سخّرت ( بلاك بيري BLACKBERRY ) جميع ما لديها من إمكانات، في سبيل الإتيان بأحدث هاتف ذكيّ لهذه العلامة التجارية وابتكار نظام تشغيل جديد. فهل يكفي ذلك لإبعادها عن شفير الهاوية؟
رأي المراقبون في إطلاق النظام التشغيلي الجديد ( بلاك بيري 10 ) خطوة بالغة الأهمية للعلامة التجارية بوصفه نقطة الحسم النهائية في نجاحها أو فشلها، وقد بذل القائمون علي الشركة كل ما في وسعهم لإثبات وجودهم رافعين شعار «عمليات تصميم وابتكار وتطوير جديدة»، معلنين عن إجراء تغييرات شاملة لم تقف عند تعديل اسم الشركة من (ريسيرتش إن موشن ـ Research in Motion) إلي ( بلاك بيري )، وانما تعدّته أيضاً إلي الكشف عن الهاتفين الذكيين (زي Z1010-) و(كيو ـ Q10 10) وفيما
لن يكون ( بلاك بيري كيو 10 ) متاحاً أمام المستهلكين قبل بداية الربع الثاني من هذا العام، تم طرح جهاز (زي 10)، الذي يعمل كلياً باللمس، في الأسواق الرئيسية حول العالم مع نهاية شهر فبراير الماضي.
ويتمتع هاتف (زي 10) بتصميم أنيق للغاية ـ إذ يحتوي علي شاشة بقطر 4.2 بوصة وعرض 2.58 بوصة كما يتضمن الهاتف الذكي معالجاً (ثنائي اللب ـ Dual Core) وذاكرة بسرعة 1.5 جيجا هيرتز، و(ذاكرة وصول عشوائي RAM) بحجم 2 جيجا بايت، كما يشتمل علي سعة تخزين داخلية تصل إلي 16 جيجا بايت من (الذاكرة الوميضية القابلة للتوسعة ـ Flash Expandable Memory). وتوجد فيه فتحة (مياكرو أس دي microSD) قياسية لاستيعاب بطاقات بسعة تصل إلي 64 جيجا بايت، ومدخل (ناقل متسلسل عام ـ USB2.0 – 2.0) عالي السرعة وكابل (مايكرو أتش دي أم آي ـ Micro -HDMI) للتوصيل بالأجهزة ويحتوي الهاتف أيضاً علي كاميرا خلفية بدقة 8 ميجا بكسل، قادرة علي تسجيل فيديو عالي الوضوح من نوع (1080 بي)، فيما تشتمل الواجهة الأمامية علي كاميرا بدقة 2 ميجا بكسل، لكنها تصور فيديو عالي الوضوح من نوع (720 بي) فقط.
وبالرغم من ان المكونات المادية لهذا الجهاز تثير الإعجاب حتماً، الا ان خصائص النظام التشغيلي الجديد ( بلاك بيري 10 ) هي الأبرز دون أدني شك، فقد تم تصميم هذا النظام السريع والمعروف باسم ( بلاك بيري فلو ـ BlackBerry ) علي واجهة تتيح تشغيل تطببيقات عدة بتناغم تام. وقد حلت خاصية (gestures) مكان زر (Home) لتصفح المحتويات، من خلال نقرة بسيطة في أسفل الشاشة باتجاه الأعلي. اما الواجهة الرشيقة، التي لا تظهر أي تقاطعات عند استخدام البرامج، فهي تسمح بفتح 8 تطبيقات في آن واحد، لكن ينصح بإغلاق بعض التطبيقات بين الحين والآخر لتوفير الطاقة.
ويقودك النقر باتجاه يسار الشاشة إلي ( ببلاك بيري هاب ـ BlackBerry Hub )، وهي أداة تعمل كنقطة مركزية تجمع بين الحسابات والتطبيقات المختلفة علي هاتفك، إذ سيلاحظ مستخدمو (زي 10) ان بإمكانهم الوصول مباشرة إلي أي ايقونة دون عناء. اما لدي رجال الأعمال، فستتيح لهم خاصية «إشعار الاجتماع المقبل» بالتعرف علي هوية الافراد المشاركين في الاجتماع، كما يمكنهم النقر بسهولة علي اسماء المشاركين لمشاهدة صورهم وبياناتهم ، التي يتم تحديثها باستمرار من خلال لمواقع التواصل الاجتماعي.
كما خضعت (بلاك بيري ماسنجر)، الأداة الاساسية للشركة منذ نشأتها، إلي عملية تطوير شامل، فالنظام الجديد يقدم خاصيتين جديدتين سيكون لهما تأثير مهم بلا شك، بالرغم من احتوائهما علي كمّ كبير من المعلومات وحاجتهما إلي شبكة اتصالات قوية، إذ يتيح ( بلاك بيري ماسنجر ) إمكان عقد مؤتمرات الـ(فيديو المباشرة) عبر الشاشة، فإذا أردت ان تُري اصدقاءك لعبة جميلة قد اعجبتك، فما عليك سوي ان تستخدم خاصية تشارك الشاشة لتعرضها للآخرين، وبالمثل يسمح النظام بتشارك الوثائق وتطبيقات العمل، مما يجعل استخدامه ضروريا لإنجاز الاعمال.
كما تمت كذلك إعادة تصميم واجهة لوحة المفاتيح، وحالما تبدأ بالطباع تتعرف لوحه المفاتيح علي الأحرف وتسارع إلي عرض كلمات مقترحة فوق الحرف التالي، لذا فلن تضطر إلي طباعة الكثير من الكلمات بل ستكتفي بالنقر علي الكلمات المقترحة لانهاء كتابتك ـ وهي خطوة جديدة لافتة في عالم التنبؤ بالنصوص. كما يستطيع المستخدم تحميل 3 لغات مسبقاً، والانتقال من لغة إلي أخري بكل سهولة، إذ ان لوحة المفاتيح تعمل علي اكتشاف اللغة المستخدمة وتعديل النصوص وفقا لها ـ حتي ان كنت في منتصف الجملة. وكي لا تنسي عشاق التصوير، اضافت الشركة خاصية رائعة باسم (تايم شيفت ـ Time Shift) علي تطببيق الكاميرا. إذ تمكن هذه الخاصية المصورين المبتدئين من العودة بالزمن لايجاد الصورة المناسبة بدقة لا تتعدي أجزاء من الثانية وبذلك يمكننا ان نقول وداعاً لتلك الصورة البشعة التي كانت تظهر الاشخاص وعيونهم مغمضة. كما تقوم هذه الخاصية بالبحث عن وجوه الاشخاص وفرزها بشكل فردي، كيم تستطيع تعديل كل منها بسهولة.
كما يقدم نظام التشغيل الجديد حلاً مبكراً لقادة الشركات واخصائيي تقنية المعلومات، فتقنية ( بلاك بيري بالانس ـ BlackBerry Balance ) تتيح للمستخدمين التنقل بسلاسة بين الملفات الشخصية والمهنية، إذ يتم تشفير الملف المهني وحفظه بسرية عالية ويتضمن هذا الملف البيانات والتطبيقات المتعلقة بالعمل والتي لا يمكن الوصول إليها عبر الملف الشخصي، كما يتم محو هذه المعلومات جميعها اذا قرر الموظف ترك العمل لدي الشركة، دون المساس ببقية محتويات الهاتف وبياناته الشخصية.
لكن بالرغم مما تقدم هناك القليل من العيوب البسيطة التي تمنع هاتف (زي 10) من بلوغ درجة الكمال، وكما هي الحال مع الهواتف الذكية المنتشرة في الاسواق، لايزال عمر بطارية (زي 10) غير مثالي، إذ يصل إلي 13 يوماً في وضعية الانتظار و10 ساعات في حال التحدث عبر الهاتف، كما ان الاستعمال المكثف يتسبب في نفاد شحن البطارية سريعا، مع ان حل هذه المشكلة بسيط، ويكمن ببساطة في ترشيد الاستعمال.
اما العيب الثاني في هذا الجهاز ـ والمتمثل في كثرة المزايا وتشعبها ـ فقد يكون في الوقت ذاته أكبر نقاط القوة فيه. فيما يتعلق بالمستخدم العادي الذي كان يتعامل في السابق مع واجهة الاندرويد أو نظام (أي أو أس ـ iOS) من أبل، فقد يستغرق الأمر بعض الوقت للتأقلم مع أسلوب (gesture) الحركي، وفي التعرف بشكل كامل علي خصائص هذا الهاتف الذكي جميعها، لكن ذلك ليس سبباً قوياً يمنع من اقتناء (زي 10).
من الصعب التخيل بأن هذه الشركة المصنعة للهواتف النقالة، والتي اكتفت بدور المتفرج طيلة 18 شهراً دون ان تأتي بمنتج جديد، قد تقفز إلي الطليعة مجدداً بفضل هاتف ذكي واحد. لكن علينا الاعتراف بأن فريق بلاك بيري قد تحلي بجرأة كبيرة ونجح في طرح منتج مثير للإعجاب قد يمكن الشركة من استعادة الثقة في المستقبل القريب، غير ان النجاح الحقيقي لهاتف (زي 10) سيكون رهنا برغبة المستهلكين في اقتناء هذا الهاتف، وبالتالي تحمل نفقات شراء باهظة. لكن بوجود هذا المزيج الرائع من المواصفات اللافتة ونظام التشغيل المبتكر، لاشك في ان العديد من محبي الهواتف الذكية سيقبلون علي شراء هذا المنتج الفريد، مساهمين بذلك في استعادة (بلاك بيري) لأمجادها السابقة.








