إلا بعد الحصول على حكم قضائى نهائى أمام القضاء الطبيعي، وأن هذا الأمر يمثل عقبة حقيقية فى ظل عدم وجود دلائل مادية قوية أمام القضاء لإصدار أحكام إيجابية للدولة، وأن مصر لابد أن تكون موقعة على اتفاقيات تبادل المتهمين مع الدول، التى يكشف عن وجود أموال لديها.
وأوضح المهندس علاء السقطي، رئيس جمعية مستثمرى بدر، أن المبادرة التى قامت بها الحكومة للمصالحة مع رجال الأعمال جيدة جداً، إذا كانت هناك إرادة سياسية حقيقية لنجاحها، وأنه يجب أن تكون هذه المبادرة برعاية رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسي، وأنه ينبغى على الرئيس أن يحضر فاعليات هذه المبادرة.
وأكد أن هذا الدعم سيجعل رجال الأعمال يطمئنون لهذه المصالحة، فضلا عن أن هذه المبادرة ستشجع رجال الأعمال المصريين المقيمين بالخارج على العودة إلى مصر، وبالتالى زيادة الاستثمارات بما يترتب عليه زيادة معدلات التشغيل وتوفير المزيد من فرص العمل للشباب العاطلين.
وأشار السقطى إلى أن المصالحة ستتم فى إطار القانون الدولي، وأن أى قرار ستتخذه الحكومة بخصوص رجال الأعمال وتخالفه سيؤدى للجوء رجال الأعمال للتحكيم الدولي، مؤكدا أن أهم الضمانات، التى ستطمئن رجال الأعمال لهذه المصالحة هو أن يكون من حق المستثمر المصرى الإستثمار فى بلده دون الملاحقة بتهمة الفساد، وإمكانية لجوئه إلى التحكيم الدولى فى حال تعرضه للمضايقات التى تقيد عمله فى بلده.
وفى السياق نفسه، رحب د. رشاد عبده، رئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، بمصالحة الدولة مع رجال الأعمال شريطة عدم تورطهم فى إراقة دماء، مشيرا إلى أنه من أنصار المصالحة، التى تحقق عوائد تساهم فى خروج الدولة من أزمتها الاقتصادية.
وأوضح أن الدولة لن تستفيد من سجن رجال الأعمال بقدر ما تستفيد من عودة الأموال المنهوبة، التى تساهم فى بناء مشاريع من شأنها حل مشاكل الاقتصاد، وتجنبها اللجوء لقرض صندوق النقد الدولى وعلاج عجز الموازنة العامة.
ولفت د. عبده إلى ضرورة تشكيل لجنة للتفاوض بشكل مبدئى مع رجال الأعمال الراغبين فى التصالح، والتعرف على حجم الأموال، التى يمكن استردادها، أما فى حال تلاعب رجال الأعمال مع الدولة، ورفضهم رد الأموال المنهوبة بالكامل، لابد أن تتخذ الدولة كل التدابير التى تكفل استرداد مستحقاتها.
وطالب بضرورة دعوة الدولة المواطنين الى إستفتاء عاجل لمعرفة رأى الشعب فى المصالحة مع رجال الأعمال، لأن الشعب وحده هو صاحب الكلمة والقرار، وبالتالى على الدولة أن تنفذ ما يوافق عليه المواطن من سياسات.
ورحب عبدالرحمن الجباس، رئيس لجنة الصناعات الصغيرة والمتوسطة، وعضو مجلس ادارة اتحاد الصناعات، بالمبادرة للتصالح مع رجال الاعمال بالنظام السابق، إلا أن مبادرة المصالحة تفتقر إلى وجود شروط مسبقة أو آليات وإجراءات واضحة لإتمام عملية التصالح، وهو ما اعتبره أكبر عيوب المبادرة.
وقال الجباس إن هذه المبادرة تتم بتحركات فردية، ولم تتم وفق دراسة وتخطيط معلن، وهو ما يجعل منها لغزا، ولابد أن تسارع الحكومة للكشف عن ملابسات هذه المبادرة، والاعلان عن الشروط، التى على أثرها يتم التصالح مع رموز النظام السابق، وإمكانية اللجوء للتحكيم الدولى فى حالة المستثمرين الأجانب.
وأكد محمد القليوبي، رئيس جمعية مستثمرى المحلة، أن هذه المفاوضات القائمة للوصول للمصالحة مع رجال الأعمال خطوة إيجابية، وستؤدى إلى طمأنة المستثمر المصر والأجنبى موضحا أن المستثمر الأجنبى لا يمكن أن يستثمر فى مصر فى ظل تخوف المصريين أنفسهم من استثمار أموالهم فيها.
وأوضح أنه يجب على الدولة أن تحترم العقول الكبيرة فى مجال الصناعة والاستثمار، وأنه لا يصح إلصاق تهمة الفساد بكل من عمل فى ظل النظام السابق والاستفادة من الكفاءات من رجال الأعمال، خاصة أن إقصاء هذة الكفاءات لن يصب فى مصلحة الوطن.
وقال سيد البرهمتوشي، نائب رئيس جمعية مستثمرى العاشر من رمضان، ان خطوةالمصالحه مع رجال الأعمال ستصب فى صالح الاستثمار والصناعة المحلية، وأن هذه الخطوة قد تؤدى إلى جذب العديد من الاستثمارات، بالإضافة إلى أنها ستضمن عدم خروج الاستثمارات القائمة.
وأضاف أن أهم الضمانات لجدية هذه المصالحة تتمثل فى حرص الحكومة على التحلى بالمصداقية، والحرص على عدم اصدار قرارات ثم التراجع فيها أو ثبات الموقف، مطالبا بضرورة العمل على المستوى الرسمى وغير الرسمى لفتح صفحة جديدة مع رجال الأعمال، لأنه لا يليق أن يتم تطبيق العقوبات على هؤلاء المستثمرين بأثر رجعي.
ولفت البرهمتوشى إلى أن رجال الأعمال والمستثمرين يطالبون بعدم الخروج بقرارات متضاربة تضر القطاع كل فترة، وأن أهم ما يحتاجه قطاع الصناعة والاستثمار الآن هو دعم الطاقة، التى تخدم المصانع ودعم الصناعات المحلية وعدم زيادة الضرائب على الأقل فى الفترة الحالية، موضحا أن ذلك مهم لضمان عدم زيادة سعر المنتج النهائي، وبالتالى توفير منافسة عادلة للمنتج المحلى فى السوق الدولى.
أما أحمد شعراوي، رئيس شعبة الملابس الجاهزة بغرفة الصناعات النسيجية باتحاد الصناعات، فأكد أن التصالح مع رجال الاعمال مشروط بضرورة توضيح السياسات الاقتصادية، التى ستنتهجها الدولة.
وتساءل شعراوى عن كيفية المصالحة من دون توضيح السياسات الاقتصادية التى ستتبناها الدولة خلال الفترة المقبلة؟ منتقدا تباطؤ المجموعة الاقتصادية ممثلة فى وزارة الصناعة و التجارة الخارجية والاستثمار والمالية فى مساعيها الرامية إلى تحقيق الشفافية فى ادارة السياسات الاقتصادية خلال الفترة المقبلة، وما سيتم منحه من حوافز للمستثمرين المحليين والاجانب أصحاب الاستثمارات القائمة والجديدة فى السوق المحلي.
كتب – نهال منير و أحمد سلامة ومصطفى فهمى ومروة مفرح








