اتّسم سوق الاكتتاب العام الأولي (IPO) بالاستقرار النسبي في دول اعضاء مجلس التعاون الخليجي السته ، من خلال اكتتابين بقيمة 250 مليون دولار شهدها الربع الأخير من عام 2012 مقارنة بالربع الثالث من عام 2012 الذي شهد اكتتاباً واحداً بقيمة 252 مليون دولار.
ووفقا لمؤسسة ” بي دبليو سي” ارتفع إجمالي العائدات من عمليتي الاكتتاب التي شهدها الربع الأخير من عام 2012 بواقع 15% عن قيمة العائدات التي تحققت من عمليات الاكتتاب الثلاث التي شهدها الربع الأخير لعام 2011 بإجمالي 212 مليون دولار، محققاً تحسناً متواضعاً عن العام المنصرم. وكانت إحدى عمليتي الاكتتاب في الربع الأخير لعام 2012 لصالح شركة دلّة للخدمات الصحية القابضة، ومقرها المملكة العربية السعودية، التي جمعت 144 مليون دولار بينما كان الاكتتاب الآخر من نصيب بنك العز الإسلامي من سلطنة عمان محققاً 106 مليون دولار.
وبالنظر إلى أداء سوق الاكتتاب العام الأولي لعام 2012 في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، فقد تم طرح تسعة اكتتابات عامة أولية بقيمة 1,684 مليون دولار محققة ارتفاعاً كبيراً قدره 113% من حيث قيمة الطرح مقارنة بعام 2011 الذي شهد نفس عدد الاكتتابات بقيمة 789 مليون دولار. وكان للربع الثاني لعام 2012 الأداء الأقوى في سوق الاكتتابات العامة الأولية من حيث عدد وقيمة الاكتتابات محققاً أربعة اكتتابات بإجمالي 1,104 مليون دولار بارتفاع 77% عن إجمالي العائدات في الربع الأخير من نفس العام.
وقالت “بى دبليو سى” استحوذت المملكة العربية السعودية على النصيب الأكبر من سوق الاكتتابات العامة الأولية حيث شهدت سبعة اكتتابات بقيمة 1,420 مليون دولار، محققةً بذلك 84% من إجمالي عائدات الاكتتاب في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي خلال العام 2012. أما الاكتتابين الآخرين فكانا من نصيب سلطنة عمان موزعين على الربعين الثاني والأخير من نفس العام بمجموع عائدات 264 مليون دولار. وشهدت سوق تداول للأسهم السعودية أكبر الاكتتابات العامة الأوليّة في عام 2012 حيث تصدرت القائمة مجموعة الطيار للسفر بإجمالي عائدات 365 مليون دولار يليها مباشرة شركة الخطوط السعودية للتموين التي حققت 354 مليون دولار. وقد تجاوزت طلبات الشراء عدد الأسهم المكتتبة من كلتا الشركتين ولا يزال أداؤهما قوياً في تعاملات السوق.
وعلى صعيد دولة الإمارات العربية المتحدة، فقد خيّم الركود على أسواق المال الثلاث في الدولة خلال العام 2012 من حيث نشاط الاكتتابات العامة الأوليّة مقارنة بالعام السابق الذي شهد ثلاثة عمليات طرح أولي. ا الا أن الأسواق فقد شهدت في نفس العام عمليتي طرح أولي خارج الاسواق المحلية لشركتين من دولة الامارات .حيث قامت شركة إن إم سي هيلث بإدراج أسهمها في سوق لندن للأوراق المالية محققةً 187 مليون دولار، بينما أدرجت شركة أميرة نيتشر فودز أسهمها في سوق نيويورك للأوراق المالية بقيمة إجمالية 90 مليون دولار.
وقال ستيفن دريك، رئيس قسم أسواق المال لدى بي دبليو سي في منطقة الشرق الاوسط : “لقد واصلت أسواق رأس المال في المنطقة مواجهة بعض الصعوبات في عام 2012 نظراً للانخفاض العام في نشاط عمليات التقييم وأسعار الأسهم خلال ذلك العام. فعلى الرغم من ارتفاع العائدات من الاكتتابات العامة الأولية خلال عام 2012، فإن عدد الاكتتابات العامة الأوليّة المنخفض نسبياً يُعد مؤشراً على استمرار انخفاض الطلب على شراء الأسهم كواحدة من فئات الأصول.
ومن خلال قراءة مستقبلية للعام 2013، فإننا نتوقع بشكلٍ كبير أن نرى أسواق المال في المنطقة تّتبع نفس التوجهات العالمية. وحتى نرى تحسناً ملموساً في أسواق المال الأكثر تقدماً، فإنه يمكننا على الأرجح أن نتوقع حدوث انخفاض في حجم الاكتتابات العامة الأوليّة في المنطقة.
وقد تكون المملكة العربية السعودية الاستثناء الوحيد من ذلك حيث لاحظنا تحقيق بعض المكاسب الإيجابية في سوق تداول السعودية في النصف الثاني من عام 2012، وهو ما قد يعد أفضل انعكاس لما شهدناه هنا في بي دبليو سي من تنامي الاهتمام بسوق الاكتتاب العام الأولي في المملكة. وإذا حافظت عمليات التقييم على نشاطها النسبي في عام 2013، فسوف نشعر بمزيد من التفاؤل تجاه نشاط الاكتتابات في المملكة انطلاقاً من رؤيتنا بوجود إقبال غير معلن من جانب الجهات المُصدّرة للأسهم.”
وفي أوروبا، فقد تزايدت عائدات الاكتتابات العامة الأوليّة بأكثر من سبعة أضعاف على أساس سنوي في الربع الأخير لعام 2012 محققة الأداء الأقوى منذ الربع الثالث لعام 2011 الذي شهد 121 اكتتاباً بقيمة إجمالية 12.4 مليار دولار. وتم طرح 70 اكتتاباً بقيمة 10 مليار دولار في الربع الأخير لعام 2012 في مقابل 78 اكتتاباً بقيمة 1.2 مليار دولار في نفس الفترة من العام السابق. وشملت أكبر عمليات الطرح خلال ذلك الربع أسهم شركة دايركت لاين وشركة ميغافون في لندن وأسهم شركة تالانكس وشركة تيليفونيكا دوتشلاند في ألمانيا حيث بلغت قيمة عمليات الطرح ما نسبته 57% من العائدات المتحققة خلال الربع.
و بالنظر إلى كافة عمليات الطرح خلال العام، فقد شهد عام 2012 بعض التحديات حيث تم طرح 263 اكتتاباً لم تحقق سوى 14.5 مليار دولار بالمقارنة مع 430 اكتتاب في العام السابق بقيمة إجمالية 35.4 مليار دولار، بانخفاض قدره 59% في قيمة الاكتتابات. كانت سوق لندن أكثر الأسواق استحواذاً على الاكتتابات العامة الأوليّة في أوروبا خلال عام 2012 بإجمالي 73 اكتتاباً بقيمة 6.8 مليار دولار على عكس عام 2011 الذي استحوذت فيه السوق على 101 اكتتاب بقيمة 18.8 مليار دولار مدعوماً بأسهم شركة غلينكور التي حققت 9.2 مليار دولار في اكتتابها العام الأولي. وبعد الهدوء الذي ساد فصل الصيف، أنهت سوق لندن العام بقوةٍ محققةً 26 عملية طرح بقيمة 5.2 مليار دولار في الربع الأخير من العام في مقابل 17 اكتتاباً بقيمة 1.1 مليار دولار في نفس الفترة من العام السابق.
وبالنسبة لأسواق السندات في دول مجلس التعاون الخليجي فقد انخفض الأداء عمّا كان عليه في عام 2011 نظراً لتراجع الإصدارات الحكومية مقارنة بالعام السابق. اذ واصلت الإمارات العربية المتحدة تربّعها على عرش سوق السندات التقليدية بإصدارات كبيرة في السندات السيادية و المؤسسية على حدٍ سواء خلال الربع الأخير من العام 2012 حيث أصدرت شركة أبوظبي الوطنية للطاقة (طاقة) ً سندات مؤسسية بقيمة 2 مليار دولار موزعةً على شريحتين بآجال استحقاق في عامي 2018 و 2023، على التوالي. وكان أيضاً من بين أبرز الإصدارات في دولة الإمارات السندات السيادية المُصدّرة من قبل شركة الاستثمارات البترولية الدولية المملوكة للحكومة حيث بلغت قيمة هذه السندات 2.9 مليار دولار موزعةً على ثلاث شرائح. وعلى صعيد الدول الخليجية الأخرى، فقد حافظ بنك الكويت المركزي على نشاطه المعهود في الربع الأخير من عام 2012 بإجمالي إصدارات سيادية بقيمة 3.8 مليار دولار بفترات استحقاق قصيرة الأجل تتراوح بين ثلاثة وستة شهور.
واختتم سوق الصكوك تعاملات العام بأداء قوي في الربع الأخير ليعكس تنامي ثقة المستثمرين في فئات الأصول. وأصدر مصرف أبوظبي الإسلامي شريحة أولى من الصكوك الهجينة الدائمة- هي الأولى من نوعها- بقيمة مليار دولار في نوفمبر 2012 بعائد 6.375%. وتلقى المصرف طلبات اكتتاب تجاوزت عدد الصكوك المصدرة بـ 30 ضعفاً مؤكداً على زيادة الإقبال من جانب المستثمرين. وفي قطر واصل سوق الصكوك نشاطه في الربع الأخير بإصدارين لصكوك مؤسسية لمدة خمس سنوات من قبل بنك قطر الدولي الإسلامي وبنك قطر الإسلامي وحققا 700 مليون دولار و750 مليون دولار، على التوالي. وشهد عام 2012 أيضاً أكبر إصدارات الصكوك من جانب الشركة السعودية العامة للطيران التي جمعت حوالي 5 مليار دولار في بداية العام.
وأضاف ستيفن دريك قائلاً:
“إن معدلات الربح المنخفضة على أدوات الاستثمار المتوافقة مع الشريعة الإسلامية تعتبر أكثر جذباً للجهات المُصدرة لمثل تلك الأدوات في المنطقة حيث إنها تُعد الخيار الأقل تكلفة مقارنة مع الديون التقليدية. إننا نتوقع استمرار هذا التوجه في عام 2013 نظراً لثقة المستثمرين في سوق الديون على خلفية مؤشرات أولية باستقرار الوضع الاقتصادي في منطقة اليورو وهو ما قد يعزز من أداء أسواق الديون في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي.”