ينتشر عدد من الباعة الجائلين فى مناطق متفرقة من ميدان التحرير تجدهم مرابضين لا يتركون أماكنهم مهما تعالت أصوات الاعتراض أو تزايدت طلقات الخرطوش أو زادت كثافة الدخان المنبعث من القنابل المسيلة للدموع، صمود غريب يستوجب البحث عن أسبابه.
«البورصة» تجولت بين هؤلاء الباعة لتتعرف على الأسباب التى تدعهم للبقاء وسط هذه المخاطر، وكانت البداية مع محمد محمود، بائع اللب والسوداني، الذى قال إنه يحقق فى الوقت الحالى مكسباً يزيد بنسبة 50% عما يحققه من ربح خارج الميدان، وأنه كان يحقق مكسباً يزيد بنسبة تصل لـ100% فى التظاهرات، التى كانت تحدث فى الفترات التى لا تشهد اشتباكات.
ورفض محمد الحديث عن دخله اليومى من خلال البيع فى ميدان التحرير، الذى يجعله يعرض حياته للخطر، مشيرا إلى أن عملية البيع فى ميدان التحرير محفوفة بالمخاطر، إلا إنها أفضل من البيع خارجه، لأن خطر الخرطوش وقنابل الغاز أقل ضررا من البلدية، مؤكدا أنه لا يدفع «إتاوة» لأحد فى الميدان على الإطلاق، وأنه لا يتحرك من مكانه وقت الضرب مهما اقترب منه.
وأشار بائع اللب والسودانى إلى أنه تعرض من قبل لخسارة كبيرة خارج الميدان عندما صادرت البلدية العربة الصغيرة التى يبيع عليها بضاعته، وأن ضابط الشرطة طالبه بدفع ألف جنيه غرامة ليمنحه العربة، وهدده بالحبس ثلاثة أشهر إذا قبض عليه مرة أخرى، إلا أنه لم يدفع المبلغ، وفضل أن يستأجر عربة أخري، ويمكث بها فى التحرير، ليبيع بضاعته فى مأمن من البلدية، ولتحقيق مكسب مضمون.
من جانبه، قال محمود عبدالفتاح، بائع بطاطا، إن البيع فى التحرير يوفر له قوت يومه، وأنه متزوج ولديه طفلان، وليس له مصدر رزق آخر سوى ما يجنيه من مكسب من خلال عربة «البطاطا» الخاصة به.
وأكد أن حاجته لكل قرش زيادة هى ما تدفعه للتوجه بعربته لميدان التحرير، رغم المخاطر التى يتعرض لها، وعلق قائلاً: «العمر واحد والرب واحد»، واستطرد: «هنا فى ناس كتير ومكسب كتير، لكن بره الحال واقف، ولو وقفت فى مكان تانى مش هجيب فلوس تعيشنى أنا ومراتى وعيالى»، لافتا إلى أنه يحقق ربحاً يزيد عما يحققه فى الخارج بنسبة تصل لـ 150%.
وأوضح أحمد محمد، بائع الفشار، أنه لا يدفع «أرضية» و«إتاوة» إلى أحد فى الميدان، ويحقق مكسباً يزيد عما يحققه فى الخارج بنسبة 100 %، وأن لديه أبناء، لذلك يفضل مواجهة مخاطر الاشتباكات، التى تحدث عن مواجهة الجوع، وأنه فى وقت الضرب يقف بعربته فى ركن بالميدان، ولا يتحرك حتى تهدأ الأوضاع.
واتفق عبدالله الشرقاوي، بائع لب وسوداني، مع ما قاله أحمد بأن الربح فى ميدان التحرير يربو بنحو 100 % عن الربح الطبيعي، وقال: «الناس فى الميدان أكتر، فالمكسب زيادة»، وأنه فى المليونيات الكبرى يشترى بضاعة بـ250 جنيهاً، ويبيع بـ 150 جنيهاً، ويكمل فى اليوم التالى ما ينقص من بضاعته، وهكذا حتى نهاية الأسبوع، ليحقق خلال هذه الأيام القليلة مكسباً يصعب تحقيقه فى الظروف العادية.
وعند سؤاله عن المخاطر التى يتعرض لها فى الميدان، رد أثناء تحركه إلى مكان الاشتباكات بجوار الجدار الخرسانى بشارع قصر العيني، قائلا: «ياعم خليها على الله»، وتابع :«الناس هنا كتير».
فيما قال عبده مختار، بائع أقنعة وكوفيات، إن عملية البيع والشراء شبه متوقفة خارج ميدان التحرير، لذلك يأتى ببضاعته للميدان، وإنه يحقق ربحاً يزيد عما يحققه خارج الميدان بنسبة 50% وأكثر.
وأشار عبده إلى أنه لا يوجد أحد يفرض «إتاوات» على البائعين الجائلين فى الميدان، إلا أنه أوضح أن أمن الميدان قد يأمر البائعين بالوقوف فى أماكن معينة، مؤكدا أن باعة الميدان ليسوا بلطجية بل ناس غلابة جايه تبيع تحت خط النار علشان تاكل عيش بعيد عن البلدية، لكن من الممكن أن يكون فيه ناس مدسوسة وسطنا من البلطجية.
وقال عثمان محمود، أحد المتظاهرين، إن الباعة الجائلين يحققون مكاسب طائلة فى ميدان التحرير، لذلك لا يغادرونه مهما حدث، مشيرا إلى أنهم فى المظاهرات الحالية ضد مرسي، وفى المظاهرات السابقة التى نظمها القوى الإسلامية كانوا ضد القوى المدنية، مستطردا :«بياكلوا عيش على قفا الكل».
وأضاف عثمان أن عدداً كبيراً من المتظاهرين يكسلون الخروج من التحرير للجلوس على مقهى لشرب شاى أو شراء طعام، لذا يشترون من الباعة الجائلين المتواجدين بالميدان، مشيرا إلى أنه كلما زاد عدد المحتجين بالميدان زاد مكسب الباعة الجائلين، وأن الباعة يتكيفون مع كل المراحل، فإذا كان هناك ضرب قنابل مسيلة تجد من يبيعون الكمامات، وعندما ظهرت ظاهرة «البلاك بلوك»، انتشر باعة الأقنعة.
كتب – إسلام الكلحى








