تنتظر صناعة الحديد تحقيق العديد من الآمال التى قد تنقذها من عثرات مرت بها خلال العامين الماضيين، إثر الحكم الخاص بسحب 3 رخص حديد من شركات حديد عز، بشاى، وطيبة فى القضية الخاصة برجل الأعمال أحمد عز والمهندس رشيد محمد رشيد، وزير الصناعة الأسبق والمهندس عمرو عسل، رئيس هيئة التنمية الصناعية الأسبق.
ويعلق المصنعون آمالاً عريضة على العام الجديد فى حل العديد من المشكلات التى واجهتهم وعلى رأسها توفير الطاقة وتحريك الطلب من خلال المشروعات القومية الكبرى التى تعلن الدولة عن نيتها البدء فيها خلال الفترة المقبلة.
وأصدر المهندس حاتم صالح، وزير الصناعة والتجارة الخارجية قراراً قبل أسابيع بفرض رسوم إغراق على واردات الحديد بـ 6.8% وبحد أدنى 299 جنيهاً للطن، فى محاولة لحماية الصناعة المحلية.
ومن المنتظر أن تمنح الحكومة رخصاً لاستيراد الغاز لشركات القطاع الخاص والتى من المتوقع أن تحل مشكلة توفير الطاقة لمصانع الحديد الجديدة.
وفى الوقت الذى تزيد الآمال بحل مشكلات الصناعة خلال العام الجارى إلا أن هناك مخاوف من رفع الدعم عن الطاقة وزيادة أسعار مدخلات الإنتاج، وما تشهده أسعار الصرف من اضطرابات حالياً.
قال رفيق الضو، رئيس مجلس ادارة شركة السويس للصلب ونائب رئيس غرفة الصناعات المعدنية، إن صناعة الحديد من القطاعات الاستراتيجية التى يصعب توقف ضخ الاستثمارات بها، مشيرا إلى أن الفترة المقبلة، من المقرر أن تشهد ضخ استثمارات بنحو 10 مليارات جنيه فى توسعات ومصانع جديدة.
وأشار إلى أن صناعة الحديد والصلب واجهت تحديات صعبة خلال العامين الماضيين،بسبب القضايا الخاصة بسحب رخص الحديد، كما أنها عانت أيضا من ارتفاع أسعار الخامات العالمية فى الوقت الذى لا يمكنها زيادة الأسعار فى السوق المحلى بسبب المنافسة مع الحديد المستورد.
وساهم قرار وزارة الصناعة بفرض رسوم إغراق على واردات الحديد فى تمكين الشركات من تحريك أسعار مبيعاتها، ومحاولة تدارك الارتفاع فى أسعار الخامات بعد ارتفاع سعر الدولار.
وأكد الضو أن مجتمع الاعمال يسعى للمساهمة فى حل المشكلات الاقتصادية التى تمر بها البلاد من خلال ضخ استثمارات جديدة توفرفرص عمل وتزيد من الصادرات بما يحسن موقف ميزان المدفوعات ويعزز العملة المحلية.
وأشار إلى أن شركته أوشكت على التوصل لحل نهائى لأزمة توصيل الكهرباء لمصنعها الجديد، والذى سيشجعها على ضخ استثمارات بقيمة 6 مليارات جنيه، فى استكمال التوسعات بمصنعها الحالى بالسويس، مشيرا إلى أن إجمالى انتاج الشركة 2 مليون طن سنويا.
قال خالد أبو سالم، المدير التجارى بشركة «حديد المصريين» المملوكة لرجل الأعمال أحمد أبوهشيمة، إن الشركة ستفتتح مصنع الإسكندرية الذى اشترته العام الماضى، فى مارس المقبل، بعد التطوير الذى أجرته عليه، بتكلفة 150 مليون جنيه، ويقوم بإنتاج 300 ألف طن من لفائف الصلب سنويا.
وأكد أبوسالم إن الشركة مستمرة فى تطوير مصنع بورسعيد الوطنية للصلب الذى تتولى إدارته، وإنشاء مصانعها الجديدة فى بنى سويف والعين السخنة، باستثمارات تتعدى 3 مليارات جنيه، بما يهدف إلى استحواذ المجموعة على 20% من السوق.
وقال إن السوق المحلى واعد جدا وسيشهد مزيدا من النمو خلال الفترة المقبلة، وذلك كله رهن الاستقرار السياسى وعودة الأمن، مؤكدا أن غياب الرؤية الإقتصادية الواضحة، والصراع السياسى من أبرز العوامل التى تثير مخاوف أى مستثمر أجنبى أو محلى.
اوضح ان رسوم الإغراق التى اقرتها وزارة الصناعة والتجارة بمقتضى القرار رقم 944 لسنة 2012، والخاص بفرض رسوم وقائية مؤقتة بمقدار 8 و6% بحد ادنى 299 جنيها لطن الحديد لمدة 200 يوم، تسعى لحماية الصناعة المحلية من غزو الواردات الاجنبية، خاصة عقب اغراق الاسواق بمنتجات الحديد التركى.
وكانت جمعية مصدرى الصلب التركية ابدت اعتراضها الشديد على فرض رسوم الإغراق، كما قامت جمعية مواطنون ضد الغلاء دعوى قضائية ضد وزير الصناعة بسبب هذه الرسوم التى ساهمت فى رفع الأسعار المحلية.
و أكد أبوسالم أن الزيادة فى الأسعار ورءاها تحكم بعض التجار فى السوق، بسبب ضعف الرقابة الحكومية، غير أنه قال إن هناك بعض الزيادات المبررة بسبب زيادة أسعار الخامات عقب ارتفاع الدولار.
وأبدى المهندس محمد حنفى مدير عام غرفة الصناعات المعدنية، والخبير فى صناعة الحديد، متشائما حول موقف صناعة الحديد، خلال العام الجارى، مستبعدا ضخ أى استثمارات جديدة سواء محلية أو أجنبية، بسبب الاضطرابات السياسية التى تمر بها البلاد، وتراجع الجنيه أمام الدولار وهو ما يرفع أسعار الخامات المستوردة من الخارج، بجانب قرارات الطاقة غير الواضحة، وهى الأمور التى اعتبرها تعرقل اى مستثمر.
قال حنفى فى تصريحاته لـ«البورصة» إن المصانع التى حصلت على رخص من هيئة التنمية الصناعية وهى ” حديد عز – بشاى للصلب – السويس للصلب – طيبة – بورسعيد للصلب – وحديد المراكبى ” هى التى بدأت الاستثمار فى السوق وتستمر خلال العامين القادمين، مشيرا إلى أن العديد من المصانع المحلية تعانى مشكلات فى الإنتاج والتشغيل بسبب عدم مدها بالغاز الطبيعى.
وأضاف أن الاستثمارات التى دخلت السوق العام الماضى تخص مصانع بشاى، حديد عز،السويس للصلب، والتى حصلت على الرخص فى عام 2008، مشيرا إلى أن شركة السويس للصلب على سبيل المثال، اكتفت ببناء وحدة الدرفلة فقط، ولم تتمكن من بناء وحدة الصب المستمر ولا وحدة البيليت، وذلك انتظارا لما ستسفر عنه المفاوضات مع وزارة الكهرباء حول آليات توصيل الغاز لتلك المصانع، وطرق محاسبتها.
وقال إن استثمارات الرخص الجديدة تتراوح ما بين 20 و25 مليار جنيه، وتهدف فى معظمها إلى تعميق التصنيع المحلى من خلال تصنيع البليت، بدلا من استيراده.
وأشار إلى أن الطاقة التى أضيفت فى العام الماضى من حديد التسليح 1.5 مليون طن، الا أن حجم انتاجها الفعلى يتراوح بين 200 و300 ألف طن.
وعن شكل صناعة الحديد قال حنفى ان المصانع قادرة على استيعاب اى توسعات بالسوق المحلى خلال الفترة المقبلة، الا أن المشكلة الحقيقية هى تراجع الطلب على مواد البناء، مشيرا إلى أن زيادة ضريبة المبيعات على حديد التسليح من 8% إلى 10% ستساهم فى زيادة الأسعار وتعميق حالة الركود.
قال حنفى إن عدد مصانع الحديد فى السوق بلغ 80 مصنعا، منها 28 مصنعا لتصنيع حديد التسليح، والباقى لصناعة الخردة وحديد مواد البناء، بإجمالى استثمارات 92 مليار جنيه، تصل قيمة استثمارات حديد التسليح إلى 80 مليار جنيه.
وأضاف أن الطاقة الانتاجية للمصانع 10 ملايين طن فى السنة لحديد التسليح، والمسطحات 2.5 مليون طن سنويا.
وأكد أن حجم الانتاج الفعلى المرتبط باحتياجات السوق، حاليا، 5.5 مليون طن، والاستيراد نصف مليون طن، ليصل اجمالى الاستهلاك المحلى خلال 2012 إلى 6.5 مليون طن، مشيرا إلى أن الاستهلاك تراجع بشكل كبير حيث بلغ قبل الثورة إلى 7 ملايين طن سنويا بسبب زيادة الطلب على مواد البناء.
وقال إن الاضطرابات السياسية خلال العامين الماضيين أدت إلى ركود سوق مواد البناء وتراجع الطلب على الحديد.
من جهته أكد ونيس عياد، رئيس شركة ميتاد حلوان للحديد والصلب، أن الاضطرابات السياسية وضبابية الرؤية الاقتصادية وحالة الانقسام فى المجتمع، تحديات تحول دون ضخ استثمارات بالسوق خلال الفترة المقبلة، مشيراً إلى أنه لن يجرى أى توسعات فى مصنعه لحين الاستقرار السياسى.
وقال إن ارتفاع أسعار الدولار ينذر بارتفاع أسعار الخامات والمنتجات بالسوق المحلى.
كتبت – نهال منير








