خرجت دول الربيع العربى من صراع المرحلة الأولى بالقضاء على الديكتاتوريات الحاكمة، ليس فقط لتجد اقتصاداتها فى حالة جمود نتيجة حالة الاضطرابات الناجمة عن اهتزاز أركان الدولة، ولكن لأن الفساد الذى خلفته تلك الأنظمة الاستبدادية جفف منابع الثروة وحرم الشعوب من أى آلية لاستغلال مواردها فى تمويل مشروعات كبرى تدفع الاقتصاد للنمو.
وظهر فى الآونة الأخيرة رغبة القيادة الجديدة التى تحمل الطابع الإسلامى، خاصة فى مصر وتونس فى الاستفادة من فكرة إصدار الصكوك لتوفير السيولة اللازمة لتحريك حالة الاقتصاد، خاصة أن شعوب المنطقة الإسلامية تفضل عدم التعامل فى السندات التقليدية لقيامها على الربا المحرم فى حساب العائد، وبالتالى فإنها تحتفظ بمدخراتها فى صورة أصول جامدة.
تقرع حكومات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا باب أسواق الصكوك كجزء من مساعيها لتوسيع مصادر تمويلها بعد احتقان أزمة الديون الأوروبية والطلب الآخذ فى الازدياد على الصكوك مع ارتفاع أعداد المستثمرين الذين يتوقون للتعامل مع الأصول المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، وقد بلغت عائدات الصكوك المبيعة فى السوق الدولية 9.5% عام 2012 مقارنة بنحو 7.2% عام 2011، وفقاً لمؤشر إتش إس بى سى ـ ناسداك.
سوف تكون تونس جنباً إلى جنب مع مصر على رأس الدول التى ستقوم بإدخال الصكوك إلى تعاملاتها المالية لأول مرة هذا العام حتى يتمكنا من مقابلة احتياجاتهما المالية، وقد جذبت الصكوك العديد من البلدان، خاصة بعد أن تفاقمت الأزمة الاقتصادية العالمية.
وتعتقد الحكومات العربية والإسلامية سواء التى تصدر الصكوك من قبل أو التى تسعى إلى ذلك فى أن كثيراً من العائلات لن تخرج مدخراتها إلا عن طريق أدوات مالية إسلامية طالما أنها ترفض التعامل فى الأدوات التقليدية التى تعتمد على حساب فائدة ثابتة فى العائد.
وقد تزايد إصدار الدول للصكوك فى شمال أفريقيا والشرق المتوسط، فضلاً عن تراجع تكاليف الاقتراض على الديون المتوافقة مع الشريعة الإسلامية من 11.4% إلى 2.82% منذ أن اتجهت البنوك المركزية فى أوروبا والولايات المتحدة واليابان إلى ضخ النقدية فى اقتصاداتها لتحفيز النمو.
وقد كان لدخول مصر وتونس وعمان سوق الصكوك ردود فعل إيجابية، حيث قال إلهامى مهد عبدان، رئيس التمويل الدولى وأسواق رأس المال لدى بنك الأمين فى كوالالمبور: تعد الصكوك أداة جاذبة لتلك الدول التى تسعى لتوسيع مصادر تمويلها، مشيراً إلى أن السيولة فى العالم الإسلامى تنمو بشكل كبير.
ومن الأوجه الأخرى لاستخدام الصكوك فى التمويل خطة الحكومة الإندونيسية لاقتراض ما يزيد على تريليون روبية أى ما يعادل 103.5 مليون دولار عن طريق إصدار الصكوك من أجل تمويل مشروعات الدولة فى 2013 تلك الخطوة التى رحب بها المحللون باعتبارها إنجازاً عظمياً حيال تطوير قطاع التمويل الإسلامى بالبلاد، كما أعلنت وزارة المالية بإندونيسيا أنه ينبغى استخدام الصكوك كمصدر بديل لتمويل مشروعات البنية التحتية.
وقال هاندى يونيانتو، محلل سوق السندات لدى مانديرى سيكيورتيز: استخدام الصكوك فى تمويل مشروعات البنية التحتية سوف يحد من اعتماد إندونيسيا على الاقتراض الخارجى.
اعداد: رحمة عبد العزيز








