بقلم: رولا خلف
كان رد فعل سوريا على الغارة الجوية الإسرائيلية التى استهدفت منشأة عسكرية صامتاً يفتقر إلى التهديدات الصاخبة بالانتقام، وقد أكدت إسرائيل من جانبها على مسئوليتها عن تلك الغارة ولكن الرسالة التى وجهتها لحلفائها تحتوى على عدم رغبتها هى الأخرى فى تصعيد الأمور.
ولكن حقيقة أن الرئيس السورى بشار الأسد، الذى يفقد قبضته باضطراد على الدولة فى مواجهة الثورة التى اندلعت ضده منذ عامين، تجاهل احتمالية تصدى الأسد للتحذيرات الإسرائيلية المتكررة حيال نقل صواريخ مضادة للطائرات إلى حليفه اللبنانى حزب الله وهو ما يعد أمراً مقلقاً فى حد ذاته جنباً إلى جنب مع استعداد إسرائيل للهجوم، قد لا يكون هناك تصعيد فورى للأمور ولكن المخاطر الواقعة على سوريا تزداد حدتها.
يصبح جيران سوريا مع كل شهر يمر أكثر انفعالا نتيجة لازدياد مخاطر تعرضها لانتقال عدوى الصراع اليها، وعلى الرغم من أن إسرائيل فى حالة حرب بالفعل مع سوريا فإنها كانت على الأقل تعتبر الأسد عدوا أليفا بالنسبة لها، ومع غرق سوريا فى الفوضى وإمكانية سقوط الأسلحة الكيميائية والبيولوجية فى أيدى الثوار نظرا لفقدان النظام للمزيد من سلطاته قد تكون إسرائيل على قناعة بأن المزيد من الهجمات العسكرية ضد سوريا فى وضعها الراهن أمراً ضرورياً.
يبدو أنه من المستحيل تفادى الصراع الاقليمى حيث أنه لا يوجد أى بريق أمل لوضع حد للحرب فى سوريا، حتى اذا سقط الأسد فى غضون الأشهر القليلة المقبلة فإن الأضرار التى ألحقتها وحشيته بسوريا سوف تستمر طويلا، فالرئيس السورى على يقين بأن موته لن يكون الا على حساب انهيار البلاد.
يشير الانقسام الذى يعانيه الثوار إلى احتمالية كون سوريا تحت حكم الميليشيات فى أعقاب تفكك نظام الأسد بدلاً من تركها تحت حكم أى حكومة متماسكة، فسوف يتنافس العديد من القوات الثورية ويعنى بدء الصراع على الدولة الجديدة نشوب مواجهة مع الجهاديين وجبهة النصر التى حققت نجاحات عسكرية ضد الأسد.
ويزيد خطر الانتقام الطائفى وخاصة ضد الأقلية من الطائفة العلوية من تعقيدات مرحلة الانتقال السياسى فى سوريا فى حالة سقوط الأسد جنباً إلى جنب مع الصراع الذى بدأ فى الظهور بالفعل بين الأكراد والعرب، كما أن الشعور بالاستياء تجاه الغرب واضحاً مثل الشمس فى مجتمع يشعر بتخلى العالم عنه يجلب تحدياً آخر للمرحلة الانتقالية.
أصبحت سوريا، أيضا، ساحة قتال للصراع الاقليمى حيث تظهر ايران ومنافساتها من دول الخليج والمملكة العربية السعودية خلافاتها، وهناك تنافس على النفوذ مع المعارضة السورية بين تركيا وقطر والمملكة العربية السعودية الداعمين الرئيسيين للثوار بالتمويل والأسلحة.
يقول سمير الطاقي، المستشار السابق للحكومة: كل اللاعبين الاقليميين مشتركين فيما يحدث الان فى سوريا وقد يزداد الامر سوءا، ويعتمد الخروج من هذه الأزمة على مدى استعداد المجتمع الدولى على تحويل سوريا إلى ساحة مفتوحة لتفريغ جميع الأزمات فى المنطقة.
خاطر معاذ الخطيب، زعيم المعارضة السياسية، بمعاداة نظرائه من خلال الموافقة على إجراء محادثات فى ظل الاوضاع الحالية، وهو ما يسقط جوهر موقف المعارضة الذى تمسكت به منذ فترة طويلة، وهو ضرورة رحيل الأسد أولاً، وفى نهاية الأسبوع الماضي، قابل الخطيب أيضًا وزيرا الخارجية الروسى والإيراني، وهذا تحرك آخر كان دائما ما يرفضه.
المعارضة محقة فى إظهار بعض المرونة ولكن ليس من المرجح أن تضع الدبلوماسية حداً للأزمة السورية، حتى لو وافق الاسد على التفاوض بشأن انتقال سياسى سيكون هدفه استغلال العملية والتى يعلم جيداً انها لن تنجح الا فى حالة خروجه وليس إتمام تدمير سوريا.
إعداد: نهى مكرم
المصدر: فاينانشيال تايمز







