بقلم : عماد الدين أديب – الوطن
الشعور الغالب لدى معظم المصريين بعد عامين من الثورة هو «اليأس» أو «قلة الأمل».
عادة الثورات تبعث طاقة استثنائية من الخيال السياسى وترفع سقف الأحلام والتطلعات الإنسانية والاجتماعية فى غد أفضل، ولكن ما نعايشه هذه الأيام للأسف الشديد ينبئ بالعكس تماماً.
ليست أزمة مصر الآن نقص السيولة النقدية ولكن نقصان الشعور بالأمل!
ليست أزمة مصر الآن هى حالة الغضب الأعمى الذى ينذر بفوضى مخيفة ولكن فى فقدان الحكمة والتعقل فى ظل غياب العقلاء!
الخيانة الزوجية تستلزم حالة تلبس أو وجود تسجيل أو رقم هاتف على الموبايل أو رسالة ورقية كما كان يحدث فى الماضى الجميل.
أما الخيانة السياسية، فهى تهمة التهم التى تجرد أى إنسان من كرامته الوطنية وتلحق به أكبر درجات العار الإنسانى، فهى تحتاج إلى حكم قضائى نهائى وبات من محكمة عادلة تتوافر فيها كل شروط العدالة المتعارف على قواعدها دولياً فى الدول المحترمة.
خيانة الوطن، جريمة إذا ارتكبت وجريمة أكبر إذا تم اتهام شخص برىء بها لمجرد محاولة تلويث سمعته والثأر السياسى منه بغرض تحطيم صورته الذهنية لدى الناس ولدى قاعدته الجماهيرية.
وما نشاهده هذه الأيام من صراعات سياسية ومصادمات دموية فى عالمنا العربى هو مناخ خصب للغاية لاستخدام مفردات تلويث السمعة مثل «العمالة» و«المأجورين» و«خدم واشنطن» و«أتباع إسرائيل»، و«أذناب الصهيونية العالمية» و«بوتيكات السياسة الدولية» و«القواعد المتقدمة» للمشروع الإمبريالى!
والمأساة أن بعض الأنظمة قررت اختصار مشوار الاتهامات والشتائم الطويل ومحاولة إضفاء صبغة قانونية على اتهاماتها حتى تبدو عادلة بتوجيه اتهام قضائى لشخص أو حزب أو جماعة بالخيانة العظمى.
إننى أسأل وأرجو كل من يبحث على مواقع الإنترنت أن يجد لنا الإجابة: كم رجلاً أو امرأة فى أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية حتى يومنا هذا تم اتهامهم بالخيانة العظمى؟
بالتأكيد سيكون العدد هزيلاً إذا ما قورن بآلاف الخونة الذين ملأت صورهم الصحف والفضائيات والذين دخلوا السجون والمعتقلات تحت دعاوى ظالمة وفاجرة بخيانة الله والوطن والمجتمع.
ليس هناك أكثر إيلاماً من شعور الإنسان بالظلم، وليس هناك جرح أكبر من جرح إنسان ذى كرامة وعزة نفس فى سمعته أمام أسرته وأصدقائه ومجتمعه والعالم كله.
مرة أخرى الاتهام بالخيانة العظمى من كبائر الأمور ولا توجد درجات فى الخيانة بحجم «البيبى» ولا أخرى بحجم «الفيل»، لذلك ارحموا من فى الأرض يرحمكم من فى السماء!








